![]() |
العربية لماذا سميت هكذا؟
لماذا سميت (العربية) بذلك؟
قد يدهش البعض لهذه التسمية (لغة الضاد) ويتساءلون عن السر فيها، ولاسيما بعد أن يتصلوا باللغات الأوروبية فيروا أن بعض هذه اللغات تتضمن من الأصوات ما يشبه نطقهم بالضاد، ففي الانجليزية ـ مثلاً ـ كلمات مثل Darling Dces وغيرهما، ثم لا يلبث هؤلاء أن يتبينوا أن هذا الصوت فخم أو رقق، فهو في الإنجليزية (فونيم) واحد فلا تتغير الدلالة بسبب تفخيمه أو ترقيقه، ولذلك يرمز له في الإنجليزية برمز كتابي واحد، في حين أن نفس الصوت حين يفخم في النطق العربي تختلف معه دلالة الكلمة عنها في حالة ترقيقه ويكفي أن نذكر الكلمتين (الضرع) بمعنى المثل، و(الدرع) لباس الحرب، وهنا قد نتصور لأول وهلة أن هذا الصوت هو السر في تسمية العربية بلغة الضاد، غير أنا لا نلبث أن نكتشف أن هذه الظاهرة غير مقصورة على الضاد، بل نراها أيضاً في الصاد والطاء والظاء. ولقد وصف (سيبويه) الضاد فقال عنها: "إنه ليس شيء في موضعها غيرها، هي صوت فريد لا نكاد نجد له نظيراً في اللغات السامية شقيقات اللغة العربية، وهي الصوت الذي قال عنه (برجستراسر) في كتابه (التطور النحوي) ما نصه: فالضاد العتيقة حرف غريب جداً غير موجود على حسب ما أعرف في لغة من اللغات إلا العربية، ويغلب على ظني أن النطق العتيق للضاد لا يوجد الآن عند أحد من العرب، ويقول (اليازجي) عن هذه الضاد في مجلة (الضياء): "وأما لفظ الضاد فإنا لم نسمع من يحكمه لهذا العهد على ما رسمه علماء العربية من مخرجه، والظاهر أنه لكثرة اختلاط العرب بغيرها فقد هذا الحرف من لغات الأعاجم، ضاع موضعه من الألسنة ولم يبق من يحقق لفظه، ولما تحدث (سيبويه) عن الحروف التي سماها، غير مستحسنة ولا كثيرة في لغة من ترضى عربيته، ولا تستحسن في قراءة القرآن، وذكر من بينها (الطاء التي كالتاء) وما سماه (بالضاد الضعيفة) التي يقول عنها: "من لغة قوم اعتاصت عليهم فربما أخرجوها ظاء، وذلك أنهم يخرجونها من طرف اللسان وأطراف الثنايا، وربما راموا إخراجها من مخرجها فلم يتأت لهم ذلك فخرجت بين الضاد والظاء". وهكذا تركنا (سيبويه) في حيرة من أمر هذا الصوت، ولكنه لم يشر مطلقاً إلى أن الضاد وحدها مما تميزت به اللغة العربية، أو أن هذه اللغة تسمى بلغة الضاد، وقد يدهش بعضنا لصمت (سيبويه) عن هذه التسمية (لغة الضاد) إذا تذكر ذلك الحديث المروي في كتاب النحاة والأصوليين من المتأخرين وهو "أنا أفصح من نطق بالضاد"، ولو صح هذا الحديث لاقتضى ذلك أن نتصور أن النطق بالضاد القديمة صفة تميز بها النطق العربي أيام النبي بل وقبل ذلك، وأن تلك الصفة كانت قد شاعت وذاعت وأصبح من المألوف حينئذ تمييز العربي بوساطة النطق بهذا الصوت، مما يسوغ أن يطلق على اللغة العربية (لغة الضاد) ولكن هذا الحديث، كما يقرر معظم الثقاة من القدماء، لم يثبت ولم يصح وليس له سند. وهنا نتساءل ماذا كان موقف العرب أيام ظهور الإسلام من الصوتين (الضاد والظاء) وهما اللذان اختصتهما اللغة العربية دون سائر الساميات بالرمز لهما في الكتابة العربية؟ *** ولا يخالجنا الآن أدنى شك في أن العرب القدماء كانوا في نطقهم يميزون هذين الصوتين ولكنهم ـ فيما يبدو ـ كانوا فريقين: فريق يمثل الكثرة الغالبة وهؤلاء هم الذين كانوا ينطقون بهما ذلك النطق الذي وصفه سيبويه، أما الفريق الآخر فكان يخلط بين الصوتين، ويذكر السيوطي في المزهر: "فاضت روحه، وفاظت روحه، ويقول إن الصورة الأولى تنسب لتميم، ولكن أبا عبيدة يرى أن بني ضبة وحدهم هم الذين كانوا يقولون (فاظت روحه) بالظاء، وأن سائر العرب كانوا ينطقون الكلمة بالضاد(5) .. ويذكر ابراهيم اليازجي في مجلة (الضياء) ما نصه : "ونقل عن الأصمعي أنه قال: تنبعث لغات العرب كلهم فلم أجد فيها أشكل من الفرق بين الضاد والظاء، وقال صاحب العين "إتقان الفصل بينهما واجب".. وتروى قصة طريفة بهذا الصدد يقال فيها: قال رجل لعمر: يا أمير المؤمنين أيضحي بضبي؟ قال عمر: وما عليك لو قلت أيضحى بظبي؟ قال الرجل: إنها لغة، قال عمر: انقطع العتاب ولا يضحى بشيء من الوحش.. ولعل من هذا أيضاً ما يذكره الجاحظ: "كان رجل بالبصرة له جارية تسمى (ظمياء) فكان إذا دعاها قال: يا ضمياء بالضاد، فقال له ابن المقفع: قل يا ظمياء، فناداها يا ضمياء، فلما غير عليه ابن المقفع مرتين أو ثلاثاً، قال: هي جاريتي أو جاريتك؟".. ويقول السيوطي في (الهمع) ما نصه: "والضاد أصعب الحروف في النطق ومن الحروف التي انفردت العرب بكثرة استعمالها، وهي قليلة في لغة بعض العجم ومفقودة في لغة الكثير منهم".. ثم ينتهي بنا المطاف إلى كلام صاحب تاج العروس حين يقول: "الضاد حرف هجاء وهو حرف مجهور وهو أحد الحروف المستعلية يكون أصلاً لا بدلاً ولازائداً، وهو للعرب خاصة أي يختص بلغتهم فلا يوجد في لغات العجم وهو الصواب الذي أطبق عليه الجماهير، ونقل شيخنا عن أبي حيان رحمه الله: "انفردت العرب بكثرة استعمال الضاد وهي قليلة في لغة بعض العجم ومفقودة في لغة الكثير منهم وذلك مثل العين المهملة، وذكر أن الحاء المهملة لا توجد في غير الكلام العربي ونقل ما نقله في الضاد في محل آخر عن شيخه ابن أبي الأحوص، ثم قال: والظاء المشالة مما انفردت به العرب دون العجم، والذال المعجمة ليست في الفارسية والثاء المثلثة ليست في الرومية ولا في الفارسية، قال ابن قريب والفاء ليست في لسان الترك...".. *** ليس الأمر إذن مقصوراً على الضاد، فقد تعثر الأعاجم في صدر الإسلام في النطق بأصوات عربية أخرى أكثر من تعثرهم في النطق بالضاد، أما تسمية العربية بلغة الضاد فقد ظهر لنا أنها ترجع إلى القرن الرابع الهجري فقد شاعت وذاعت حينئذ للتمييز بين العرب وغيرهم من الفرس والأتراك وكان هذا في بغداد، ومعها انتقلت هذه التسمية إلى البلاد العربي الأخرى، وأصبحت قضية مسلمة دون تفكير في أصل منشئها، ودون اهتداء إلى المسؤول الأول عنها... ونتساءل بعد كل ما تقدم، هل آن الأوان للعمل على وحدة النطق بين أبناء العرب في العصر الحديث؟ وأخيراً ولعل مما يساعد على تحقيق هذا الهدف أن نسبة شيوع الضاد في اللغة العربية ولا تكاد تجاوز 6 مرات في الألف، فهي من أقل الأصوات في اللغة شيوعاً. |
رد: العربية لماذا سميت هكذا؟
بارك الله فيك اختي عتاب
موضوع ومعلومات مميزة تحياتي لك |
رد: العربية لماذا سميت هكذا؟
شكرا لمرورك على موضوعي
|
رد: العربية لماذا سميت هكذا؟
تسلم اﻻيادي على الموضوع الهادف
|
رد: العربية لماذا سميت هكذا؟
مشكوووره
لا حرمناكي |
رد: العربية لماذا سميت هكذا؟
اشكرك اختي عتاب
اين انت ولم هذا الانقطاع المفاجئ تقديري لك |
رد: العربية لماذا سميت هكذا؟
موضوع مميز
كل الشكر |
رد: العربية لماذا سميت هكذا؟
سلمت يداك
تحياتي |
رد: العربية لماذا سميت هكذا؟
|
الساعة الآن 05:28 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |