![]() |
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن ..
" وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِّلشَّارِبِينَ "
الدكتور زغلول النجار من أقوال المفسرين : في تفسير قوله (تعالى) : " وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍوَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِّلشَّارِبِينَ " (النحل:66) . ذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم (جزاهم الله خيرا) ما نصه: وإن لكم أيها الناس في الإبل والبقر والغنم لموعظة تعتبرون بها , وتنتقلون في هداها من الجهل إلى العلم بالصانع المبدع الحكيم , ونسقيكم من بعض ما في بطونها من بين فضلات الطعام والدم لبنا صافيا لذيذا سهل التناول للشاربين . وبقية المفسرين ذكروا كلاما مشابها لا أرى ضرورة لتكراره هنا . إلا أن تعليق الخبراء بالهامش جاء فيه النص التالي: توجد في ضروع الماشية غدد خاصة لإفراز اللبن تمدها الأوعية الشريانية بخلاصة مكونة من الدم , والكيلوز , وهو خلاصة الغذاء المهضوم , وكلاهما غير مستساغ طعما , ثم تقوم الغدد اللبنية باستخلاص العناصر اللازمة لتكوين اللبن من هذين السائلين : الدم والكيلوز , وتفرز عليهما عصارات خاصة تحيلهما إلى لبن يختلف في لونه ومذاقه اختلافا تاما عن كل منهما . من الدلالات العلمية للآية الكريمة : أولا : ماهية الأنعام : يطلق العرب لفظة (الأنعام) أساسا على الإبل , وإن شملت بالإضافة إلى الإبل كلا من البقر , والغنم , والماعز , ولذا تعرف بالمال الراعية , وواحد (الأنعام) (النعم) قال الفراء هو ذكر لا يؤنث لأنهم يقولون هذا نعم وارد , وجمعه (نعمان) كحمل وحملان , وجمع الجمع (أنعام) و(أناعيم) . واسم (الأنعام) مستمد من (النعمة) وهي اليد والصنيعة والمنة لأنها من أجل ما (أنعم) الله به على الإنسان من خلائق . و(النعمي) و(النعماء) و(النعيم) مستمدة كذلك من (النعمة) . يقال : فلان واسع النعمة أي واسع الرزق ومنه المال . والأنعام من الحيوانات الثديية (اللبونة) , والثدييات هي طائفة من طوائف الحيوانات اختصها الله (تعالى) بالقدرة على إفراز اللبن من بين فرث ودم لإرضاع صغارها حتى تكبر , ولذلك ميزها الخالق (سبحانه وتعالى) بعدد من الغدد الخارجية القادرة على إفراز اللبن تعرف باسم الأثداء أو الضروع . وعلى الرغم من قلة عدد أنواع الثدييات (حوالي الأربعة آلاف نوع) إلا أنها تتوزع توزعا فاعلا في جميع بيئات الأرض , وتلعب دورا مهما في تبادل المادة والطاقة بينها وبين تربة الأرض قل أن تشاركها فيه مجموعة أخري من مجموعات الحياة الأكثر عددا مثل الحشرات والطيور . فمن الثدييات ما يعيش على اليابسة مثل الجمال , والأبقار , والغنم , والماعز , والزراف , والغزلان , والأحصنة , والبغال , والحمير , والفيلة , والكلاب , والقطط , والنمور , والأسود , وغيرها . ومنها ما يعيش في الماء كالحيتان والدلافين , ومنها ما يطير في الهواء كالخفافيش . وطائفة الثدييات من ذوات الدم الحار التي تتميز بوجود غطاء من الشعر أوالصوف يغطي أجسادها في أغلب الأحوال , وبأعداد من الغدد العرقية التي تعمل علي حفظ درجة حرارة الجسم في حدود مناسبة , وبأجهزة عصبية معقدة , وبوجود الضلوع في الجزء الصدري فقط حتى تتلاءم مع أجهزتها التنفسية , حيث توجد الرئتان في فراغ خاص بهما مفصول عن فراغ كل من القلب والبطن . ومعظم الثدييات من الحيوانات الولودة , التي تلد صغارها كاملة النمو , وترضعها الأم من لبنها حتى تفطم . ويمتد تاريخ الثدييات علي الأرض إلى حوالي (185) مليون سنة مضت (من العهد الجوري المبكر) وإن كانت أغلب الأنواع المعروفة لنا اليوم لا يتعدي وجودها على الأرض (90) مليون سنة (منذ http://www.elnaggarzr.com/files/75134_334.jpgبدايات العهد الطباشيري المتأخر) , ولم يزدهر انتشارها علي الأرض إلا منذ حوالي (50) مليون سنة فقط (في عهد الإيوسين أو فجر الحياة الحديثة) . ومن الثدييات ما يأكل الأعشاب , ومنها ما يأكل الحشرات , ومنها أكلات اللحوم , ومنها آكلات اللحوم والأعشاب , ولذلك تتمايز أسنانها إلى قواطع وأنياب وضروس . والأنعام من الثدييات آكلات الأعشاب ذات الحافر مزدوج الأصابع , والتي ميزها الله (تعالى) بالاجترار , وهيأ لها جهازا هضميا خاصا قادرا علي هضم كل من الأعشاب , وأوراق الأشجار , وغير ذلك من الأعلاف الخشنة , وزودها بقدر من الميكروبات التي تتعايش معها لتعينها علي هضم المواد السيليولوزية المعقدة في معدة الاجترار , وتزيد من القيمة الغذائية لها بتحويل النيتروجين العضوي الناتج عن عملية تخمر الطعام إلى عدد من الأحماض الأمينية , وتجهيز أعداد من الفيتامينات المهمة . أما الثدييات ذات الحافر أحادي الأصابع فتشمل الأحصنة وأشباهها , والفيلة وأشباهها , ولذلك كان في فصل كل من الخيل والبغال والحمير عن الأنعام في مطلع سورة النحل إشارة ضمنية لتلك الفوارق , وإلى التشابه التشريحي والوظيفي بينها حيث إن كلها من الثدييات اللبونة . ثانيا : تكون اللبن من بين فرث ودم في ضروع الأنعام : يتكون اللبن أساسا من البروتينات , والكربوهيدرات , والدهون , والعديد من العناصر , والفيتامينات , والماء . وكل ذلك يستمد من غذاء الحيوان وشرابه ومن دمه والذي وصفته هذه http://www.elnaggarzr.com/files/93085_cattle%5B1%5D.jpgالآية الكريمة بقول الحق (تبارك وتعالى) : من بين فرث ودم , والفرث هو الأشياء المأكولة والمنهضمة بعض الانهضام في الكرش , ولذا يطلق عليه أحيانا ثقل الكرش , فإذا خرجت من الكرش سميت روثا . ولقد صمم الخالق (سبحانه وتعالى) ضروع الأنعام وضروع غيرها من الحيوانات الثديية (اللبونة) بحكمة بالغة كي يمكنها من إنتاج اللبن لإرضاع صغارها , واستفادة الإنسان منه . فضروع الأنعام رباعية التركيب , وتتدلي بأربطة خاصة من الحوض لرفعها عن الأرض , ولامتصاص ما قد تتعرض له من صدمات خاصة عندما تمتلئ باللبن , ويثقل وزنها . وكل ربع من الضرع يعمل مستقلا في إنتاج وتخزين اللبن , وهو يتكون من العديد من الغدد اللبنية المبطنة لجداره والمتصلة مع بعضها البعض بالشعيرات الدموية المغذية لها , وينتهي الضرع بالحلمة التي تمثل نهاية قناة اللبن ويحكم شكلها , ووضعها , وطولها , وزاوية ميلها , والعضلات المتحكمة فيها ضوابط وراثية في غاية من الدقة تحكم تدفق اللبن فيها , وتمنع تسربه منها إلا عند الضرورة , كما تضبط إحكام غلقها حتى لا تتسرب إليه البكتيريا وغيرها من الملوثات الحيوية وغير الحية . والغدد اللبنية المبطنة لضروع الأنعام هي غدد ذات فراغات كبيرة (أسناخ) يتكون فيها اللبن باستخلاصه من الشرايين الحاملة للدم المؤكسد , والأوعية اللمفاوية الحاملة لسوائلها العديمة http://www.elnaggarzr.com/files/7001...ock%5B1%5D.jpgاللون (الليمف) وما بها من مواد غذائية مستمدة من الفرث المهضوم هضما جزئيا في معدة الحيوان . وفي اللبن العديد من المركبات التي تنتج عن تخمر العلف في معدة الاجترار لتكوين عدد من الأحماض الدهنية المتطايرة التي تذهب إلى الكبد لإنتاج سكر العنب (الجلوكوز) الذي يحمله الدم إلى الخلايا المفرزة للبن في الضروع فينتج منه سكر اللبن اللاكتوز . أما المواد البروتينية فتنتج في الخلايا المفرزة للبن من الأحماض الأمينية التي يحملها إليها الدم من معدة الاجترار (الفرث) , هذا باستثناء كل من المواد الزلالية , والجلوبينات المناعية (Immunoglobulins) التي ينقلها الدم مباشرة إلى الخلايا المفرزة للبن وكذلك اللبأ colostrum)) الذي يتكون في الفترات المتأخرة من الحمل في أماكن أخري من جسم الحيوان وينقله الدم مباشرة إلى ضروعة , وغالبية الدهون في اللبن تنتج أصلا من الزيوت والدهون النباتية المستمدة من العلف والمهضومة هضما جزئيا في معدة الاجترار (الفرث) حيث تجهز تلك الدهون ثم ينقلها الدم إلى الغدد المفرزة للبن في الضرع وهنا تتكسر إلى رقائق صغيرة حتى تتمكن من اختراق جدر خلايا تلك الغدد . وعلي ذلك فإن تمام عملية اجترار الأعلاف التي يتناولها الواحد من الأنعام بكفاءة , وعملية تخمرها في معدة الاجترار بكفاءة كذلك مسئولان عن زيادة أو نقص الدهون في اللبن . وفي اللبن العديد من أثار العناصر التي من أهمها : الكالسيوم , والفوسفور , والبوتاسيوم , والمغنيسيوم , ويليها في الأهمية كل من الصوديوم , والكلور وكلها مستخلصة من غذاء الحيوان (العلف) بعد تخمره في معدة الاجترار (الفرث) , وتوجد هذه العناصر مرتبطة بالأحماض الأمينية المتولدة من تخمر الطعام , وتنتقل إلى اللبن في المادة المسببة لعمليات تجبن اللبن والمعروفة باسم الجبنين أو الكازين (Casein) . وعند تنشيط خلايا إفراز اللبن فإنه يتدفق منها إلى فراغات الأنساخ التي تتضاغط بواسطة طبقة عضلية محيطة بها فتدفع اللبن إلى عدد من القنوات الرئيسية التي تنتهي إلى قناة الحلمة ومنها إلى الخارج أثناء أي من عمليتي الرضاع أو الحلب . وحركة الدم بين معدة الاجترار بصفة خاصة وبين باقي أجزاء جسم الحيوان بصفة عامة وبين ضرع الحيوان من جهة أخري هي عملية أساسية في إنتاج اللبن فيها حيث يتم ضخ حوالي خمسمائة لتر من الدم إلى الغدد اللبنية في ضرع الحيوان من الأنعام الكبيرة كالإبل والبقر لتوفير المواد اللازمة من البروتينات , والكربوهيدرات , والدهون , والعناصر والفيتامينات والهرمونات اللازمة لرضعة أو حلبة واحدة بقدر كاف . ويستمر تدفق اللبن إلى ضرع الحيوان مادامت الظروف الصحية له , والبيئية المحيطة به ملائمة من حيث توافر التغذية المناسبة , والماء العذب , والهدوء النسبي , ومادامت عمليتا الحلب والرضاع تتمان بانتظام , وفي غيبة ذلك فإن الغدد المفرزة للبن تبدأ في الانكماش والالتفاف على ذاتها , وتجف تدريجيا حتى يتوقف تدفق اللبن منها . وهذه الغدد المفرزة للبن والتي تبطن فراغات أسناخ الضرع تتكون من خلايا متخصصة علي أعلي درجات التخصص حيث إنها تتحكم بمشيئة الله في كمية اللبن المفرز وتركيبه , وهي في نفس الوقت محكومة بسنن وراثية منضبطة . وبالنسبة لأنثى الأنعام الحامل فإنه عند اقتراب وقت المخاض فإن جسمها يفرز عددا من الهرمونات الخاصة التي تضعف من ارتباط الجنين بجسم الأم عن طريق المشيمة بالتدريج , وتثير في الجسم كله تحرك المركبات اللازمة لإنتاج اللبن , وتصل الإشارة الهرمونية من جسم الجنين إلى الغدة النخامية للأم , وعلي الفور يبدأ في جسدها سلسلة من التغيرات الهرمونية التي تعين في إتمام عملية المخاض والولادة , وتنبه الضرع لإنتاج اللبن . وكمية اللبن المتدفق في الحالين (الرضاعة أو الحلب) تتأثر بالعديد من التفاعلات العصبية والهرمونية التي يثيرها في جسم الحيوان عدد من حواسه كالنظر , والسمع , واللمس , وهذه تصل إلى الغدة النخامية فتطلق هرمونا خاصا يعرف باسم هرمون الأكسيتوسين (Oxytocin) في الدم الذي يحمله بدوره إلى الخلايا العضلية المبطنة لجدر أسناخ الضرع فتنقبض حتى يفيض اللبن إلى فراغ كل واحد من أثداء الضرع , وعلي النقيض من ذلك فإن المؤثرات السلبية علي الحيوان مثل الضجيج المزعج , واضطراب الظروف البيئية المحيطة , والآلام التي يعانيها قد تشجع علي إفراز هرمون الأدرينالين الذي ينقص نزول اللبن بشكل ملحوظ أو يوقفه تماما . ثالثا : الإشارة إلى الأنعام بالتذكير والتأنيث : والإشارة القرآنية بالتذكير في لفظة (بطونه) في الآية الكريمة التي نحن بصددها , والإشارة إلى نفس اللفظة بالتأنيث في سورة المؤمنون (مما في بطونها) جاءت باعتبار أن الأنعام يذكر ويؤنث . وذكر بعض المتأخرين أن الضمير في الآية التي نحن بصددها جاء مذكرا ومفردا للإشارة إلى أن اللبن يتكون بأمر من هرمونات الذكورة , وذلك لأن الأنثى لا تفرز اللبن إلا إذا تسببت نطفة الذكر في إخصاب البويضة , وتكون الجنين , وما يصاحب ذلك من إفراز هرمونات خاصة تعمل علي تنشيط الغدد اللبنية حتى تكتمل قدرتها علي إفراز اللبن بمجرد الولادة , ومن هنا جاءت الإشارة في التعبير القرآني الكريم هنا بالإفراد والتذكير (مما في بطونه) لتأكيد تلك الحقيقة , وبالجمع والتأنيث في سورة المؤمنون (مما في بطونها) للإشارة إلى الإنعام بصفة عامة , وإلى إناثها بصفة خاصة . وهذه الحقائق العلمية عن إخراج اللبن في ضروع الأنعام من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين , لم تكن معروفة في زمن الوحي , ولا لقرون متطاولة من بعده , وورودها بهذه الإشارات البالغة الدقة والكمال والشمول والإيجاز في كتاب أنزل على نبي أمي (صلى الله عليه وسلم) من قبل أربعة عشر قرنا , وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين لما يقطع بأن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله , وحفظه بعهده في نفس لغة وحيه حتى يكون حجة على جميع خلقه إلى قيام الساعة , فالحمد لله على نعمة الإسلام والحمد لله على نعمة القرآن , والحمد لله في كل وقت وآن . والصلاة والسلام على خاتم أنبياء الله وخاتم رسله أجمعين الذي تلقى هذا القرآن العظيم فبلغ الرسالة , وأدى الأمانة , ونصح الأمة , وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين , فنسأل الله (تعالى) أن يجزيه خير ما جازى به نبيا عن أمته , ورسولا على حسن تبليغ رسالته , وأن يؤتيه الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة إن ربي لا يخلف الميعاد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . |
شكرا لك أرب على الاختيار المميز والشكر موصول للدكتور زغلول النجار الذي كرس علمه وجهوده لكشف مواطن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
|
شكرا لحضورك ميارى وردك
تحيتي لكِ |
مشكوره على الطرح الراقي
بارك الله فيك |
اختي أرب
كـ عادتكـ لاتأتي الا بمآ هو مميز شكراً على النقل والفائده طبت |
|
http://www.arabna.info/vb/mwaextraedit4/extra/77.gif بارك الله بك ونفع بعلمك وجوزيت عنا كل خير |
شكرا على مروركم صائد ومستر هو وريانة العود
تقديري لحضوركم |
شكرا أرب طرح مهمّ أحسنت الإختيار احتراماتي لك |
الساعة الآن 08:16 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |