![]() |
ألمصار ذوات ألآثار
قال الإمام الحافظ المحدث النقّاد ، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ما لفظه :
الأمصار ذوات الآثار المدينة المشرّفة دار الهجرة و زمن صغار التابعين ، كزيد بن أسلم ، و ربيعة الرأي ، و يحيى بن سعيد ، و أبي الزناد . ثم في زمن تابعي التابعين ، كعبد الله بن عمرو بن أبي ذئبٍ ، و ابن عجلان , و جعفرٍ الصادق . ثم الإمام مالكٍ ، و مقرئها الإمام نافعٍ ، و إبراهيم بن سعدٍ ، و سليمان بن بلالٍ ، و إسماعيل بن جعفرٍ . ثم تناقص العلم بها جدًّا في الطبقة التي بعدهم ، ثم تلاشى . مكة ثم كثر في أواخر عصر الصحابة ، و كذلك في أيام التابعين ، كمجاهدٍ ، و عطاء بن أبي رباحٍ ، و سعيد بن جبيرٍ ، و ابن أبي مليكة . و زمن أصحابهم ، كعبد الله بين أبي نجيحٍ ، و ابن كثيرٍ المقرئ ، و حنظلة بن أبي سفيان ، و ابن جريج ، و نحوهم . و في زمن الرشيد ، كمسلم بن خالدٍ الزنجيّ ، و الفضيل بن عياض ، و ابن عيينة . ثم أبي عبد الرحمن المقرئ ، و الأزرقي ، و الحميدي ، و سعيد بن منصور . ثم في أثناء المائة الثالثة ، تناقص علم الحرمين ، و كثر بغيرهما. بيت المقدس ثم ملكها النصارى تسعين عامًا ، ثم أخذها المسلمون . دمشق نزلها عدّةٌ من الصحابة ، منهم بلال الصحابيّ ، و المؤذن لرسول الله صلى الله عليه و سلم و غيره . و كثر بها العلم في زمن معاوية . ثم في زمن عبد الملك و أولاده . و ما زال بها الفقهاء ، و المقرئون ، و المحدّثون في زمن التابعين و تابعيهم . ثم إلى أيّام أبي مسهرٍ ، و مروان بن محمدٍ الطاطريّ ، و هشامٍ ، و دُحيمٍ , و سليمان بن بنت شرحبيل . ثم أصحابهم و عصرهم . و هي دار قرآنٍ و حديثٍ و فقهٍ . و تناقص العلم بها في المائة الرابعة ، و الخامسة ، و كثر بعد ذلك ، و لا سيّما في دولة نور الدين ، و أيام محدّثها ابن عساكرٍ ، و المقادسة النازلين ، بسفحها . ثم تكاثر بعد ذلك بابن تيميّة ، و المزّيّ ، و أصحابهما ، و لله الحمد . مصر افتتحها عمرو بن العاص في زمن عمر رضي الله عنهما و سكنها خلقٌ من الصحابة ، و كثر العلم بها في زمن التابعين . ثم ازداد في زمن عمرو بن الحارث ، و يحيى بن أيّوب ، و حيوة بن شريحٍ ، و الليث بن سعدٍ ، و ابن لهيعة ، و إلى زمن ابن وهبٍ ، و الإمام الشافعيّ ، و ابن القاسم ، و أصحابه . و ما زال بها علم ٌجمٌّ إلى أن ضعف ذلك باستيلاء العبيديّين الرافضة عليها سنة [ ثمانٍ ] و ثلاثمائة ، و بنوا القاهرة [ و كان قاضيها إذ ذاك ، أبو الطاهر الذهليّ البغداديّ المالكيّ ، فأقرّوه حتى مات ، ثم ولّوه للإسماعيليّة المتشيّعين ] ، و شاع التشيّع بها ، و قلّ الحديث و السنة ، إلى أن وليها أمراء السنة النبويّة [ بعد مائتي سنةٍ و أنقذها الله من أيديهم على يد الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوبٍ رحمه الله فتراجع العلم إليها ] , و ضعف الروافض ، والحمد لله . الإسكندرية بغداد و كثر بها هذا الشأن ، فلم تزل معمورةً بالأثر و الخبر إلى زمن الإمام أحمد بن حنبل ، ثم أصحابه . و هي دار الإسناد العالي و الحفظ ، [ و منزل الخلافة و العلم ] إلى أن استؤصلت في كائنة التتار الكفرة ، فبقيت على نحو الربع . حمص ثم إسماعيل بن عيّاشٍ ، و بقيّة ، و أبي المغيرة ، و أبي اليمان ثم أصحابهم ، ثم تناقص ذلك في المائة الربعة و تلاشى ، [ ثم عدم بالكلّيّة ] . الكوفة ثم كان بها من التابعين كعلقمة ، و مسروقٍ ، و عبيدة ، و الأسود . ثم الشعبيّ ، و النخعيّ ، و الحكم بين عتيبة ، و حمّاد ، و أبي إسحاق ، و منصورٍ ، و الإعمش ، و أصحابهم . و ما زال العلم بها متوفّرًا إلى زمن ابن عقدة ، ثم تناقص شيئًا فشيئًا و تلاشى ، و هي الآن دار الروافض . البصرة ثم الحسن البصريّ ، و محمّد بن سيرين ، و أبو العالية . ثم قتادة ، و أيّوب ، و ثابتٌ البنانيّ ، و يونس ، و ابن عونٍ . ثم حمّاد بن سلمة ، و حمّاد بن زيدٍ ، و أصحابهما . و ما زال بها هذا الشأن وافرًا إلى رأس المائة الثالثة ، و تناقص جدًّا و تلاشى . اليمن و كان بها جماعةٌ من التابعين كوهب بن منبّهٍ , و أخوه قدامة بن منبّهٍ ، و طاووس ، و ابنه . ثم معمر ، و أصحابه . ثم عبد الرزاق ، و أصحابه . و عدم منها بعدهم الإسناد . الأندلس كقرطبة ، و إشبيلية ، و غرناطة ، و بلنسية فُتحت في أيام الوليد بن عبد الملك ، و جُلب العلم إليها ، لكن اشتهر بها العلم و الحديث في المائة الثالثة بابن حبيبٍ , و يحيى بين يحيى ، و أصحابهما . ثم ببقيّ بن مخلدٍ ، و محمد بن وضّاحٍ . و خرج منها مثل ابن عبد البرّ ، و أبي عمرو الداني ، و ابن حزمٍ الطاهريّ ، و أبي الوليد الباجي , و أبي عليّ الغسّاني , و لم تزل بها أثارةٌ من علمٍ ، إلى أن ستولى على قرطبة ، و إشبيلية النصارى ، فتناقص بها العلم . إقليم المغرب فأدناه إقليم إفريقية ، و أمّها هي مدينة القيروان ، كان بها سحنون بن سعيدٍ الفقيه [ صاحب ابن القاسم ] . و أما بجاية ، و تلمسان ، و فاسٌ ، و مراكش ، و غالب مدائن المغرب ، فالحديث بها قليلٌ ، و بها المسائل . الجزيرة و حرّان , و الرّقّة ، و غير ذلك ، خرج منها حفّاظٌ و أئمةٌ ، ثم تناقص ، ثم انطوى البساط . الدينور همذان و خُتمت بالحافظ أبي العلاء العطّار و أولاده . ثم استباحها التتار ، و الجنكزخانية . الريّ ثم بابن حميدٍ ، و ابن مهران الجمّال ، و إبراهيم بن موسى ، و سهل بن زنجلة . ثم بابن وارة ، و أبي زرعة ، و أبي حاتمٍ ، و ابنه ، و إلى أثناء المائة الرابعة ، و ذهب ذلك . قزوين ثم ابن ماجة ، و صاحبه أبو الحسن القطّان . جُرجان ثم بأبي نعيم بن عديّ ، و إسحاق بن إبراهيم البحريّ ، و أبي أحمد بن عديّ ، و أبي بكرٍ الإسماعيليّ ، و الغطريفيّ ، و أصحابهم ثم أُغلق الباب . نيسابور ثم يحيى بن يحيى ، و ابن راهويه ، و محمد بن رافعٍ ، و عبد الرحمن بن بشرٍ ، و عبد الله بن هاشمٍ ، [ و ] الذهليّ ، و أحمد بن يوسف ، و مسلمٍ ، و إبراهيم ابن أبي طالبٍ ، و أبي عبد الله البوشنجيّ . ثم بابن خزيمة ، و أبي العباس السرّاج ، و ابن الشرقيّ [ و خلائق ] . و ما يزال يُرحل إليها ، و آخر شيوخها المؤيّد الطوسيّ ، إلى أن دخلها التتار ، ثم مضت كأن لم تكن . طوس هَراة مرو ثم عبد الله بن يريدة ، و يحيى بن يعمر ، و عدّةٌ من التابعين . ثم الحسين بن واقدٍ ، و أبو حمزة السكّريّ ، و عبد الله بن المبارك ، و الفضل بن موسى ، و أبو تُميلة ، و علي بن الحسن بن شقيقٍ ، و عبدان بن عثمان ، و أصحابهم . ثم نقص [ ذلك ] في المائة الرابعة ، و لم ينقطع إلى خروج التتار و فرغ ذلك . بَلْخ بُخارى و ما زال بها صبابةٌ حتى دخلها العدوّ بالسيف . سمرقند ثم محمد بن نصرٍ المروزيّ ، و عمر بن محمد بن بُجيرٍ ، و آخرون . الشاش فرياب خوارزم خرج منها جماعةٌ من العلماء ، من أقدمهم الحافظ عبد الله بن أُبيّ . شيراز كرمان ، سجستان ، الأهواز ، تستر ، قومس الدامغان مدينةٌ كبيرةٌ ، و سمنان مدينةٌ صغيرةٌ ، و بسطام مدينةٌ متوسطةٌ ، و هذه المدائن أوائل مدن خراسان من الجهة الغربيّة . قُهستان و إقليم قهستان ملاصقٌ لإقليم قومس ، و هو غربيّ قومس ، و هو شرقيٌّ متشاملٌ عن العراق ، متاخمٌ لقزوين ، فالأقاليم التي لا حديث بها يُروى ، و لا عُرفت بذلك : الصين ، أُغلق الباب . و الهند ، و السند ، و الخطى ، و بلغار ، و صحراء القفحاق ، و سراة ، و قرم . و بلاد التكرور ، و الحبشة ، والنوبة ، و البجاوة ، و الزنج . و إلى أسوان ، و حضرموت ، والبحرين ، و غير ذلك . و أما اليوم فقد كاد يعدم علم الأثر من العراق ، و فارس ، و أذربيجان ، بل لا يوجد بأرّان ، و جيلان ، و إرمينية ، والجبال ، و خراسان التي كانت دار الآثار ، و أصبهان التي كانت تضاهي بغداد في علوّ الإسناد و كثرة الحديث و الأثر ، و الباقي من ذلك في مصر ، و دمشق _ حرسها الله تعالى _ و ما تاخمها ، و شيءٌ يسيرٌ بمكة ، و شيءٌ بغرناطة ، و مالقة ، و شيءٌ بسبتة ، و شيءٌ بتونس ، نسأل الله حسن الخاتمة . لكنّ القرآن و فروع الفقه موجودٌ كثيرٌ شرقًا و غربًا ، و لكنّ ذلك مكدّرٌ في المشرق و غيره بعلوم الأوائل ، و آراء المتكلّمين والمعتزلة ، فالأمر لله تعالى ، و هذا تصديق ٌلقول الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم : " لا تقوم الساعة حتى يقلّ العلم ، و يكثر الجهل " . فنسأل الله تعالى العظيم علمًا نافعًا ، و عملاً متقبّلاً ، و رزقًا حلالاً واسعًا طيّبًا ، و حسن الخاتمة لنا و لجميع المسلمين أجمعين آمين . و صلى الله و سلم على سيدنا محمدٍ الأمين ، و آله و صحبه أجمعين . |
سلمت أخانا الغالي معلوومات قيمه ورائعه جزاك الله خير |
شكرا على المعلومات الرائعة اخي ابن زيدون
والله يعطيك العافية |
اشكر لكما المرور وجزاكما الله كل خير
|
يسلمو على الطرح تحية والورد |
يعطيك الف عافيه
ماننحرم من جديدك .. ورودي لك ..#cc# |
جزاك الله عنا كل خير
تحيات لك |
جزاك الله خيرا أخي الكريم رجاءا تعديل العنوان إلى ( الأمصار .....) sha@sha@sha@sha@sha@ |
بورك بك على الطرح والفائدة المرجوة منه
تقبل مروري والتحية |
الساعة الآن 02:09 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |