![]() |
الإيمان باليوم الآخر أساس التوجه
الإيمان باليوم الآخر أساس التوجه إن للإيمان باليوم الآخر أثراً واضحاً في حياة البشرية، إذ تنشأ سلوكيات المجتمع أو الأفراد بما يتوافق مع حقيقة التصوّر لليوم الآخر، وهذا ما يجعل المجتمع أفراداً وجماعات ينظمون حياتهم اليومية وفق نظرتهم الأخروية وتضعف صلتهم أو تقوى به من منطلق عمق الإيمان أو ضعفه، وقد أشرنا إلى تأثير الإيمان في سلوكيات المجتمع وربطه بالمفاهيم العامة التي يقوم عليها التصور العام لدى أهل الإيمان بما يدمج بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة من خلال تسخير العلاقة الدنيوية لما يتوافق مع طبيعة الحياة الآخرة، إلا أننا في هذا المقال نلقي الضوء على أهمية الإيمان باليوم الآخر وتأثيره إيجاباً في سلوكيات المؤمنين، خاصة أن النصوص الشرعية أبرزت الجانب المتعلق باليوم الآخر وربطته بشكل مباشر بسلوكيات الأفراد كما في قوله تعالى : ( وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُوْلَـئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَـلَمِينَ ) . فهذه الآية الكريمة تلقي الضوء على العلة الأصلية التي من أجلها أقبل الناس على الغش والخداع وحب الذات، وهي عدم الإيمان بالبعث، وإلا فإنهم لو كانوا يؤمنون حقيقة بالبعث واليوم الآخر الذي هو يوم الجزاء لما وقعوا فيما وقعوا فيه من إثم وتطفيف، بل لكانوا على خلاف ذلك كما ثبت أثراً في صحيح الإمام مسلم من طريق الشعبي عن جرير قال : بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة , فلقنني " فيما استطعت , والنصح لكل مسلم " ورواه ابن حبان من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جده وزاد فيه : فكان جرير إذا اشترى شيئا أو باع يقول لصاحبه : اعلم أن ما أخذنا منك أحب إلينا مما أعطيناكه فاختر . وروى الطبراني في ترجمته أن غلامه اشترى به فرسا بثلاثمائة , فلما رآه جاء إلى صاحبه فقال: إن فرسك خير من ثلاثمائة , فلم يزل يزيده حتى أعطاه ثمانمائة . فإن جريراً رضي الله تعالى عنه فهم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن إعطاء الناس حقوقهم وعدم إنقاصهم أشياءهم من النصح لكل مسلم الذي هو من صميم الإيمان باليوم الآخر، وهذه مسألة قائمة على أصل من أصول ديننا الحنيف وهو النصيحة كما في حديث أبي تميم بن أوس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، وللأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه البخاري ومسلم.فجعل صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( الحج عرفة). أي وإن كان في الحج أعمال غير الوقوف بعرفة، إلا انه يبطل كلياً مع عدم الوقوف بعرفة، وكذلك فإن الدين لا يستقيم في سلوكيات المسلمين حتى تكون النصيحة منهجاً واضحاً في حياتهم، فكيف إن كان الأمر خلاف ذلك؟ وهذا ما يستفاد من العلة المرتبطة بالتطفيف وهي قوله تعالى: ( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون) وهذا ما يجلي الموقف العام للصحابة رضي الله تعالى عنهم في خروجهم عن النمط العام للحياة التي كانوا عليها من جاهلية نكراء سوداء مظلمة، إلى حياة نورانية مضيئة رغم ما واجهوه من مجاهدة مادية ومعنوية في مخالفة ما عليه أقوامهم، حتى أصبحوا متميزين لا يعرف لهم مثيل وقد سجل تاريخهم صوراً هي من أروع صور التضحية والبطولات التي لا يكاد مجتمعنا الحالي يعرفوها إلا من خلال تلك الروايات المنقولة عن سلفهم الصالح بعيدا عن واقعهم العملي، مما جعل المسلمين يعيشون في تناقض واضح بين المعرفة والعمل.ولا ريب أن الإيمان حياة نورانية يأبى أصحابه العيش في ما يناقضها ويدحضها كما في قوله تعالى : (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .فلا يكاد من رأى النور أن يرجع إلى الظلام بعد ما عايش تناقضاته وأوجاعه ومخالفته للعقل والفطرة، ومضاره لصحيح العادات والتقاليد، وتأثيره سلباً على طبيعة الحياة بشكل عام، على خلاف أهل الكفر والإلحاد الذين جعلوا من الظلم والظلام مصدر انطلاق لهم، وعمدوا إلى ما يبطل الحقائق والسلامة بل ناصبوه العداء بغية الصد عنه وتنحيته من الواقع ليحل الفساد وتنتشر الرذيلة، ولو كانوا حقيقة يؤمنون بأن بعد الموت حياة، وبعد الحياة ثواب وعقاب، لما خرجوا عن ما ينفعهم في الآخرة ليغمسوا أنفسهم فيما فيه هلاكهم وعذابهم في الدنيا والآخرة، ومن هنا يأخذ الإيمان باليوم الآخر دوراً فاعلاً في حياة البشرية إذ ينظم الناس علاقاتهم بما يتوافق مع حقيقة إيمانهم باليوم الآخر، وكما هو معلوم بالضرورة انه من الاستحالة بمكان أن يخالف المؤمن باليوم الآخر حقيقة ما ينفعه، أو يقبل على ما يضره إلا من خلال تناقض واضح دفعته إليه الشهوة ولا إرادته الإيمانية، على خلاف المؤمنين حقاً فهم لا يخالفون بأعمالهم إيمانهم ولو نتج عن ذلك هلاكهم الدنيوي كما هو مصور تصويراً دقيقاً من خلال قصة أصحاب الأخدود الذين اختاروا الموت بأبشع صوره طمعاً بما عند الله سبحانه وفراراً من جحيم الآخرة التي لا تقارن بحال مع نار الدنيا قال تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) .وفي صحيح مسلم عن صهيب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر، فبعث إليه غلاما يعلمه، فكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم أعلم آلساحر أفضل أم الراهب أفضل، فأخذ حجرا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحبّ إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي.وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن بالله فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من رد عليك بصرك، قال: ربي قال: ولك رب غيري قال: ربي وربك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجيء بالغلام فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمئشار فوضع المئشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى فوضع المئشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك قال: كفانيهم الله فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك قال: كفانيهم الله فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل: باسم الله رب الغلام، ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: باسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات فقال الناس: آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام فأتى الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخُدّت وأضرم النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق ) .فلم يكن موقفهم هذا إلا نتيجة إيمانهم باليوم الآخر، وقد تقررت هذه التضحيات في كثير من مواقف أهل الإيمان من أنبياء ومتبعين قال تعالى: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ*وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) لذا نجد من الغرابة أن يضحي الفرد والمجتمع بأعظم شيء يحرصون عليه لإيمانهم الحقيقي بأن ما أدبروا عنه من حظوظ الدنيا لا يعد شيئاً بالنسبة لما يساقون إليه من الخير، وقد يندهش المرء عندما يجد نفسه أمام قصة فرعون مع السحرة الذين جمعهم ليتخلص من نبي الله موسى عليه السلام ودعوته التي أقلقت مضجعه، وشتت عليه مجلسه، قال تعالى حاكيا عن موقف السحرة مع فرعون عليه من الله ما يستحق: (فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون * فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون *فألقي السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون * قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين * قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين ) .وهكذا فإن مجريات أحداث القصة تبين أن السحرة ما أسرعوا إلى إجابة فرعون لما دعاهم إليه إلا طمعاً بما عنده من حظوظ النفس، كما في قوله تعالى: ( فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ).ولكنهم سرعان ما تحولوا عن كفرهم وطمعهم فيما عند فرعون، إلى أعداء ظاهرين له، متابعين موسى على منهجه الحق لما جاءهم من الهدى وعرفوا أن ما عند فرعون يفنى ويزول، وما عند الله سبحانه من خير دائم باق، وكل هذا حقيقة نابع عن إيمانهم باليوم الآخر وتصديقهم برسالة موسى عليه السلام، وإلا لما كانوا أعرضوا عن ما عند فرعون من الخير والقرب لمجرد سراب، فلا يعقل أن يقع هذا ممن تشده غرائزه، وتغويه شهواته، ولكن الانقطاع عن نعيم الدنيا والإعراض عنه حتى مع ترتب بعض الأذى والمشقة على النفس لدليل على وجود قوة كبيرة تدفع اتجاه ما وقر في القلب من تصديق بالغيب الذي أخبر به الرسل، كما حدث مع أصحاب الأخدود وأتباع موسى عليه السلام الذين كانوا قبل ذلك سحرة مفسدين، فقد ضحوا بأرواحهم في سبيل الله سبحانه وقد عرضت عليهم الدنيا بنعيمها وجمالها فأبوا إلا ما عند الله سبحانه لإيمانهم الحق أنه هو النعيم المقيم والصراط المستقيم، وتتجلى هذه الصورة أيضاً كما في صحيح البخاري رحمه الله تعالى من حديث خباب بن الأرت رضي الله تعالى عنه قال: (شكونا إلى رسول الله وهو متوسد ببردة له في ظل الكعبة فقلنا ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا فقال قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ).والسبب المباشر في عدم رجوع أولئك عن دينهم هو إيمانهم بالغيب وحرصهم على تحصيل ما أعد لهم المولى سبحانه جل في علاه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من الخير والنعيم والفضل، ومن هنا كان الإكثار من ذكر اليوم الآخر في نصوص الكتاب والسنة لما يتضمنه من تقييم لسلوك الفرد والجماعة والمجتمع على حد سواء، فتنسجم الأعمال بما يتوافق نصاً وروحاً مع الحياة الآخرة، على خلاف واقع الأمة في هذا الزمان فإن توجهاتها لا تعدو عن ما يتحقق من خلاله مصالحها في الدنيا بعيداً عن الآخرة مما أوقعها كما قلنا في تناقضات واضحة جعلتها في مؤخرة الركب توصف بالعالم الثالث بعد ما كانت في مقدمة الأمم في كافة شؤون الأمور الفكرية والمادية والعلمية والثقافية باتت كما صورها رسولها صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح إذ قال: (يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت ) . والطريق الأوحد لرجوعها إلى ما كانت عليه من الخير والفضل، هو من خلال إيمانها باليوم الآخر وتنظيم سلوكياتها بما يتحقق فيه مصلحتها الأخروية التي إن سعت لتحقيقها تحقق لها خير الدنيا والآخرة كما في قوله تعالى : (فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين ) قوله تعالى : فآتاهم الله أي أعطاهم ثواب الدنيا ، يعني النصر والظفر على عدوهم . وحسن ثواب الآخرة يعني الجنة . وقرأ الجحدري " فأثابهم الله " من الثواب . والله يحب المحسنين . نسأل الله العلي القدير القبول وصل اللهم وسلم على محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم . نشمي المنتدى |
|
مشكورة على المرور
|
بارك الله فيك على الطرح
لك مني كل تحية وتقدير جهود تستحق الشكر عليها بالفعل |
بارك الله فيك وجزاك كل خير
|
بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك شكرا على الإفادة والطرح |
جزاك الله عنا كل خير
وجعله في ميزان حسناتك اخي جمال سلمت بروعتك تحيات لك |
بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك شكرا على الإفادة والطرح |
الساعة الآن 03:01 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |