![]() |
الحكم والطُرف واللطائف
الحكم والطُرف واللطائف
أما الحكمة : الحكمة :هي معرفة الوجود الحق وأسمائه الحسنى وصفاته العليا وآثارها ، ويترتب عليها نوعان : الأولى : الحكمة النظرية : وهي عبارة معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم ، ومعناها معرفة الوجود الحق وأسمائه الحسنى وصفاته العليا وما يتفرع على فعله وآثاره الحقيقية وتمييزها عن غيرها ، وكل ما يرتبط به من الهداية التكوينية والتشريعية وما يتفرع عليها من تنظيم الشرائع وتبيين المواعظ والعبر ، وكذا عد منها الكلمات البليغة التي تعبر عن المقاصد العالية والمعارف الغالية الموصلة لرحمة الله والمبعدة عن نقمته . وهي الحكمة العلمية . الثانية : الحكمة العملية : هي وضع الشيء في موضعه المناسب على نحو الإتقان ، ومثله تعريف الحكمة العملية: هي عدم فعل مالا ينبغي . فالحكيم : الذي لا يفعل القبيح ولا يخل بواجب . والحكيم التام :هو الله تعالى ،ثم أنبياءه وبالخصوص خاتمهم وأوصياءه بالحق والذين علمهم من الله تعالى و يعملون بما علموا بأحسن وجه ممكن ثم أتباعهم والمقتدين بهم ، لأنهم يعلمون علوم الله الحقة من غير تحريف ويعملون بها ، وليس بعد الحق وإن كان مرّ ثقيل إلا الضلال وإن حلا وسهل و أعجب منظره وزينته . ثم كما عرفت : قد يتوسع في معنى الحكمة فتشمل كل كلمة بليغة ونافعة ومفيدة سواء قالها الله تعالى أو أنبياءه أو أوصياءهم أو العلماء والحكماء أو الفلاسفة ، بل قد تصدر الحكمة على ما قيل حتى من المجانين ، بل وحتى من المنافقين لعدم تحملهم لها ، وقال مولى الموحدين بعد سيد المرسلين أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب عليه السلام : ((خذ الحكمة أنى كانت فإن الحكمة تكون في صدر المنافق فتلجلج في صدره حتى تخرج فتسكن إلى صدر المؤمن )) . نهج البلاغة قصار الحكم 79 . وعن حفص بن البختري ، رفعه قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : (( روحوا أنفسكم ببديع الحكمة ، فإنها تكل كما تكل الأبدان )) الكافي جزء 1 باب النوادر حديث 1 . وإليك بعض الحكم البليغة والجميلة : 1_قال الله تعالى :(( يؤتي الحكمة من يشاء من يؤت الحكمة فقد أوتي خير كثيرا وما يتذكر إلا أولوا الألباب )) .البقرة 269 . 2_قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((شر الناس من باع أخرته بدنياه ، وشر من ذلك من باع أخرته بدنيا غيره )) . 3_ قال الإمام علي بن أبي طالب علية السلام : (( أتق الله بعض التقى وإن قل ، وأجعل بينك وبينه ستراً وإن رق )) . 4_ قال الإمام الحسن بن علي عليه السلام : (( لرجل كيف طلبك للدنيا ؟قال الرجل شديد ، قال عليه السلام : فهل أدركت ما تريد ؟ قال الرجل : لا ، فقال عليه السلام : فهذه التي تطلبها لم تدرك منها ما تريد ، فكيف بالتي لم تطلبها ؟! )) . 5_ لقمان الحكيم : في يوم دعاه مولاه فقال له : اذبح شاة فأتني بأطيب مضغنتين منها ، فذبح الشاة وأتاه بالقلب واللسان . ثم بعد أيام أمر بمثل ذلك وان يأتيه بأخبث مضغنتين ، فاخرج إليه القلب واللسان . فسأله عن ذلك ، فقال : لأنهما أطيب شيء إن طابا وأخبث شيء إن خبثا . |
وأما الطُرف : وأما الطُرف : وهي جمع طُرفة ، ونريد بها هنا كل كلام طيب نادر وحديث مستحسن له قصة أو حكاية أو واقعة عجيبة تدل على ذكاء وفطنة صحبها وبطل قصتها ، وتدخل فيها جميع المناظرات والاحتجاجات التي فيها لطف وقصيرة البحث وعلى عجالة ، وإلا إذا لم تكن قصيرة تبقى مناظرة أو احتجاج وإن كان فيه طرافة ، و مثال الطرف : 1_مر مسرعاً لصلاة الجماعة الشهيد أبو محمد الشاكري (قبل استشهاده) ببعض المؤمنين والذي أيضاً كان في طريقه لصلاة الجماعة ولكن كان يمشي على بطأ وهدوء ، فخاطب أبو محمد الشاكري صاحبه وهو على سرعته بقول الله تعالى : ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا )) الفرقان 63، فأجابه صاحبه على الفور بقوله تعالى : ((وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ )) الواقعة 10 ، فتعجب المؤمنون والمارة الذين كانوا برفقتهما من سرعة الجواب المناسب ، وأقول : حقاً كان من السابقين حيث أستشهد بعد حين . 2_ ركب أحد الخلفاء مع بعض ندمائه يوما في سفينة ، فسأل نديمه قالاً : أي الطعام أشهى عندك وألذ ؟ قال : مخ بيض مسلوق . فعبر حتى أتفق عودهما بعد سنة إلى نفس مكان السؤال السابق ، فقال الخليفة : مع أي شيء ؟ قال النديم : مع الملح ، فتعجب من استحضاره . 3_خطب المأمون في بعض الجهات وأخذ يتبختر بها ، فوقعت ذبابة فوق عينيه فطردها ، ثم عادت حتى قطعت عليه خطبته ، فلما فرغ من الصلاة بعث إلى بعض العلماء فسأله : لم خلق الله الذباب ؟ فقال له : ليذل به الجبابرة ! فقال له صدقة . 4_ خرج الرشيد إلى بعض الرساتيق فتظلمت إليه امرأة من فعال جنده ، فقال : أما تقرئين كتاب الله ((إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها )) ؟! فقالت المرأة إنما قرأت (( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا )) . قال : صدقت فأمر بإخراج العسكر من تلك الناحية . 5_ قال بعض العلماء لنصراني : لو أسلمت ؟ فقال النصراني : ما زلت محباً للإسلام إلا أنه يمنعني حب شرب الخمر ! فقال العالم : لا بأس اسلم وأشربها ، فقبل منه واسلم . فقيل له بعد أن أسلمت لا يحق لك شرب الخمر : أن شرب حددناك ، وإن ارتددت قتلناك ، فقبل وحسن إسلامه . وأما اللطائف : وأما اللطائف : وهي جمع لطيفة : ونريد بها هنا كل كلام رقيق يفرح المستمع ويضحكه ويستوجب الرفق والتعطف على صاحبه وبطل قصته ويدل على وغفلته وانخداعه لبساطته ومثلها . 1_ صلى أحد البسطاء خلف إمام جماعة فقرأ (( أنا أرسلنا نوح إلى قومه )) فلما وصل إليها نسي ما بعدها ثم وقف و جعل يرددها . فقال البسيط : أرسل غيره يرحمك الله وأرحنا وأرح نفسك . 2_ زار صديق صديقه وامتدت به إقامته ضيفاً عنده إلى اقتراب العيد ، فقال له المضيف : سيكون أهلك وأطفالك بحاجة إليك في العيد ؟! فقال الضيف : أشكرك على تفكيرك في أمر عائلتي ، وأني سأرسل لهم ليحضروا على الفور !!! فجاءوا و اجتمع الشمل !!! 3_ قيل صلى أحد البسّط في الصف الأول ، فقرأ إمام الجماعة (( ومالي لا اعبد الذي فطرني )) . فقال البسيط : ما ادري والله . فضحك الناس وقطعوا الصلاة . 4_ اجتمع محدث ونصراني في سفينة فصب النصراني في زق كان معه شربه وشرب ، ثم صبها وعرضها على المحدث فتناولها المحدث من النصراني . فقال النصراني : أنها خمر ، فقال من يدعي علم الحديث : من أين علمت أنها خمر ؟ قال النصراني : اشتراها غلامي من يهودي . فشرب مدعي علم رجال الحديث الخمر على عجالة . وقال للنصراني: نحن أصحاب الحديث نتأمل ونبحث في سند الحديث انه ثقة أم لا في كبار المسلمين مثل حديث سفيان بن عينية وسعيد بن جبير ، أتردني أصدق نصراني عن غلام عن يهودي ، والله ما شربتها إلا لضعف الإسناد . 5_ حكي أن أعرابي ضحى يوم العيد بجمل فذكر للناس أنه ضحى بجمل ، ثم ذكره في مجمع آخر ، فقيل له : إلى متي تذكر هذا الجمل للناس ؟ فقال الإعرابي : يا سبحان الله أن الله تعالى ذبح كبشا فدية عن نبيه إسماعيل ، وذكره في مواضع من القرآن فكيف لا أذكر أنا الجمل ؟!! . قصة طريفة لطيفة فيها حكمة : كان الملوك يحضرون مجلسهم العام بعد حضور الناس ، لكي يقوم الناس بجماعتهم لتعظيمهم ولا يقومون لأحد ، وفي يوم كان مع الداخلين بهلول العاقل ، وكان ملك زمانه وخليفة الظاهري هارون الرشيد . ولما دخل هارون وقبل جلوسه على كرسييه قام بهلول وجلس على كرس الملك قبله وبقي هارون واقف ، فأخذ الحرس بهلول و بدءوا يجلدونه ويضربوه ويركلوه أمام الملك والناس . فأخذ بهلول بالبكاء بالعويل والصياح العالي والصراخ ، وبعد فترة من الضرب والجلد والركل ، أمر هارون الرشيد بالكف عنه . وقال له هارون: هل أوجعك الضرب والجلد ؟ قال بهلول : لا !!. فقال له هارون : إذن لماذا هذا البكاء والعويل والصياح والصراخ إذا لم يوجعك الضرب؟ قال بهلول : بكيت عليك و أعولت على حالك ولم أبكي على نفسي !! فقال هارون : وكيف والضرب والجلد وقع عليك والبكاء والصراخ صدر منك ؟!! فقال بهلول : أنا جلست على هذا الكرسي أقل من دقيقة أنالني من الضرب من الجند والحرس ما قد رأيت لولا أن تأمرهم بالكف عني لما كفوا ، وأنت جالس على هذا الكرسي سنين فكم ستحصل عليه من الضرب والجلد من جند الله وملائكته وحرس جهنم ولا يكف عنك ، فلذا شغلني حالك عن حالي وبكيت عليك . فيقال : استحسنه الحاضرون وأعتبر كلام بهلول حكمة علمية وعملية مع ما فيه من موقف طريف ونادر وعجيب ويدل على الذكاء والفطنة في الوعظ ، ولكن بتصرف يحسب أوله من الجنون والبساطة . http://www.mowswoat-suhofe-alltyybey...asena/hakm.gif |
مشكورة أخت أرب على الموضوع الرائع دائما متالقة
|
موضوع لا نظير لطرافته و حكمته
ارب دائما متميزة في اختياراتها للمواضيع بارك الله بك |
يسلمو ع الطرح الراااائع
|
رد: الحكم والطُرف واللطائف
موضوع مميّز من يدِ مميّزه
تسلم الأيادي |
رد: الحكم والطُرف واللطائف
شكرا ارب جمال على طرحك
تحياتي |
رد: الحكم والطُرف واللطائف
طرح مميز
بارك الله فيك |
رد: الحكم والطُرف واللطائف
شكرا لك على الطرح
تحياتي |
رد: الحكم والطُرف واللطائف
طرح موفق
يعطيك العافية على هذه االطائف |
الساعة الآن 02:48 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |