منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القرآن الكريم والأحاديث وسيرة الأنبياء والصحابة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   تفريغ سلسلة أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=20228)

hakimnexen 2 - 12 - 2011 02:39 PM

تفريغ سلسلة أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله
 
بسم الله الرحمن الرحيم
برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
الدرس [1]
المحاور: السلام عليكم ورحمة الله والصلاة والسلام على رسول الله r أحبتي في الله: كل عام وأنتم بخير وإلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم أندى العالمين برنامج سيكون مع فضيلة الشيخ العلامة المحدث أبي إسحاق الحويني حفظه الله ، السلام عليكم فضيلة الشيخ ، كل عام وأنت بخير.
قصة البرنامج: قدرها اللهI بشكل لم يكن متفقا عليه بيني وبين الشيخ حفظه الله ، مكالمة هاتفية أقول للشيخ أريد عمل برنامج (الناس والنبي) فقال لي الشيخ هذا الاسم ليس جيدًا قلت له نختار اسم ونريد أن نسجل مع حضرتك خمس حلقات إذا وفقنا ومع كل شيخ سنختاره تقول لنا على بعض المشايخ ترشحها نسجل مع كل شيخ خمس حلقات ، و استرسل الشيخ في الحديث معي وقال لي بيتين شعر ، وهما تتر مقدمة البرنامج نفسه ، ثم بدأ الشيخ يسترسل قرابة الساعة يكلمني على البيتين وما معناهما، فلما قال لي ما رأيك أن نسمي هذا البرنامج (أندى العالمين ) كلما قلت لأحد سأعمل مع الشيخ برنامج اسمه أندى العالمين أجد الكل يتوقف ولا يفهم المعنى ومعنى كلمة أندى العالمين ، وهذا الذي جعلنا نتفق مع فضيلة الشيخ أعطاه الله الصحة والعافية ووافق مشكورًا أن نتحرك في هذا المعنى مع الناس في شهر رمضان حتى يكون الكلام عن النبيr مختلف قليلًا وبعيد عن الأشياء الدارجة في الأحاديث ، والشيخ يرى أننا يجب أن نرتقي في الحديث عن النبيr بشكل يكون أقرب للناس وأوضح للناس ، وهذه كانت قصتي مع الشيخ في بداية الكلام عن البرنامج ، لكن اسمحوا لي أن أبدأ مع الشيخ وأقول له: فضيلة الشيخ لم أكلم أحد عن اسم البرنامج إلا وتوقف عند معناه ولا يفهم ما معنى أندى العالمين ، وكل واحد أقول له ضع كلمة ندى وضع أمامها ألف في التليفون حتى يبدأ يفهم معي ما معنى أندي العالمين ، ليتك شيخنا تشرح لنا البيتين اللذين قلتهما لي حتى نستطيع أن نوصل للناس فكرة أندى العالمين
الشيخ حفظه الله: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهr ، هذا البيت.

ألستم خير من ركب المطايا
وأندى العالمين بطون راحي
هذا بيت من قصيدة مدح بها جرير بن عطية عبدالملك بن مروان ، وجرير هو صاحب النقائض مع الفرزدق ، فلما وصل جرير إلى هذا البيت كان عبدالملك بن مروان متكئًا فجلس وقال: كيف قلت ؟ فأعاد عليه هذا البيت مرة أخرى ، فقال: من كان مادحًا فليمدح بمثل هذا ، وقرأت لبعض العلماء المتقدمين هذا أمدح بيت قالته العرب.

ألستم خير من ركب المطايا
وأندى العالمين بطون راحي
والبحر نفسه الذي اختاره جرير لهذه القصيدة البحر الوافر وهذا من أمتع البحور في تفعيلاته .

ألستم خير من ركب المطايا
وأندى العالمين بطون راحي
الشاعر الموفق هو الذي يختار البحر ليبرز به المعنى ، لذلك حتى القصيدة نفسها ، عندما قرأتها شعرت أنني أتمايل، فمعنى البيت يقول له: أنتم خير من ركب المطايا ولا يستغني أي إنسان أن يركب مطية فكأنه قال: أنتم خير العالمين .
وأندى العالمين بطون راحي
الندى: هو البلل الخفيف ﴿ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ﴾(البقرة:265)الطل هذا هو الندى ، والندى يطلق على الجود والكرم وعلى السخاء فيقول: أنتم...
أندى العالمين بطون راحي
الراح: راحة اليد ، كف الإنسان له ظهر وبطن بطن اليد هذه اسمها الراح راحة اليد ، لأن الإنسان إذا أراد أن يعطي أحدًا إنما يعطيه براحة يده لا يضع الدرهم ويقذفه في وجهه أي مثلًا بظهر يده .
وأندى العالمين بطون راحي
أي أنتم أكرم الناس في العطاء والعطية ، أنا عندما قرأت هذا البيت قلت: هذا لا يستحقه إلا النبي r .
المحاور: وهل كان جرير بن عطية يقصد أنه يكلم عبدالملك بن مروان بهذا البيت لشخص عبدالملك بن مروان أم كان هناك تصور عند عبدالملك بن مروان أنه أيضًا كما ذكرت لفضيلتك أنه من مدح فليمدح يمكن البيت هذا لا يصح إلا للنبي r ؟
الشيخ: لا ، لا ، هو أراد بالعكس أراد أن يقول: أنك بلغت الغاية في مدحي ، فمن كان مادحًا فليمدحني على قدر مكانتي هذا أمير المؤمنين فعندما تمدح أمير المؤمنين لا تساويه بالناس ، مثل النابغة يقول له:
فإنك شمس والملوك كواكب
فطبعًا أيضًا أعلاه جدًا ، فأراد أن يقول: من أراد أن يمدحني فليمدحني بمثل مكانتي ، لا أنه قصد النبي r لكن أنا بيني وبين نفسي قلت: أول ما قرأت هذا البيت وأعجبني وأحسست بأريحية في قلبي من جهته قلت أنه لا يستحق هذا إلا النبي r ، ولذلك أنت عندما كلمتني عن البرنامج جاء اسم البرنامج عفوًا ، وخطر على بالي بيت جرير بن عطية هذا ، والحقيقة أنا لا أخفي إعجابي أنا بهذا العنوان ، أندى العالمين هو r نداه تفرق في كل الشعاب .
المحاور: إذ انتقلنا يا فضيلة الشيخ إلى مسألة الأسوة إذا كنا نتكلم عن أندى العالمين ، والمعني الذي تذكره فضيلتك أننا نرى أنه فعلًا لا يستحق هذا الوصف إلا سيد الخلق r نتصور دائمًا أن الإنسان الذي تكمل فيه هذه الأوصاف وتستحق هذه المزايا العالية والمدح العالي لابد أن يكون في محط أسوة الناس تتأسى به تنظر له بهذا الشكل ، هل تري فضيلتك أن مسألة التأسي بالنبي r ضعفت في هذه المرحلة في حياتنا لدرجة أننا لا نلتفت إلى هذه المعاني ؟
الشيخ: طبعًا لا شك أن هذا المعني ضعف كثيرًا في نفوس كثير من المسلمين ، لأن الله U اشترط شرطين لمن أراد أن يتأسى فتسهل الأسوة عليه ، فقال I:﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(الأحزاب:21) ، ما الذي يجعل الإنسان لا يتأسى ؟ لأن أعماله كثيرًا ما تكون للدنيا ، مثلًا لو أخذنا أي شيء ظاهري ، ولماذا أقول ظاهري ؟ ليس لأنه أهم من الجوهر ، لا الظاهر مع الجوهر يتناغمان في بناء الالتزام ، لكن أنا أقول الظاهر لأنه هو الذي يظهر لنا بخلاف الباطن أنا لا أستطيع أن أقيمه ، فمثلًا أنا لو أخذت اللحية مثلًا كظاهر لسمت المسلم ، لماذا لا يُعفِي أغلب الناس لحاهم ، والنبي r لا أقول أنه التحى أو أعفى لحيته لأنها كانت من سمت العرب أو غير ذلك ، لأنه حض عليها في عدة أحاديث حديث ابن عمر وأبو هريرة وغيرهم من الصحابة .
مما يسهل التأسي علي من أراده:الذي يريد أن يتأسى لو أنه تأسى لله واليوم الآخر سهل عليه هذا ، لكنه دائمًا ينظر إلى مصلحته في الدنيا من وراء التأسي ، فيقول: أنا لو أعفيت لحيتي ممكن أُفصل من عملي ممكن لا أترقى، بعض المعيدين في الجامعات مثلًا كان يقول لي عندما أقول له: لماذا لا تعفي لحيتك ؟ ، يقول لي: لأنني لو أعفيت لحيتي سآخذ الماجستير بدل من أأخذه في سنتين سأأخذه في أربعة مثلًا أو أأخذه في ستة
متى تعفي لحيتك ؟ أنت عندما تأخذ الدكتوراه لن تترقى إلى أستاذ مساعد وأنت تارك لحيتك ، ولو أصبحت أستاذ لن تكون رئيس القسم لو أنت أعفيت لحيتك ، ولو أصبحت رئيس القسم لن تكون رئيس الجامعة لو أنت أعفيت لحيتك ، ولو أصبحت رئيس الجامعة لن تكون وزير التعليم العالي لو أعفيت لحيتك ، إذًا قل لي متى ؟ ، إذًا أنا عندما أنظر إلى الآية ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ وصف الأسوة هنا ، لماذا ؟ لأن في أسوة بالشر بخلاف قوله تبارك وتعالى:﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ(النحل:125) ، فأخلى الحكمة من ذكر الوصف ووصف الموعظة ووصف الجدال ، لأن الحكمة حُسنها ذاتي فإن خلت من الحسن لن تكن حكمة ، ولذلك يقبح أن نصف الحكمة ، هذه اسمها حكمة ، إنما الموعظة ممكن تكون موعظة جافة فلذلك أمرهم أن تكون حسنة ، قالr:« أيها الناس إن منكم منفرين في القول والفعل » .
إذًا الموعظة ممكن أنا وأنا أقف على المنبر وهذه تحدث لي وتحدث لك وتحدث لأي واحد يرقي المنبر ننسى أنفسنا أحيانًا ونوبخ الناس بما نحن واقعين فيه ، الإنسان يأخذ سخونة المنبر وهو يتكلم يَتكلم مثالي جدًا جِدًا وقد لا يكون هو على نفس المستوى الذي يتكلم به أي قدمه تكون أعلى من رأس أي واحد من الجالسين ، فأنا أريد أن أقول: الموعظة ممكن أن تكون جافة وعنيفة وغليظة فأمر المرء أن تكون حسنة ، والجدال لأنه يكون فيه حظ نفس أكد عليه أكثر قال:﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، فلما الله U يقول:﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ يكون فيه أسوة سيئة ، الأسوة الحسنة لا تأتي إلا من النبي r ابتداءًr﴿ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَإذًَا الذي يتأسى بالنبي r ويريد أن يخف الفعل عنه يرجو الله ويرجو اليوم الآخر لأن هذه درجات ،بعض الناس قد لا يستطيع أن يصل إلى هذا المعنى .
المحاور: فضيلة الشيخ أحيانًا الناس تقف عند هذه الكلمة كثيرا ما معنى كلمة ﴿ يَرْجُو اللَّهَ ؟ هل هي الإخلاص أم رجاء ثواب الله في الآخرة ؟
الشيخ: هو يرجو الله يرجو رحمته وثوابه وجزاءه ، هذه المسألة لها نظرية كثير من الناس يقعد يستحضرها ، وكذلك اليوم الأخر ، لكن اليوم الآخر يمكن أن أستحضره لكثرة ما جاء فيه من وصفه وتفصيلاته والجنة والنار وقبل ذلك الوقوف بين يدي الله U والحساب ، فيمكن وعندي درجات أترقى فيها ﴿ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ، فالذي يحقق هذين يسهل عليه أن يتأسى إذا أراد أن يرجو اللهU فلا ينظر إلى الناس ، إذا أراد اليوم الآخر ويعلم أنه لا ينفعه أحد والمساءلة بين يدي الله فردية ولم ينفعه أنه فعل هذا لأجل فلان أوعلان فتسهل عليه الأسوة ، فكل من صعبت عليه الأسوة في أي مجال من مجالات الحياة التي فعل فيها النبي فعلًا وأمر به أو فعل فعلًا ولم يأمر به ، وهذه أيضًا درجات ، إذا صعب عليه ذلك فلينظر وليفتش في نفسه سيجد غالبًا أنه لا يرجو الله بهذا الفعل ولا يرجو اليوم الآخر حتى وإن ادعى بلسانه ، وحتى النبي r في سورة الأنعام ذكر اللهU ثمانية عشر نبيًا وآباءهم وأبناءهم وذرياتهم ثم قال:﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ(الأنعام:90) .
استدل العلماء من هذه الآية: على أن النبي r أفضل الأنبياء جميعًا إذ جمع الله كمالات الأنبياء وجعلها فيه ، لأن كل نبي من هؤلاء الثمانية عشر نبي هؤلاء ومن آباءهم وإخوانهم وذرياتهم ، كل واحد من هؤلاء كان له فضيلة في نفسه تميز بها عن الأخر ، فإذا أخذ النبي r الفضيلة من كل نبي فاجتمع له الخير كله والفضل كله فتم له الكمال بهذه الآية .
المحاور: يمكن هذا المعنى في قوله تعالى ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾(الأحقاف:35) نفس القصة أيضًا في هذه السورة ، فضيلة الشيخ يمكن كثير من الناس تقول كيف أحقق هذه الأسوة ، الكلام النظري سهل إنما المحكات العملية تكون كالفلاتر تقع فيها أناس كثر، كيف يتحول الإنسان ليضع نصب عينيه أن يحقق مسألة الأسوة في رسول اللهr بهذا العمل القلبي أو بهذين الشرطين القلبيين .
الشيخ: المسألة تحتاج أسرع طريق إلى هذا الرفقة ، والنبي r يقول:« المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل » ، على دين خليله أي على ميله وهواه ، فلا يمكن أن تجد رجلاً تقيًا يصاحب رجلًا فاسقًا ، لا يتفقون مع بعض لأن الصفات تختلف ، الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، والعرب تقول الصاحب ساحب ، فإذا أراد المرء أن يأتسي فأول شيء عليه لابد أن يختار الرفقة الصالحة لأن هذا أسرع وسيلة للتأسي .
مع اختيار الرفقة الصالحة التي تسهل على المرء أن يتأسى بالنبي r سنتوقف مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله على وعد بلقاء يتجدد مع فضيلة الشيخ ، دمتم في أمان الله .
انتهى اللقاء الأول نسألكم الدعاء (أختكم أم محمد الظن)

http://www.alheweny.org/aws/
الرابط الصوتي للسلسة

hakimnexen 2 - 12 - 2011 02:42 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
الدرس [2]
المحاور: السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى لقاءنا يتجدد مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني كنا قد توقفنا في اللقاء السابق عند مسألة الأسوة ، والشيخ الحقيقة في إجابته على سؤال :كيف نصل إلى مرحلة التأسي بالنبي r دونما تقاعس ؟ والمسألة تحتاج لفهم الشرطين اللذين ذكرهما ربنا I في القرآن:﴿ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ﴾(الأحزاب:21) ، نكمل حديثنا في هذه الجزئية مع فضيلة الشيخ ، السلام عليكم فضيلة الشيخ .
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
المحاور: تكلمت فضيلتك في قضية في منتهى الخطورة هى التي تصعب التأسي على كثير من المسلمين لما يشعر بشيء من أنه متغير عن جل الناس ،المرأة ترى أن المحجبات قلائل ، الرجل يرى أن كل الرجال ليسوا ملتحين وبالتالي يصعب عليه مسألة أن يتأسى من خلال التغاير الذي يراه عن شرطي التأسي اللذان ذكرهما الله عز وجل في كتابه .
الشيخ: قلت في المرة الماضية أن أسرع وسيلة إلى التأسي الرفقة أو الصحبة ، لأن أصل الإئتساء معناه المداواة والإصلاح ، ولذلك يسمى الطبيب الآسي وليس القاسي الذي يأسو الجراح أي يداويها ، الصاحب ساحب كما كانت العرب تقول ، فأنا الآن كل إنسان على حسب مذهبه فيه رجل يرجو الله واليوم الآخر ، وفيه رجل يرجو الدنيا الذي يرجو الدنيا هذا نحن لن نتكلم فيه أنا أريد أن أتكلم على الذي يرجو الله واليوم الآخر لابد أن ينتقي صحبته ،المجتمع الواسع يكون هو مجتمعي أنا لي مجتمع بسيط أنا أذكر كلام سفيان الثوري - رحمه الله - كان يقول: ( الغربة قوة ) فأنا كنت أستغرب من هذه الكلمة ، أول ما قرأتها، طبعًا على خلاف أن كل الناس يعتقدون أن الغربة ضعف ، طبعًا كنت مستغرب من الكلمة حتى قَلَّبت فيها وجوه النظر في أول طلبي للعلم قرأت هذا الكلام لسفيان ، وبعد ذلك لم أفهمه إلا بعد سنوات طويلة عندما قرع هذا القول قلبي مرة أخرى .
في منتصف السبعينيات أول ما بدأنا الالتزام وإعفاء اللحية ، عندما كانت المحافظة عندي ،محافظة كفر الشيخ لم يكن فيها ملتحين إلا حوالي سبعة كنت أعرفهم بأسمائهم وبلادهم وأعيانهم وأعرف كل شيء عنهم وكان بيننا تواصل قلبي ، وأنا أذكر شيئًا غريبًا جدًا كان لدي دراجة عادية طبعًا هذه كانت أقصى أمنياتي أن يكون لدي دراجة عادية ، وكان أحد أعز أصحابي في الالتزام بيني وبينه حوالي ثلاثة كيلو أو أربعة كيلو متر ، فكنت عندما اشتري الكتب وكنت فقيرًا جدًا آنذاك ، فلما كنت أشتري الكتب كنت أجتهد أن أشتري له نفس الكتاب الذي أشتريه لنفسي كان ممكن استدين ، كان ممكن أأخذه بالقسط وغير ذلك أضع الكتب على الدراجة من الخلف وأربطها ثم انطلق إليه كنت أصل إليه في ربع ساعة ، بعد أن اشتريت سيارة وكنت أذهب إليه بالسيارة في ربع ساعة فأنا لفت نظري ، كيف أنا بالدراجة العادية أذهب في ربع ساعة والسيارة أسير على سرعة مثلًا ستين سبعين على حسب الطريق التراب وغير ذلك وأصل في ربع ساعة ؟ .
عندما قرع هذا المعنى قلبي جلست أفكر ، ما الذي يجعل المسافة الزمنية متساوية ؟ فعلمت وأنا راكب الدراجة كانت المحبة تحملني إليه فكانت تعطيني القوة الحقيقة أن أقطع المسافة في هذه المسافة ، لكن عندما ركبت السيارة أيضًا كان فيه محبة وكل شيء لكن لم أكن أنا الذي أتحرك المحبة كانت تحركني أنا بينما الذي يحرك السيارة الموتور
فأنا أريد أن أقول: كنا قلة فكان فيه نوع من التمايز والمحبة الصادقة ، أنا كنت مع أخي الأكبر - رحمه الله - في ميدان رمسيس ورأيت واحد ملتح في موقف أحمد حلمي فذهبت إليه على الفور وسلمت عليه وأخذته بالحضن وغير ذلك ، وما أخبارك ؟ لا أعرفه أول مرة أراه في حياتي ، من أين أنت ؟ قال لي: أنا من أسوان أخذت اسمه وعنوان ورقم تليفونه وغير ذلك ، فأخي يقول لي: هل هذا صاحبك في الدراسة في الكلية ؟ ، قلت له: لا ، أنا أول مرة أراه ، قال له: والله يا أخي أنتم ستفجروننا هكذا كيف تقابله وتحضنه وفرحان به وأنت أول مرة تعرفه ؟ ، عندما دخل في الصف من ليس منه أنت قلبك أصبح حذرا ، لماذا ؟ ، لأن عندما يدخل في الصف عادة من ليس منه ممكن يكون واحد مدسوس عليك علمت أن الكثرة فيها الضعف وأن الغربة فيها قوة ، ولذلك سفيان الثوري كان يقول: (إذا كان لك أخ سني أنت بالمشرق ولك أخ سني بالمغرب فأرسل السلام فإن أهل السنة غرباء) .
ولذلك الغرباء الأولون من الصحابة، كانوا أقوياء كانوا غرباء ، فكان كل واحد يشعر أن قوته بالالتحام بالآخر ، فالغربة قوة في الحقيقة اليوم مع كثرة الزخم الذي حدث واشتباه الأزياء واشتباه الأشكال وغير ذلك أنت لم تعد تستطيع أن تعطي قلبك لأي واحد،لاحتمال يكون هكذا أو هكذا بالأخص بعد ما الأشياء التي كانت للمخابرات أصبحت هذه هى الأشخاص .
المحاور: يمكن فضيلتك تتكلم بفكرة أيضًا أنه في الوقت هذا في زمن الغربة المتأسي برسول الله r يتأسى عن صدق ، لأنه أحيانًا في زمن الكثرة والمنفعة والدنيا والمصالح قد يحاول الإنسان أن يتأسى بالظاهر لكي يستطيع أن يجد مصلحة في هذا الجمع الكثير .
الشيخ: هذا ربما وأنت ترى مثلًا من بعض الحوادث التي حدثت قريبًا واحد بلطجي وبعد ذلك التزم ذهب قتل واحد وزوجته القصة المعروفة المشهورة ، وهذا ملتحي لكن لم تتغير طباعه ، فأنا أريد أن أقول: إذا رجعنا إلى أصل معنى كلمة الإئتساء هى المداواة والإصلاح ، أنا لا أستطيع أن أصاحب رجلًا لا يأتيني منه خير (صاحبك من إذا ذكرت الله أعانك وإن نسيته ذكرك) .
المحاور: وهذا يمكن الذي جاء في قول الله:﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ(الكهف:28) ، يمكن فضيلة الشيخ مثلما تكلمني فضيلتك أيضًا ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ﴾(الأحزاب:21) ، نريد أيضًا أن نتوقف عند الأسوة السيئة ، رسول الله خير الدعاة r ، هل تتصور فضيلتك أنه يمكن أحيانًا أحد بهذا المنظور يكون كما قال النبي:« دعاة على أبواب جهنم » ، حمل لفظ الدعاة بين قوسين إنما هو داعية سوء يقود الناس إلى ما لا يرضى ربنا I .
الشيخ: طبعًا بلا شك لأن هذه ترجع إلى الصفات الجبلية التي يخلق المرء بها ، في واحد عنده شر بمفرده أو رجل أصولي يريد أن يصل منافق قد يتصور أنه كل ما تنازل عن شيء من دينه إرضاءً لسيده أنه ممكن يرتقي ، أنا لا أتصور مثلًا مفتي في بعض البلاد العربية عندما أراد أن يحلل للناس الربا وأنا سمعت هذه القصة من شيخنا الألباني - رحمة الله عليه - ، يقول: لو أنك قلت له: أسلفك المائة جنية وتعطيني مائة وعشرة سيكون ربا ، فكيف يمكن أن يخلص الناس من الربا ؟ فيقول: وأنت تأخذ منه المائة جنية وهو يطلب منك المائة وعشرة ، قل: لله علي أن أعطيه عن كل مائة جنية عشرة جنيهات ، فيقول لك: لم يعد ربا لأنه تحول إلى نذر حينئذ والنذر واجب الأداء ، أسوة سيئة هذا المسكين ، ما مصلحته أن يدخل النار لأجل فلان ؟
محمد بن عجلان شيخ مالك كان لا يفتي في الطلقة الثالثة ، لماذا ؟كان يخشى على نفسه أنه لو أفتى في الطلقة الثالثة ، يقول: (إنما يستمتع الرجل مع امرأته وأحملها أنا فكان )لا يفتي في الطلقة الثالثة ، وكان يقول: (إذا ترك الرجل كلمة لا أدري أصيبت مقاتله)،ليس من الممكن أن يعلم الإنسان كل شيء لابد أن يقول: لا أدري ، ومالك ورث عنه هذا كان مالك - رحمه الله - ورفع إليه ست وثلاثون مسألة أجاب فيها ببضعة عشر مسألة وترك الباقي قال: لا أدري ، فقال له رجل: يا أبا عبد الله مثلك لا يدري ؟ ، قال: نعم وقل من خلفك أنني لا أدري لا يعيبه أنه يقول: أنا لا أدري .
فأنا أريد أن أقول: أن هناك ناس يبيعون دينهم بدنيا غيرهم ، حتى أحيانًا تكون قراءته قراءة سيئة قراءة خاطئة، يتصور مثلًا يقول :سيدي يريد كذا يقرأ قراءة خاطئة فقد يضر سيده بكثرة تنازلاته وبكثرة تجاوزاته وتساهله ، فأنا أريد أن أقول: هذه تكون صفات شخصية عند الفرد أنه على استعداد أن يتنازل عن الحق لمأرب دنيوي ، والأصل الذي نتكلم فيه أندى العالمين r وأقول: دائمًا أننا نأخذ منه الأسوة الحسنة ، في الصحيح من حديث سعد بن هشام أنه أراد أن يبيع ماله وعقاره وكل ما يملك من الدنيا ويشتري به سلاحًا وكراعًا ، الكراع: أي الخيل ، ويذهب ليقاتل الروم حتى يموت فسأل نفرًا من أصحاب النبي فنهوه عن ذلك ، وبالمرة طلق امرأته أيضًا حتى لا يكون لديه مال ولا لديه امرأة فيذهب ليموت وهو يقاتل الروم .
فلما أخبر بعض أصحاب النبي r: نهوه عن ذلك وقالوا له: إن ستة رهط أتوا النبي r أرادوا أن يفعلوا مثلما تريد أنت فنهاهم النبي r وقال لهم:« أفما لكم فيَّ أسوة ؟ » فسألهم عن وتر النبي r ، فقالوا له: أذهب إلى ابن عباس فذهب إلى ابن عباس فقال له: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر النبي إنها عائشة على أساس أن النبي r كان آخر الليل وكان يكون في أبيات أزواجه وأزواجه أعلم الناس بوتره ، فجاء إلى عائشة t وسألها ، قال لها: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله r ؟ ، قالت له: ألست تقرأ القرآن ؟ ، قال: بلى ، قالت: إن خلقه القرآن ، ثم سألها عن وتر النبي r الشاهد من هذه المسألة أن رهطًا ستة أو سبعة من أصحاب النبي r أرادوا أن يفعلوا مثلما فعل هذا وبعضهم أراد أن يختصي حتى لا يكون لهما رغبة في النساء عبادة النبي r مثل الثلاثة الذين تقالوا عبادة النبيr يقول النبيr :« أفما لكم في أسوة ؟ »صحاب النبي r فردهم إلى القصد « عليكم هديًا قاصدًا » ، لماذا ؟ لأن الإنسان ينفسخ عزمه كثيرًا
أحيانًا أنت عندما تقرأ قصة من القصص الأبطال والصحابة وغير ذلك ترتدي الدور وعلى استعداد أن تفعل مثله ، لكن أول ما تقع على المحك تجد أن القلب قد انفسخت عزيمته ، فالنبيr لأنه يعلم انفساخ عزم القلب فقال:« عليكم هديًا قاصدًا » ، حتى في التوجه إلى الله أي عندما دخل المسجد فوجد حبلًا مربوطًا بين ساريتين قال:« حبل من هذا ؟ » ، قالوا: هذا حبل زينب ، « ماذا تفعل به ؟ » ، قال: إذا تعبت قدماها عن أن تحملها من كثرة قيام الليل رمت نفسها على الحبل أو تعلقت بالحبل ، فقال:« حلوه إن الله لا يمل حتى تملوا ويطيق من العمل ما تطيقون » ، حتى في هذا نهاهم فالقلب ينفسخ عزمه حتى يطول نفسه ويستمر في الطريق إلى نهاية الشوط فيقول له: ساعة وساعة ، مثل ما قال لحنظله ، قال له:« ساعة وساعة » ، لماذا ؟ لأن الله لما خلق الإنسان ركب فيه هذا وذاك ، لابد أن يستجم بشيء من الباطل المباح حتى يواصل السير الجاد إلى الله I ، فكان يردهمr إلى أصل خلقتهم لأن الله U لما خلقهم خَلقهم فيهم هذا وهذا ، فإذا لم يفعل هذا أو ذاك يحدث نوع من الاصطدام كما يقول العلماء .
المحاور: هذا يمكن الذي يجعل حضرتك دائمًا في معظم خطبك ودروسك لا تغير خطبة النبي r التي تؤكد فيها حضرتك على معني وهذا الذي أكده النبي r فكرة « وخير الهدي هدي محمد r » ، وأنا أتصور أحيانًا أن بعض أهل البدع من أئمة الضلال لما يخرجوا خارج هذا الهدي ويكونوا أسوة للناس في ابتداع عبادات وابتداع أذكار ، وابتداع صلوات ما أنزل الله بها من سلطان تكون من منطلق أنه في حقيقة باطنه هو لا يرجو الله واليوم الأخر.
الشيخ: والله أنا لي تحفظ على حقيقة باطنه لأن لا اطلاع لنا .
المحاور: لا ، أنا قصدي أقول لحضرتك: نحن دائمًا نقول أن الظاهر في اتساق وتناغم مع الباطن ، فعندما أجد إنسان يرجو الله واليوم الآخر في باطنه ، ينضح على ظاهره إنما إنسان آخر مصر على أنه يبتدع في دين الله I بذكر ، باحتفال ما ، بصلاة ما بدعاء ما ، بأوراد ما ، فيتصور أحيانًا هل ممكن هذا يكون له اتصال بفكرة أنه لا يوجد حقيقة قوية في قلبه من هذا الرجاء لله واليوم الآخر وبالتالي حاد عن منهج رسول الله في الأسوة الحسنة ؟
الشيخ: يمكن تخريج هذا الكلام على أصل ، وهو:لن نخرج عن معنى أندى العالمين بتقريبه لأنني أرى أن المسألة مهمة ، أنت عندما تقول: هذا يدل على أنه من باطنه لا يرجو الله واليوم الآخر أنا ، لماذا قلت الظاهر والباطن بينهما ارتباط ؟ ، في الصحيحين من حديث عتبان بن مالك t أنه قال للنبي r ائتي بيتي فصلي في مكان ما حتى أتخذه مسجدًا فقال:« إن شئت » وأتوه في وسط النهار هو وأبو بكر t ، وعلم كثير من الصحابة أن النبي r سيصلي في بيت عتبان فثاب كثير من القوم إلى بيته ، فقال:« أين تريد أن أصلى ؟ » قال: تصلي في المكان الفلاني فصلى فيه والنبي r يصلي الصحابة يتحدثوا مع بعض بصوت عال فذكروا مالك بن الدخشم أو الدخشن فذكروه بسوء قالوا: وددنا أنه هلك ، وددنا أن النبي r دعا عليه فهلك ، وددنا أنه أصابه شر ، المهم النبي r بعد أن انتهى من الصلاة ، قال لهم:« أولستم تعلمون أنه يشهد ألا لا إله إلا الله خالصًا بها قلبه ؟ » قالوا: الله ورسوله أعلم لكننا لا نرى وجهه ووده إلا إلى المنافقين ، فقال:« إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله مخلصًا بها قلبه » ، الشاهد هنا أنهم لما قال لهم النبي r:« أليس يشهد ألا لا إله إلا الله خالصًا بها قلبه ؟ » ، كلمة « خالصًا بها قلبه ؟ » فهم لا يستطيعوا أن يجيبوا ، قالوا: الله ورسوله أعلم لكننا هذه هى القرينة الخارجية التي نصب الحكم عليها علقوا الحكم بها .
المحاور: يروا وده للمنافقين .
الشيخ: بالضبط هكذا ، لأنه يصعب جدًا على أهل الإيمان أن يكون وده ووجهه إلى المنافقين هذا كلام لا يستقيم ، فأنا اليوم عندما يكون في واحد منافق معلوم النفاق بالنسبة لنا وآخر يصاحبه دائمًا يلصق له ومعه كظله أنا لو اتهمته بالنفاق فأنا معذور
المحاور: الشواهد هى التي تقول هكذا .
الشيخ: النبي r لم يقل لهم: كيف تقولون هذا وأنتم لا تعلمون ما في قلبه ؟ ، لماذا ؟ ، لأن فيه قرينة خارجية علق الحكم بها ، فأنا أستطيع أن أحكم على ما في القلب بتعليق الحكم على القرينة الخارجية ، مثل حديث « من سره أن يتمثل الرجال له قيامً فليتبوأ مقعده من النار » ، مسألة السرور مسألة قلبية ، المدرس عندما يدخل الفصل عادتنا التي علموها لنا قيام كل واحد لابد أن يقف للمعلم قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا ، لو أن طالب لم يقف ، ماذا يفعل المدرس ؟
المحاور: ممكن يعاقبه .
الشيخ: يقول له: تعالى يا ولد أخرج في الخارج وهات ولي أمرك غدًا ، أنا أعلم من هذا أن هذا المدرس يحب من قلبه أن يتمثل الرجال له قيامًا ، لماذا ؟ لأن غضبه الظاهر أستطيع أن أعلق به الحكم ، أنا عرفت ما في قلبه لكي لا يأتي واحد يقول لي: ما الذي أعلمك ما في قلبه ؟ أقول لك: القرينة الخارجية التي علقنا عليها الحكم وهو غضبه واستدعاء ولي الأمر ، واتهام الولد بقلة الأدب أنه لم يقم ، فلذلك أنا أؤكد أيضًا لكي لا أستدرك على نفسي عندما ذكرت من قلبه وأنه كذا ، أنا قلت لك: نحن لا نحكم على ما في قلبه ، فأنت قلت لي: ارتباط الظاهر والباطن ، فأنا أيضًا أحببت أن أدلي بهذه الفائدة لأن الظاهر فائدته أن نعلق الحكم عليه حتى يمكن أن نصل إلى بعض الباطن على الأقل .
المحاور: جزاكم الله خيرًا فضيلة الشيخ وعلى وعد بلقاء يتجدد وأندى العالمين دمتم في أمان الله سلام الله عليكم .
انتهى اللقاء الثاني نسألكم الدعاء أختكم أم محمد الظن

hakimnexen 2 - 12 - 2011 02:43 PM

بسم الله الرحمن الرحيم


( أندى العالمين )


الدرس[3]

المحاور: السلام عليكم ورحمة الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واللقاء يتجدد مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني وأندى العالمين ، نحن كنا توقفنا في اللقاء السابق يمكن فضيلة الشيخ استطرد في جزئيات مهمة جدًا عن معنى الأسوة الحسنة ، عندما ننظر إلى قول ربنا تبارك وتعالى وهو يمدح رسوله r في سورة القلم ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(القلم:4) ، والنبي r كثيرًا ما كان يؤكد « إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم » سنأخذ مشهد صغير في حديثنا عن حسن الخلق مع فضيلة الشيخ ، وبالتالي سنؤكد جدًا على أهمية حسن الخلق في سيرة المصطفى r ، السلام عليكم فضيلة الشيخ .
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة اله وبركاته .
المحاور: يمكن حضرتك أكدت في مسألة التأسي المرة السابقة على معاني كثيرة ، لكن كثير من الناس قد تتأسى برسول الله r وتحرص على هذا في سمتها الظاهر فقط ولكنها أحيانًا تنطوي على ركام من مساوئ الأخلاق تسيء إلى دعوة رسول الله r فيمكن أيضًا نحتاج حضرتك نؤكد على هذا المعنى أن مسألة التأسي لابد أن يكون في مرمى البصر خلق النبي r .
الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله r الحديث الذي ذكرته آنفًا « إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم » أي درجة الصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر ، أي يقوم طول الليل ويصوم طول النهار ، ولا شك أن هذا من العناء المعنى بالنسبة للبدن ،أن يظل صائمًا الدهر كله مثلًا وأن يقوم كل ليلة وهذا رجل مطلع بعمل حياته ودنيوي إلى آخره ، كيف يمكن أن يبلغ المرء بحسن الخلق العاري عن هذا الصيام الدائم وهذا القيام الدائم ، لأن المسألة يوم القيامة مسألة موازين ، فكما تقول إنسان يأخذ ظاهر الالتزام ولديه سوء خلق سوء الخلق هذا سيتعرض لمظالم هذا يغتاب هذا ، يظلم هذا ، يهتك عرض هذا ، يأكل مال هذا والنبي r قال لأصحابه يومًا:« أتدرون من المفلس ؟ » قالوا: الذي لا درهم له ولا دينار ولا متاع ، قال:« لا ، المفلس يوم القيامة رجل يأتي بصلاة وزكاة وصيام ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته فإذا فنيت أخذ من سيئاتهم ثم طرحت عليه ثم طرح في النار » .
حسن الخلق يأتي يوم القيامة لا خصوم له: فالحسنة التي يفعلها لا أحد يأخذها يثبتها لأنه لا خصوم له ، ومن حسن الخلق الذي لا يعرفه كثير من الناس بسبب اختلاط المعاني( المداراة) ، يظن كثير من الناس أن المداراة نفاق ، ولذلك يقول لك: أنا أقول للأعور أنت أعور في عينه ويواجه ناس بما يكرهون برغم أن ما في الناس ما يقول لكن من الذي يقبل حتى لو كان منافقًا أن تقول له: يا منافق ؟ أو أن تثبت للناس أنه منافق ، لا أحد يقبل هذا ، لكن يتصور أنه لو مدحه أو أنه داراه أن هذا نفاق ، أنا أريد أن أفرق وأبين للناس ، ما الفرق بين المداراة والنفاق ؟ ، لكي أحل الاشتباك ما بين المعاني المشتبهة لكي يعلم كل واحد أين موضع قدمه .
الفرق بين النفاق والمداراة
النفاق: يكون عادة لجلب مصلحة . والمداراة: يكون عادة لدفع مفسدة .
حديث عائشة t في الصحيحين لما استأذن رجل على النبي r فقال:« بئس أخو العشيرة » ، أو قال:« بئس رجل العشيرة أأذنوا له » ، عندما دخل فرش له العباءة وغير ذلك وعائشة سمعت ما قاله فيه ورأت ما صنعه معه ، فوجدت تبايننًا ما بين القول الذي ذمه فيه وبين الفعل الذي أكرمه به ، فقالت: يا رسول قلت ما قلت وفعلت ما فعلت ، قال:« يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من يتقى لفحشه » هذا رجل سيء الخلق هذا رجل صفاته كذا كَذا كذا دفعت أذاه بأنني أكرمته هذه المداراة ، لكن النفاق رجل يريد أن يصل يريد أن يحصل مصلحة فيخلع على الذي ينافقه من صفات الكمال ما ليس فيه ، وهذا الرجل الذي ينافق وليس فيه هذه الصفات ، كما قال القائل: (إذا أقبلت عليه الدنيا أعطته محاسن غيره ، وإذا أدبرت سلبته محاسن نفسه) ، أي هو الذي يفهم في كل شيء ، هو الذي يفهم في الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة والدين والأخلاق ولديه كل شيء ، لدرجة أنه صار صورة الفضائل ، بعد ما يذهب من المنصب يجد نفسه ليس لديه ولا ميزة .
المحاور: حتى لو كانت لديه ميزة .
الشيخ: أنا أريد أن أقول لك: لا ، هو لم يكن لديه كل هذه الميزات ، فلما يقال من منصبه ويجد نفسه بني آدم مثل خلق الله أيضًا ، يبحث عن الصفات التي لديه يجد نفسه غبي لا يستطيع أن يدبر حال نفسه ، لا يستطيع أن يفهم وغير ذلك ، فتسلبه محاسن نفسه لدرجة يشك في المحاسن التي هى فيه ،فأنا أريد أن أقول: أي بني آدم ينافق يكون يطلب مصلحة ، أي بني آدم يدفع عن نفسه هذه اسمها مداراة ، فيكون هذا هو الضابط ما بين المداراة والنفاق.
فالمداراة من حسن الخلق : ولذلك لا أريد أن أقول من قبة حسن الخلق ، لأن النبي r كان يداري r وهو لا يحتاج أن يداري لأن الذي يخالفه في نار جهنم على الفور لجلالة منصبه ومع ذلك كان يداري ، مثلًا مخرمة والد مسلم بن مخرمة ، لما كان النبي r يقسم غنائم حنين وغير ذلك مخرمة أسلم قال لابنه: هيا لنذهب لنرى ماذا سنأخذ من النبي r وكان صوت مخرمة أجش مميز فسمع صوته خارج الدار ، فدخل على الفور وأتى له عباءة والعباءة هذه مزركشة وغير ذلك ، وبعد ذلك خرج لمخرمة وقال له:« خبأت لك هذا » ، أخذها مخرمة وتبسم ، فالنبي r لما رأى ذلك قال:« رضي مخرمة ، رضي مخرمة ، رضي مخرمة » كأن رضا مخرمة غاية لا تدرك ، والذي يقول الكلام هذا النبي r ، لماذا يقول له هذا ؟ إرضاء له وإعانة له على نفسه ، النبي r ربنا U قال له:﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(الشعراء:3)أي قاتل نفسك أي تصل به الشفقة على الناس على المخالفين لهم لا يكون لديه غل عليهم ويريد أن يدخلهم النار ، لا ، هذا مشفق عليهم أنهم سيدخلون النار إلى درجة أنه سيقتل نفسه حزنًا عليهم أنهم لا يعلمون مصائرهم .
المداراة من قبة حسن الخلق أيضًا ، ولذلك نصحنا معاشر الرجال أن نداري النساء ، وقال كلامًا أنا أرى أن مشاكل معظم البيوت سببها نوع من الغباء لدي الرجل ولدى المرأة.
المحاور: أقول للأعور أنت أعور في عينه .
الشيخ: بالضبط هكذا نومك كذا، أكلك . فأنا أريد أن أقول: النبي r لما قال في بعض ألفاظ الحديث:« المرأة خلقت من ضلع وأن أعوج الضلع أعلاه فإذا أردت أن تقيمه كسرته وإن تركته ظل على عوج » ، في راية قال:« فدارها تعش بها ، فدارها تعش بها ، فدارها تعش بها » ثلاث مرات يقول:« دارها تعش بها » ، فاليوم أنا أريد أن أقول: إن كثير من مشاكل البيوت سببها عدم استعمال هذا الأصل وهو المداراة ، المداراة أنك قد تخلع عليها من الصفات ما ليس فيها لتتقي شرها .
المحاور: هذا يوقفنا يا شيخنا لجملة جميلة حضرتك ذكرتها مهمة جدًَا المداراة تعين أحيانًا الإنسان الذي تفعل معه الفعل هذا على نفسه .
الشيخ: لا ، لا تعينه أحيانًا تعينه دائمًا .
المحاور: ممكن تدخله في إطار الانضباط والاستقامة ودائمًا يحس منك مداراة فيحس المداراة تصنع في الإنسان أشياء قد لا يصنعها شيء آخر غير المداراة .
الشيخ: بالضبط نحن ذكرنا أن المداراة دائمًا تتعلق بالعيب ، أنت تدفع شر الشر هذا هو عيب في الإنسان ، وأنا أريد أن أقول: لو أن فيه إنسان لديه من الصفات مثلًا عشرة ، عنده صفتين أو ثلاثة سنضعهم في الصفات السيئة سلبية ، وسبعة صفات إيجابية أو جميلة إذا استطعت أن تتعامل وتتحاشى الثلاث الصفات السيئة يكون صار هذا الإنسان كاملًا ، لماذا ؟ ، لأنه طالما عرفت تعالج العيب لم يعد عيب ، أنا مثلًا أول سيارة ركبتها في حياتي كان فيها عيب معين في الفتيس ، كلما نقلت الغيار الأول لابد أن يكون لها صوت عال ٍجدا فقلت للميكانيكي: العربة هذه ليست مثل العربات الثانية هذه ، كلما نقلت الغيار الأول لابد أن يكون لها صوت عال ٍجدا ، فقال لي: والله تحتاج قطعة غيار معينة وفي ذلك الوقت ليس عندي ما أشتري به هذه القطعة، فقلت له أريدها فقط بدون هذا الصوت المرتفع، فقال لي: سايسها ، قلت له: كيف أسايسها ؟ قال لي: تنقل بالطريقة الفلانية ، .
المحاور: هل سايستها حضرتك ؟
الشيخ: سايستها لم أسمع صوت النقلة الأول وأصبحت عربة كاملة مثل باقي العربات ، فأنا اليوم عندما يكون مثلًا رجل وامرأة الرجل يستفز بسرعة وعصبي المرأة إذا علمت كيف تتحاشى عصبيته يكون الرجل صار كاملًا لأنه لك يعد فيه عيب ، كيف تتحاشى غضبه ؟ لا تستطيع أن تتحاشاه إلا بالمداراة
الشيخ: بالضبط هكذا تسايسه ،فأنا أريد أن أقول: أن المداراة جزء لا يتجزأ من حسن الخلق وليس كذب ، وأغلب المشاكل الموجودة في البيوت مثل ما ذكرت لك هى مشاكل سببها عدم إحسان فن المداراة ، لذلك النبي r عندما أعلمنا أن المرأة من خلقها أن تمسح جميل الرجل عند أول مطب وأول خطأ يخطئها الرجل تنكر ذلك: حتى يقولون: أن بعض الخلفاء زوجته قالت له: نفسي أسير في الطين حافية القدم فالمهم لأن طين الملوك يختلف عن طيننا ، طيننا تراب وماء ، إنما طينهم عبارة عن نشارة خشب مخلوطة بمسك ،وقال لها: تفضلي ، نزلت بقدمها في المسك وغير ذلك فالمهم حدث بينهم مشكلة في يوم من الأيام ، فقالت له: ما رأيت منك خيرًا قط ، قال لها: ولا يوم الطين ؟ فالمرأة لديها خلق خلقت به أنها تمسح جميل الرجل بممحاة مع أول خطأ وتقول له: ما رأيت منك خيرًا قط، في هذه الحالة الرجل أحوج إلى أن يداري المرأة من المرأة أن تداري الرجل ، لماذا ؟ ، لسرعة غضبها ومثل ما ذكرت لك على الفور تمسح جميل الرجل ، يكون المفترض أنه يداريها أكثر وأنا أعتقد أنني محتاج أن أبين هذا المعنى أكثر،لأنني أرى أن مشاكل البيوت التي تعرض عليه كثيرة جدًا في هذا .
المحاور: يمكن فضيلة الشيخ يقول لنا هكذا: بالمداراة تستقيم أمور بيوت المسلمين لكي تستقيم الأمور ،ولكي تستمر البيوت بعيدًا عن هذا العراك الدائم في حياة المسلمين ، عند هذا المعنى نتوقف ونكمله بمشيئة الله مع فضيلة الشيخ في حلقة مقبلة أسأل الله I أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال .
انتهى الدرس الثالث نسألكم الدعاء( أختكم أم محمد الظن)

منتصر أبوفرحة 2 - 12 - 2011 03:00 PM

ماشاء الله
متبعين معك إن شاء الله
قرأت الدرس الاول فقط
ولي عودة إن شاء الله
نفع الله بك




















جمال جرار 2 - 12 - 2011 04:14 PM

ما شاء الله ..
بارك الله فيك وعليك وجزاك الله خير الجزاء, بوركت ورفع الله شأنك.. أسال الله العظيم رب العرش الكريم لك الجنه والخير وان يبارك فيك وعليك وان يجعل الجنه آخر مستقرك وان يجعلك من اهل الحق والايمان وان ينير الله دروبك.
وفقك الله على هذا الطرح.

حيفا 2 - 12 - 2011 04:17 PM

http://www.5ymah.net/fm/mwaextraedit4/extra/97.gif

hakimnexen 2 - 12 - 2011 06:23 PM

جزاكم الله خيرا
عطرتم صفحتى بتواجدكم الكريم

hakimnexen 2 - 12 - 2011 06:25 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
برنامج أندي العالمين للشيخ أبي إسحاق الحويني
الدرس [4]
المحاور: السلام عليكم ورحمة الله ، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله r ، اللقاء يتجدد مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني ، السلام عليكم فضيلة الشيخ .
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
المحاور: كنا توقفنا في اللقاء السابق عند شيء أشار إليه فضيلة الشيخ أن معظم العراك وعدم الوفاق في البيوتات المسلمة لجهل كثير من الرجال والنساء الأزواج لمفهوم المداراة ومسألة الصراحة أننا نقول للأعور أنت أعور في وجهه ونستكمل حديثنا مع فضيلة الشيخ ولازلنا في إطار حسن الخلق مع أندى العالمين r .
الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهr ، كنت أقول أن المداراة من قبة حسن الخلق ، لماذا قلت أنها من قبة حسن الخلق ؟ لأن أقل الناس هو الذي يحسنها لذلك تستطيع أن تفرق بين الذي يحسن المداراة من الذي لا يحسنها عند المحك في الغضب ، ممكن إنسان تجده هادئ جدًا حسن الخلق جدًا وتظل سنين طويلة تعتقد أنه رجل ممتاز في حسن الخلق لأنه لا يوجد محك عملي ، وأول ما يأتي أول محك تستنكر هذا الرجل ، وتقول هذا إنسان مختلف عن الإنسان الذي كنت أعرفه قبل ذلك ، هذا يشبه قول الشاعر:
لو لا اشتعال النار فيما جاورت
ما كان يعرف طيب عَرف العودِ
البخور أنت لا تعرف رائحته إلا لما تشعل فيه وهذا معنى البيت،فأي إنسان تريد أن تعرف إلى أي درجة من الخلق هو ممكن أن تستفزه ، فيه بعض الناس كلما استفززته لا يزيد إلا حلمًا وكان رأس هؤلاء رسول اللهr أندى العالمين ، لا تزيد جهالة الجاهل عليه إلا حلمًا منه عليه r .
وأرجع إلى مداراة المرأة وكيف أن النبي أمرنا بمداراتها ، لما ؟ لأن المرأة رقيقة ، و النبي r شبه النساء بالقوارير ، والقارورة أرق الزجاج الذي إذا نفخته يكسر التي هي كالبسكويت .
المحاور: هذه البسكوتة الحقيقة كثير من الناس لما تابع حضرتك في هذه الحلقة بعض الناس لا يعرف قصة البسكوتة ما هي أساسًا.
الشيخ: أنا لا أعيد الكلام لكن أريد أن أقول أغلب النساء عندهم حساسية بالغة وعندهم سوء ظن في تلقي الكلام ، ولذلك اللهI جعل العصمة بيد الرجل ، ولو جعلها بيد المرأة لكنا الرجال جميعًا طوالق ، لما ؟ ، لأن الرجل يمكن أن يحسن حتى ربنا I في باب الجدل قال:﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ (الزخرف:18) وهم النساء ، فالمرأة هي التي تحتاج إلى أن تدارى أقل من الرجل ، لذلك المرأة العاقلة لما تأتي لتختار عندما يتقدم لها رجل تبحث عن شخصية ، بخلاف الرجل إذا أراد أن يخطب يبحث عن شخص .
الرجل يبحث عن شخص بعينه لأن الرجل يحب المرأة لجمالها فيبحث عن الجمال ، وقد يتغاضى عن كثير من الصفات الجوهرية في سبيل أنها جميلة ، المرأة العاقلة لا يعنيها جمال الرجل إنما تبحث عن شخصية وصفات ، وهذا هو الفرق الرجل يبحث عن شخص والمرأة تبحث عن شخصية ، فهذه الشخصية هي مجموعة من الصفات ، أنت مثلًا قد تكون فيه امرأة جميلة ومتزوجة برجل أخشن وأسمر ووجه غير حسن ، أنت نفسك تقول هل هذه لم ترى بعينها لكي تختار هذا الرجل ، وتجدها كثيرة الحب والعشق لهذا الرجل ، لم ؟ لأنها وجدت شخصية وصفات في هذا الرجل ، فلذلك الرجل لما أعطاه اللهU من الصفات ينبغي أن يحتوي المرأة ويداريها ، لا يظهر بغضه إياها ولا كراهيته لها ، ولذلك شرع له أن يكذب عليها .
ما لا يجوز للرجل الكذب فيه علي المرأة: لكن نهى العلماء أن يكذب عليها في العَرَض ، العرض: الشيء المادي ، مثلًا لا يقول لها أعطني ذهبك لأعمل مشروع وهو يأخذه ويطير به ،لا ، هذه حقوق لا يحل له إطلاقًا أن يكذب عليها في شيء كهذا ، يكذب عليها فيما لا يلزمه من العَرَض كالمحبة القلبية ومثل ذلك، فأنا أرجع وأقول: أن المدارة خلق لابد أن يُفعَّل مرة أخرى ليس مع المرأة وحدها إنما مع كل الناس : فيه واحد تداريه من أجل شره ، ممكن ينقلب عليك فهذا تحتاج أنت، تداريه كما كان النبي r يداري ، أول يداري عبد الله بن أبي بن سلول وهو رأس النفاق ، داراه مع أنه غير محتاج لأن يداري أحد ، لماذا ؟ لجلالة منصبه r وأن من يخالفه يدخل النار مباشرة ، لكن نحن ليس لنا في هذه الميزة .
حسن الخلق هو صرة الفضائل جميعًا : لما نراقب النبي r في حياته العامة نجد أن أعداءه شهدوا له قبل أوليائه ، قبل الذين تولونه فيما يتعلق بحسن الخلق في جميع الأحوال في الغضب والرضا كان النبيrكذلك ما كان يجور أبدًا ، إنما قد يتغير وجهه وقد يعاقب المسلم بما لا يعاقب به الجاهل ، الأقربين كان يعاملهم أحيانًا بالشدة أكثر مما يعامل الأبعدين ، لما ؟ لأن الأقربين هذا المفروض أنه أخذ من خلقه واقتبس ، لما أتاه عبد الله بن عمر ، ولا أضبط الصحابي بالضبط ، أظن عبد الله بن عمرو بن العاص وعليه حلة حمراء ، لما رآه أعرض عنه ، فعبد الله بن عمر فهمها ، فذهب إلى البيت وخلع الحلة الحمراء وكان يخبزون فرماها في الفرن وغير القميص وأتى النبيr فقال له: « أين ذهب الثوب ؟ » ، قال: سجرت به التنور أي رماه في الفرن ، فقال:« إنه لا بأس به للنساء » .
أنا لما آخذ هذا المشهد وأذهب لمشهد أخر يرويه خزيمة بن ثابت الأنصاري ، أن النبيr أعجبه قاعود أي جمل صغير مع رجل أعرابي ، فقال له:« بعني هذا القاعود » ، قال: بكم ، قال: بكذا ، وجاء رجل آخر لا يعلم أن النبي r اشترى الجمل وقال له: هذا الجمل جميل بكم تبيعه ؟ فزاد عليه ، فالنبي r علم ، فقال:« يا أعرابي أو لم تبعني الجمل ؟ » ، قال: ما بعتك شيئًا ،هذا الفعل كفر ولا نقول أن الأعرابي كافر ، لما ؟ لأن هناك فرق بين أن يتكلم العبد بلسان الكفر ولا يكفر ، لأن الحكم بالتكفير المعين له شروط ، لكن ممكن الإنسان يفعل فعل الكفر ولا يكفر كما أنه يتكلم بكلام الكفر ولا يكفر ، قال: ما بعتك شيئًا ، قال:« بلى يا أعرابي بل بعتني » ، قال: ما بعتك شيئًا ، ثم قال: هلم شهيدًا يشهد أنني بعتك ، طبعًا كل الصحابة كانوا يلوذون بالنبيr ويقولون للأعرابي أن النبي لا يقول إلا حقًا ، ولا يستطيعوا أن يشهدوا ، لما ؟ يخشى الواحد منهم أن ينزل فيه قرءان يقول هل كنت حاضر أم غائب ، حتى انبرى خزيمة بن ثابت الأنصاري قال: أشهد انك بعته الجمل ، قال:« بما ؟ » ، قال: بتصديقك ، فجعل شهادته بشهادة رجلين .
أنس بن مالك ترجم هذا في الحديث الذي رواه مسلم وغيره ، قال: كنا نهينا في القرءان أن نسأل النبي r فكان يعجبنا أن يأتي الرجل العاقل من البادية يسأل ونحن نسمع فلماذا نهاهم ؟ لأنهم كانوا يشققوا المسائل وممكن يسأل بمسألة لا يحتاجها أحد وينزل بها حكم وكنا معافين وهذا الكلام ، إنما الرجل العاقل إذا جاء من البادية ما كان يثرِّب عليه ولا يلوم كما يلوم الأقربين فيما يتعلق بأصحابه كان له خلق معهم وفيما يتعلق بالأعراب كان له خلق معهم لأنني لا أستطيع أن أعامل الناس كلهم معاملة واحدة .، ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى .
المحاور: هذا يقودنا يا شيخ إلى نقطة نؤكد عليها مسألة حسن الخلق في جميع الأحوال مهمة ، نحن أحيانًا إنسان وزوجته تعامله بما يرضيه ويرى الأمور طيبة وهو خلقه طيب معها ، فإن بدت منها هفوة أو عملت شيء يبدو سوء الخلق يظهر في هذه اللحظة ، إذًا المحك العملي مهم جدًا بالحكم على حسن أخلاق الرجال ، لكن أكثر شيء في المحك العملي في مسألة حسن الخلق يمكن حضرنك تتكلم عنها مسألة التبسم حاجة ألصق بمسألة التجربة العملية، بحسن الخلق في التجربة العملية في مسألة حسن الخلق ، كيف كنت ترى مسألة تبسم النبي ودرجات تبسم النبي r مع أصحابه ومع زوجاته ومع الأطفال ومع أعداءه ومع المخالفين ومع الموافقين r .
الشيخ :التبسم هو أقرب شيء للترجمة العملية لحسن الخلق :البسمة ، فيه كثير من الناس يتصور أنه إذا تبسم وتفاءل أن تذهب حشمته ، فيتخذ العبوس جملة حتى يحتمي بها في سبيل أن تظل حشمته كما هي ، ويستدلون لحكايات لبعض العلماء والسلف أنه ما كان يتبسم قط أو ما كان يرفع رأسه إلى السماء قط أو ما رأيته ضاحكًا قط ، أنا قرأت هذا الكلام كثيرًا في تراجم علماء أفاضل وأجلاء وغيرهم وأجد بعض أهل العلم وطلبة العلم يدندنون على هذا في مجالسهم ويترجمونه ترجمة عملية بأنه لا يضحك ولا يتبسم ويأخذ المسألة هكذا ويقول أن هذا مذهب السلف ويقول: كان السلف يفعلون كذا وكذا ، لا .
لا يكون الشيء مذهبًا للسلف حتى يتواتر الناس على فعله : هذا الذي أقدر أن أقول أن هذا مذهب للسلف ، لكن أنا لا أقد أن أقول على خصلة فعلها فاضل أو اثنين أو ثلاثة أن هذا مذهب السلف ، لأن هذا العالم قد يكون هذا هو الذي يصلحه ، هو يعلم بينه وبين نفسه أن العبوس يمنعه من أن يفقد حشمته فيأخذ العبوس جملة يحترز بها ، وربما يكون رجل عنده مرض أو عيب معين هو يداريه بهذه الخصلة ، ولا يلزم أن تكون هذه الخصلة هي الخصلة السديدة .
أنا لو أحببت أنني أتأسى كما قال المتنبي: ومن أراد البحر استقل السواقيا ، أنا أسوتي الرسول r ، والصحابة t .
النبي r كان من أكثر الناس تبسمًا : كما قال عبد الله بن الحارث كان أكثر الناس تبسمًا وما لقيته قط إلا متبسمًا ، وجرير بن عبد الله t يقول: كان النبي r لا يراني إلا تبسم r ، نحن عندنا السرور أو التبسم والضحك هذا ثلاث درجات ، أول درجة: التبسم ، الدرجة الثانية: الضحك ، الدرجة الثالثة: القهقهة ، النبي r عمل الدرجة الأولى والثانية ولكنه لم يعمل الثالثة ، لم يقهقه قط في حياته ولم تظهر لهواته ، عائشة كما في الصحيحين تقول: أن النبي r( ما رأيت النبيr مستجمعًا ضاحكًا تظهر لهواته قط) ، واللهاة هو اللحم الذي بداخل سقف الفم من الداخل من ناحية لسان المزمار عند الحلق ، معناها أنه لا يفتح فمه وهو يضحك نهائيًا .
إنما أقصى ما يمكن أن يكون النبيr يضحك هي التي تساوي عند الآخرين القهقهة إلى درجة البكاء ، فيه ناس تضحك لدرجة أنه يبكي من كثرة البكاء ، وفيه واحد يضحك ويقع على قفاه من كثرة الضحك كما كان يحدث للخلفاء من بني العباس أقصى ضحك النبي rأن تظهر أضراسه:التي هي النواجذ ، يقول: ضحك حتى بدت نواجذه أنا حاولت أجمع في جزء لي ظهور نواجذه r ، كم مرة ظهرت نواجذه وهي المواقف التي ممكن تقول أنها تثير الضحك إلى أبعد أحد ، لكن ستجد حشمة ضحكه r حتى تبدو نواجذه ، وستجد أيضًا حشمة الموقف ، .
من المواقف التي بدت فيها نواجذهr:1- حديث أبي هريرة في الصحيحين لما الأعرابي وقع على امرأته في نهار رمضان فجاء فقال إني فعلت كذا وكذا ، فقال له « أعتق رقبة » ، قال: لا أستطيع « صم ستين يومًا » قال: لا أستطيع ، « أطعم ستين مسكينًا » ، قال: لا أستطيع ، ظل الرجل جاهز لا يوجد حل النبي r جاءه مكتل من تمر ، قال له:« خذها فتصدق بها » على أفقه الله ما بين لابتيها أفقر مني أفقر من أني أتصدق ، قال أبو هريرة: فضحك النبي r حتى بدت نواجذه وقال:« خذه فأطعمه أهلك » .
2-من الأشياء التي بدت نواجذه r فيها حديث ابن مسعود t قال: قال رسول الله r:« إني لأعلم آخر آهل النار خروجًا منها وآخر أهل الجنة دخولًا الجنة ، رجل في النار ربنا I أخرجه من النار وقال: أدخل الجنة ، فدخل فزين إليه أنها ملئ » لا يوجد له مكان « فقال: ربي وجدتها ملئ قال: أدخل الجنة دخل قال لها: وجدتها ملئ ثلاث مرات في المرة الثالثة قال: أدخل الجنة ولك عشر أمثالها » عشر أمثال الدنيا ، قال:« فالتفت الرجل وقال: أتستهزئ بي وأنت رب العالمين » ، يقول ابن مسعود: فضحك النبي r حتى بدت نواجذه وقال:« أما إني لا أستهزئ بك ولكني على ما أشاء قادر » .
أكثر حياة كانت النبي r تبسمًا ،: جابر بن سمرة كما في صحيح مسلم كان يقول: كنا نذكر أشياءً في الجاهلية فنضحك والنبي يتبسم ، ضحك الصحابة ممكن يكون بقهقهة لكنه كان يتبسم من حسن خلقه أنه كان يشاركهم هذا ، ليس أنه يتجهم مع أنهم ممكن يكونوا يتكلموا في أشياء مما كان يحدث في الجاهلية لا يوجد شريعة ولا فيه خطام ولا فيه زمام ولا في غير ذلك ويتبسم r ، وأحيانًا كان يتبسم في بعض المواقف الحرجة التي ممكن نتحرج منها ربما تأتي فرصة وأذكر موقفًا من هذه المواقف المحرجة
المحاور: الحقيقة يمكن مسألة تبسم النبي r والتجربة العملية والمحك المهم جدًا في حياتنا كنا نرى النبي حتى حين يغلظ له بعض مخالفيه في القول والفعل كان لا يزيد ذلك رسول الله r إلا تبسمًا ، سنتوقف عند هذا القدر ونكمل حديثنا في لقاء مقبل مع فضيلة الشيخ أبي إسحاق ، وصلى الله وسلم وبارك على المصطفي والحمد لله رب العالمين وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
انتهى اللقاء الرابع نسألكم الدعاء (أختكم أم محمد الظن)

Mr.who 2 - 12 - 2011 07:15 PM

بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك

شكرا على الإفادة والطرح

ناجي أبوشعيب 3 - 12 - 2011 01:45 AM

إنْ شاء اللّه يكون مرجع لكلّ من يدخل منتدانا
هي فائدة باقية بإذن الله ولنا رجعة كلّما استلزم البحث
شكرا لهذا الجهد الملحوظ
دمت بودّ


الساعة الآن 09:21 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى