![]() |
معنى قوله تعالى ( فلاتغرنكم الحياة الدنيا...)
معنى قوله تعالى ( فلاتغرنكم الحياة الدنيا...)
بسم الله الرحمن الرحيم ما هو غرور الحياة الدنيا الذي نهى الله عنه؟ الغرور بها هو الاشتغال بها وإيثارها على الآخرة حباً لها وتعظيماً لها، وتلذذاً بها، ولذلك نهى الله عن ذلك فقال: فلا تغرنكم الحياة الدنيا ، يعني بما فيها من المتاع، من النساء، من الذهب من الفضة من المزراع، من المجالس المراكز إلى غير ذلك، فالعاقل لا تغره هذه المظاهر ولا يشغل بها عن الآخرة، و لكن يعد العدة للآخرة ويستعين بهذه النعم على طاعة الله جل وعلا، أما من غلب عليه الشيطان والهوى لضعف إيمانه وقلة بصيرته فإنه قد يغتر بهذه المظاهر ويلهو بها، ويشغل بها عن الآخرة وينسى حق الله عليه، فيهلك ولا حول ولا قوة إلا بالله. موقع ابن باز |
خرجا في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض"
قيل: ما بركات الأرض؟ قال: "زهرة الدنيا" فقال له رجل: هل يأتي الخير بالشر؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت أنه سينزل عليه ثم جعل يمسح عن جبينه قال: أين السائل؟ قال: أنا قال: "لا يأتي الخير إلا بالخير إن هذا المال خضرة حلوة وإن كل ما أنبت الربيع يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت الشمس فاجترت وثلطت وبالت ثم عادت فأكلت وإن هذا المال خضرة حلوة من أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو وإن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع" . كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوف على أمته من فتح الدنيا عليهم فيخاف عليهم الإفتتان بها ففي الصحيحين عن عمرو بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار لما جاءه مالمن البحرين: "أبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم ما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم" وكان آخر خطبة خطبها على المنبر حذر فيها من زهرة الدنيا ففي الصحيحين عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: "إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها فتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم" قال قال عقبة: فكان آخر ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا افتتحت عليكم خزائن فارس والروم أي قوم أنتم" ؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله عز وجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو غير ذلك تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون" وفي المسند عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تفتح الدنيا على أحد إلا ألقى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة" قال عمرو: أنا أشفق من ذلك وفيه أيضا عن أبي ذر: أن أعرابيا قال: يا رسول الله أكلتنا الضبع يعني السنة والجدب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غير ذلك أخوف مني عليكم حين تصب عليكم الدنيا صبا فليت أمتي لا يلبسون الذهب" وفي رواية الديباج وفيه أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أخشى عليكم الفقر ولكني أخشى عليكم التكاثر" و يروى من حديث عوف بن مالك وأبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الفقر تخافون والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إن أزاغه إلا هي" وفي رواية عوف: "فإن الله فاتح عليكم فارس والروم" وفي المعنى أحاديث أخر. وفي الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال" فقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري: "إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض" ثم فسره بزهرة الدنيا ومراده: ما يفتح على أمته منها من ملك فارس والروم وغيرهم من الكفار الذين ورثت هذه الأمة ديارهم وأموالهم وأراضيهم التي تخرج منها زروعهم وثمارهم وأنهارهم ومعادنهم وغير ذلك مما يخرج من بركات الأرض وهذا من أعظم المعجزات وهو إخباره بظهور أمته على كنوز فارس والروم وأموالهم وديارهم ووقع على ما أخبر به ولكنه لما سمى ذلك ببركات الأرض وأخبر أنه أخوف ما يخافه عليهم أشكل ذلك على بعض من سمعه حيث سماه بركة ثم خاف منه أشد الخوف فإن البركة إنما هي خير ورحمة. وقد سمى الله تعالى المال خيرا في مواضع كثيرة من القرآن فقال تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات:8] وقال: {إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] وقال تعالى عن سليمان عليه السلام: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} [صّ: 32] فلما سأله السائل: هل يأتي الخير بالشر صمت النبي صلى الله عليه وسلم حتى ظنوا أنه أوحي إليه والظاهر أن الأمر كان كذلك ويدل عليه أنه ورد في رواية لمسلم في هذا الحديث: "فأفاق يمسح عنه الرحضاء" ـ وهو العرق ـ وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوحي إليه يتحدر منه مثل الجمان من العرق من شدة الوحي وثقله عليه وفي هذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل عن شيء لم يكن أوحي إليه فيه شيء انتظر الوحي فيه ولم يتكلم فيه بشيء حتى يوحى إليه فيه فلما نزل عليه جواب ما سئل عنه قال: "أين السائل؟" قال: ها أنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الخير لا يأتي إلا بالخير" وفي رواية لمسلم فقال: "أو خير هو؟" وفي ذلك دليل على: أن المال ليس بخير على الإطلاق بل منه خير ومنه شر ثم ضرب مثل المال ومثل من يأخذه بحقه ويصرفه في حقه ومن يأخذه من غير حقه ويصرفه في غير حقه فالمال في حق الأول خير وفي حق الثاني شر فتبين بهذا أن المال ليس بخير مطلق بل هو خير مقيد فإن استعان به المؤمن على ما ينفعه في آخرته كان خيرا له وإلا كان شرا له فأما المال فقال: "إنه خضرة حلوة" . وقد وصف المال والدنيا بهذا الوصف في أحاديث كثيرة: ففي الصحيحين عن حكيم بن حزام أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه ثم سأله فأعطاه ثم سأله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع" وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدنيا خضرة حلوة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" واستخلافهم فيها هو ما أورثهم الله منها مما كان في أيدي الأمم من قبلهم كفارس والروم وحذرهم من فتنة الدنيا وفتنة النساء خصوصا فإن النساء أول ما ذكره الله من شهوات الدنيا ومتاعها في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [آل عمران: 14]. وفي المسند والترمذي عن خولة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا المالخضرة حلوة فمن أصابه بحقه بورك له فيه ورب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار" وفي المسند أيضا عن خولة بنت ثامر الأنصارية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدنيا خضرة حلوة وإن رجالا سيخوضون في مال الله بغير حق لهم النار يوم القيامة" وخرج البخاري من قوله: "إن رجالا" إلى آخره وفي المسند أيضا عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذه الدنيا خضرة حلوة فمن آتيناه منها شيئا بطيب نفس أو طيب طعمة ولا إسراف بورك له فيه ومن آتيناه منها شيئا بغير طيب نفس منا وغير طعمة وإسراف منه لم يبارك له فيه" وفي المعنى أحاديث أخر. و قوله صلى الله عليه وسلم: " إن مما ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم إلا أكلة الخضر" مثل آخر ضربه صلى الله عليه وسلم لزهرة الدنيا وبهجة منظرها وطيب نعيمها وحلاوته في النفوس فمثله كمثل نبات الربيع وهو المرعى الخضر الذي ينبت في زمان الربيع فإنه يعجب الدواب التي ترعى فيه وتستطيبه وتكثر من الأكل منه أكثر من قدر حاجتها لاستحلائها له فأما أن يقتلها فتهلك وتموت حبطا والحبط: انتفاخ البطن من كثرة الأكل أو يقارب قتلها ويلم به فتمرض منه مرضا مخوفا مقاربا للموت فهذا مثل من يأخذ من الدنيا بشره وجوع نفس من حيث لاحت له لا بقليل يقنع ولا بكثير يشبع ولا يحلل ولا يحرم بل الحلال عنده ما حل بيده وقدر عليه والحرام عنده ما منع منه وعجز عنه فهذا هو المتخوض في مال الله ورسوله فيما شاءت نفسه وليس له إلا النار يوم القيامة كما في حديث خولة المتقدم. والمراد بمال الله ومال رسوله: الأموال التي يجب على ولاة الأمور حفظها وصرفها في طاعة الله ورسوله من أموال الفيء والغنائم ويتبع ذلك مال الخراج والجزية وكذا أموال الصدقات التي تصرف للفقراء والمساكين كمال الزكاة والوقف ونحو ذلك وفي هذا تنبيه على أن من تخوض من الدنيا في الأموال المحرم أكلها كمال الربا ومال الأيتام الذي من أكله أكل نارا والمغضوب والسرقة والغش في البيوع والخداع والمكر وجحد الأمانات والدعاوى الباطلة ونحوها من الحيل المحرمة أولى أن يتخوض صاحبها في نار جهنم غدا فكل هذه الأموال وما أشبهها يتوسع بها أهلها في الدنيا ويتلذذون بها ويتوصلون بها إلى لذات الدنيا وشهواتها ثم ينقلب ذلك بعد موتهم فيصير جمرا من جمر جهنم في بطونهم فما تفي لذتها بتبعها كما قيل: تفنى اللذاذة ممن نال لذاتها ... من الحرام ويبقى الإثم والعار تبقى عواقب سوء من مغبتها ... لا خير في لذة من بعدها النار فلهذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم من يأخذها بغير حقها ويضعها في غير حقها بالبهائم الراعية من خضراء الربيع حتى تنتفخ بطونها من أكله فإما أن يقتلها وإما أن يقارب قتلها فكذلك من أخذ الدنيا من غير حقها ووضعها في غير وجهها إما أن يقتله ذلك فيموت به قلبه ودينه وهو من مات على ذلك من غير توبة منه وإصلاح حال فيستحق النار بعمله قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ} لطائف المعارف لابن رجب رحمه الله __________________ قال حذيفة رضي الله عنه ( إن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر وتنكر ما كنت تعرف ) |
جزاك الله عنا كل خير
سلمت الايادي تحيات لك xzx |
بارك الله فيك اخيتي وجزيت خيرا
|
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض"
قيل: ما بركات الأرض؟ قال: "زهرة الدنيا" وما تخوف منه رسولنا الأعظم ها هو نحصد ونجني ثماره سلمت يداك |
بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك يعطيك العافية على الإفادة والطرح |
بارك الله فيك وفي طرحك القيم جزاك الله خيرا |
بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك يعطيك العافية على الإفادة والطرح |
http://islamroses.com/zeenah_images/34.gif على الموضوع ولاحرمك ربـــي الأجــــر اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يثيبك على ما طرحت خير الثواب والأجر |
الساعة الآن 01:09 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |