![]() |
اللحظـة الهـاربة ،،،
أية مشاعر تلك اللتي تنتابنا حين نقلب صفحات ألبوم الصور القديمة التي جمعتنا يوما مع أحبة, مع آخرين, في أمكنة مختلفة؟ كلما قدمت الصورة, نأت اللحظة التي صورت فيها بعيدا, وازداد الفضول في أنفسنا لرؤية ما الذي خلفه الزمن على أجسادنا وأرواحنا من ندوب إن الصورة التي تعود لعشر سنوات ماضية أو عشرين سنة يمكن أن تثير في النفس ذلك الشلال من الأسئلة والتداعيات عن أين كنا....وأي أصبحنا أذكر أن صديقا قديما لفت نظري مرة إلى ملاحظة أظنها دقيقة تماما, قال إن أي انسان حين يحدق في صورة جماعية تجمعه وآخرين, فإن عينه أول ما تقع إنما تقع على صورته هو بالذات. لدى الناس فضول كبير لرؤية مرآة وجوههم, لرؤية ذواتهم منعكسة على مرآة مطبوعة على ورق مقوى هو الذي نسميه ..الصورة. وإذ نعود لصورنا القديمة فأول ما نفعله هو التحديق في أنفسنا التي كانت, في صورتنا, حينها تتداعى الصور والأفكار, ها نحن في وضع يمكننا من ملاحظة مالذي فعلته السنون فينا, ما الذي غيرته من الملامح, مالذي خلفته في الروح, ثم تأخذ العينان في التنقل بين من هم معنا على الصورة أو فيها, وهنا يبدأ القياس والسؤال عن المصائر التي أحاقت بهؤلاء, أين هم الآن, ماذا يفعلون, أين يقيمون؟ ثم يبدأ ذلك الشريط الطويل في بث الذكريات عن الأزمة التي مرت, عن الأحلام التي كانت, عن بقايا الطفولة, وعن وهج الصبا وعنفوان الشباب. أكثر الصور مدعاة للفضول هي صور أطفالنا, حين نفاجأ بأن قامة ابنك اليوم هي في مثل قامتك وربما أطول فإن صورته وهو في المهد أو وهو يلهو بألعابه في سنوات طفولته الأولى, أو صورته مع زملائه وزميلاته في سنة أولى روضة, هي ذلك الصاعق الذي يفجر مخزون الذاكرة , ويتركه ينثال عن حكايات وانطباعات. يا الله....أيعقل أن ذلك كان منذ زمن بعيد, وأن هذا الزمن مر بالجوار دون أن ننتبه, وأن هؤلاء الذين كانوا قبل ومضة أطفالا في المهد, أو أطفالا يلهون بألعابهم مع أقرانهم قد كبروا حتى باتوا يضاهوك في القامة ويحرجونك بالأسئلة الصعبة التي لا تستطيع أن تجيب عنها, ليس لأنك لا تريد وإنما لأنك ببساطة شديدة.....لاتعرف. إذا كانت صورة الأطفال أطفالنا تحديدا هي مدعاة للفضول, فإن صورة الحبيب أو الحبيبة هي الأكثر مدعاة للحيرة والتأمل, إن صورته أو صورتها تستحثك على التحديق على التأمل في الملامح وفي التعابير وفي تفاصيل الوجه, لا أعرف من القائل :"إن وجوهنا وحدها تشبهنا, وحدها..تفضحنا", الوجه هو المدخل الأثير للنفس , للروح. لذلك , فإننا إزاء صورة الحبيب لا نملك سوى الإستغراق في ملامح وجهه, شيء أشبه بالإستغراق التأملي الصوفي الذي يأخذك نحو البعيد. إن نظرة الحبيب حتى لو كانت في الصورة , شيئا خاصا لا يلحظه سوانا, في عينيه كلام نقرأه وحدنا لأننا أتقنا أبجدية عشقه, في ابتسامته وديان من التعابير التي تستحضرها المخيلة وتركض فيها الروح, صورة الحبيب هي طيفه, هي توقيعه الذي لا يمحى في النفس الصورة زمان, والصور أزمنة, ولأن الزمن في سيرورة أبدية لاتعرف التوقف هكذا دونما نهاية, فإننا ابتكرنا الصورة خديعة ذكية كي نوهم أنفسنا باننا أخذنا من اللحظة الهاربة ملمحا نبقيه زوادة للقادم, حين نحن للزمن الذي لفرط جنونه....لا يستعاد. تحياتي zolz |
رد: اللحظـة الهـاربة ،،،
شكرا زهرة الياسمين على الموضوع الراقي
|
رد: اللحظـة الهـاربة ،،،
راق لي ما قرأت
شكرا لك أختي زهرة الياسمين |
رد: اللحظـة الهـاربة ،،،
طرح راقي وموفق
ننتظر المزيد المزيد تحيااتي |
رد: اللحظـة الهـاربة ،،،
الوجه هو المدخل الأثير للنفس , للروح.
من اجمل ما قرأت واستوقفني لعمقه اصبت بلحظات تأمل في الوجوه والصور رائعة تقديري |
رد: اللحظـة الهـاربة ،،،
موضوع اكثر من رائع
سلمت الايادي تحيات لك |
رد: اللحظـة الهـاربة ،،،
كل الشكر على الموضوع المميز والرائع
|
الساعة الآن 03:33 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |