منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   فلسفة وعلم نفس
علم ما وراء الطبيعه والقوى الخارقه
(http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=75)
-   -   أسرار الغيرة (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=6740)

ميارى 12 - 5 - 2010 07:05 PM

أسرار الغيرة
 





أسرار الغيرة
د. الزين عباس عمارة
مستشار الطب النفسي
في مختار الصحاح لأبي بكر الرازي (الغيرة) بالفتح مصدر قولك (غار) الرجل على أهله يغار (غيرا وغيرة) وغارا ورجل(غيور) وغيران وأمرأة (غيور) و(غيري) . أما الحسد فهو أن تتمنى زوال نعمة المحسود إليك- وقال الأخفش يقولون : يحسده حسدا وحسده على الشيء او حسده الشيء بمعنى (حساده) أي الحسد ..
يقول عالم النفس الأمريكي ت.م انكلز في دراسة الفارق بين الغيرة والحسد : أن الغيرة نوع خاص من أشكال القلق الذي ينطوي على عدم الشعور بالأمن والخوف من فقدان العاطفة لمنافس.. والغيرة لها صفات دافعيه إيجابية بينما للحسد قوة حفز سلبية ، فالرجل الذي يغار على زوجته يعتقد أن آخر يسرق عاطفتها ، حتى في غياب ذلك المنافس الوهمي يبقى الخوف على زوجته من ظهور هذا الشبح مجرد مصدر أرق يدفع الغيور لاحتمال حدوث الفقد وتحمل آلام نفسية قاسية في حماية الشيء الذي يخشى فقدانه . أن المشاعر البشرية المتشابكة كالغيرة والحسد يمكن التمييز بينهما بوضوح معقول بالنظر في الدافعية الإيجابية لا الآثار السلبية المترتبة عليها ، فتحليل دوافع الغيرة يساعد على التمييز بين وجهي الظاهرة الصحي والمرضي ، والتمييز بين الغيرة كخوف من منافس او الحسد كأمنية امتلاك شيء يمتلكه آخر ومحاولة وضع حد بين نهاية الغيرة وبداية الحسد . فالإنسان قد يغار من الآخر على سيارته دون أي شعور عدواني تجاهه ، ولكن في الحسد يكون الشعور تجاه الآخر عدائيا وبينما نجد في الغيرة المرضية في وجود منافس حقيقي قد يتسم رد فعل الشخص الغيور بالصفات العدوانية مما يدل على صعوبة التمييز بين المشاعر الإنسانية كدوافع إيجابية أو حالات عاطفية سلبية . أن سيكولوجية الغيرة تؤكد أنها ظاهرة صحية تدفع الى التنافس الشريف بين الأفراد والجماعات ولكن عندما تزيد عن الحد المعقول تصبح ظاهرة مرضية ومصدر شقاء للإنسان .. فالغيرة ظاهرة نفسية إنسانية عالمية في الأجناس والأديان والأعراق والسلالات في أرقى مستوياتها وغريزة بدائية حياتية موروثة ومكتسبة في كل مملكة الانسان والحيوان ان تخدم البقاء وتقف وراء الدوافع والحاجات الأولية الشعورية واللا شعورية وتشكل سلوك الانسان في درجاته ألم تفاوته في تكوين المفاهيم والمعارف والاتجاهات وتكتسب أهميتها كمخزون وقود للعلاقات الإنسانية ومصدر توليد طاقة نفسية دافعة لحركة الفرد داخل الأسرة والمجتمع داخل الدولة والشعب بين الأمة والأمة في محيط العالم . والغيرة حالة انفعالية معقدة تتكون عناصرها في الطفولة الأولى من حب التملك والشعور بالخوف من فقدان شيئي والشعور بالنقص والغضب نتيجة الإحباط وهي تعتبر عن الذات السوية وأول مظاهر التكيف النفسي والتوافق الاجتماعي وبما أنها إحدى الغرائز الأولية التي تصاحب الانسان في مراحل نموه المختلفة فان عناصر تكوينها النفسي ثابتة ولكنها تتغير في كل مرحلة حسب متطلبات النمو الانفعالي من الطفولة الى الشيخوخة .. فالطفل يغار من المركز الاجتماعي والمكانة الأدبية والمادية للرجل .. والكبير يغار من نضارة الشباب وفورة الصبا ويقول تعبيرا عن حالة : ألا ليت الشباب يعود يوما .. والعلاقة بين الأب والابن والرئيس والمرؤوس والصديق .. والعدو .. ترتكز على دعائم الغيرة وعلى بضعة معطيات : أولا نتيجة الحرمان من العطف والحنان كأن يهتم الآباء بأحد الأبناء لأنه الوحيد بين البنات أو الوحيدة بين الأولاد أو لجمال الشكل أو حدة الذكاء أو كثرة المرض . وثانيا : المقارنة والمفاضلة الصريحة والمستترة في حسن الظن بأن هذا حافز للمنافسة والبذل دون مراعاة للفروق الفردية والتكوين النفسي وثالثا: الشعور بالنقض داخل وسط يجد الفرد نفسه فيه عاجزا عن مجاراة أفراد أكبر عمرا أو أقوى جسما أو أكثر ذكاء أو أفضل نسبا أو اعظم جاها ورابعا : مشاجرات الوالدين التي تهدد أمن الطفل ، أو اختلاف الرؤساء الذي يهدد أمن العامل بفقد أحد الطرفين ويكون الصحية الأولى لهما .. وخامسا : الغيرة وليدة الأنانية في حالاتها المرضية فكلما زادت هذه الصفة تولدت تلقائيا واخيرا تعلق الطفل المريض بأبويه وتملكه لهما يغار منهما وينفرد بهما مثل تعلق الموظف برؤسائه وإفراطه في الولاء وطاعته العمياء بصورة انفرادية استحواذية في قول المتبني في مدح سيف الدولة معبرا عن حبه وغيرته ..
أزل حسد الحساد عني فأنني .. بحبك قد صيرتهم لى حسدا ..
وهكذا تتكون صورة الغيرة في حياة الانسان ولكن تختلف في شكل التعبير عنها بشتى الوسائل وفي الإطار المناسب حسب مقضيات النمو الانفعالي للفرد وعمره الزمني ودرجته الاجتماعية .. يقولون : بدون ملح الغيرة في طعم الحياة يصاب الانسان بفقدان الشهية للمنافسة الشريفة والطموح المشروع .. فالفرد بدون الغيرة كالمحرك بلا طاقة والحركة ضرورية لدفع الدم في شريان الحياة ولكنها حركة موظفة لأهداف نبيلة يحددها الإطار الذي يولد هذه الطاقة. مثل أولى الأمر والقادة في البيت والمدرسة والمجتمع والدولة . أن الغيرة داخل البيت سر تماسك أفراد الأسرة في خوفهم من فقدان مركزها الاجتماعي في محيط الأسر الأخرى ، فتحدد لكل فرد دورا خاصا يقوم به أو ترفض منه سلوكا معينا يصدر عنه ، ومن خلال نشاط هذه الخلية الواحدة تتحدد هوية الأسرة بتقاليدها وسماتها المميزة .. والغيرة داخل محيط العمل سر ديناميكية حركة العمل وتحقيق المعجزات فهي الدافع الى اكتساب مهارات جديدة من خلال ممارسة متصلة للحصول على خبرات متميزة بين العاملين أهمها حب العمل ذاته وطاعة الرؤساء ( ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) واذكاء روح الزمالة المهنية التي هي صمام الآمان ، وتأكيد الصفات الحميدة كالإخلاص والصبر والثقة بالنفس والتضحية فتنتقل كالعدوى من فرد لآخر بصورة تميز المؤسسة وتعطيها سمعتها في محيط العمل التي تحدد أسلوب التعامل معها .. والغيرة بين الشعوب هي أرقى سمات التقدم ، فالشعب بلا غيرة على هوية دينه ووطنه وجنسه ولونه وعرقه يفقد مقومات الأصالة وعوامل الكينونة وروح البقاء ويتلاشي في خضم البحار العاتية المليئة بالمراكب الشراعية والبوارج الحربية .. كما أن الغيرة هي وقود العلاقات الدبلوماسية في المحافل الدولية في التنافس الشريف من أجل تسجيل مواقف إنسانية تشهد بأصالة الأمة التي حجزت مكانتها تحت الشمس واحتلت مقعدها المتميز في الأمم المتحدة بين الدول المتقدمة والنامية .. ومن أبرز نماذج الغيرة التي قد تكون إيجابية صحية أو سلبية مرضية ، هي التي تدور في ثلاثة محاور في الحياة .. كالغيرة الزوجية والغيرة الوطنية والغيرة المهنية ومن أروع ما كتب في وصف الغيرة الزوجية المرضية دراسة عالم النفس البريطاني (مايكل شبرد) من جامعة لندن حيث صور كيف يمكن أن تتحول من حالة حب جارف الى شك قاتل يكون أفضل علاجه الانفصال الفوري وأخطر مضاعفاته القتل العمد مع سبق الإصرار .. والغيرة الوطنية المرضية هي التي تدفع الى امتلاك حقوق الآخرين الأدبية والمادية ، أما بمسح شخصية الدولة بإثارة الكراهية نحوها أو تسميم العلاقات معها والآخرين بأسلوب الوشاية والكذب الانتقامي . وهو أسلوب نكوصى طفولي يحدث عند الأطفال في حالة الحرمان وعند الكبار في حالات الإحباط أو ماديا بشن عدوان أو أعلان حرب أو تدمير منشآت أو قطع علاقات الى آخر أشكال التخريب.
والغيرة المهنية أحد مظاهر الصحة في توطيد العلاقات وتنشيط الحوارات وتحديد المسارات بين أفراد المهنة الواحدة .. العامل والتاجر والزارع والطبيب والمهندس ورجل القانون : فهي بداية الخروج من أحلام اليقظة الى ممارسة الواقع والارتفاع الى مستوى المنافسة الشريفة بالتسامي من مشاعر الدونية الى صنع الدفاعات النفسية السليمة الحافزة للقفز فوق حاجز العجز بحيث يصعد أصحاب المهنة الواحدة في نفس الدرج حتى إذا وصلوا الطابق الأعلى شعروا بالحاجة للصعود الى أعلى الطوابق وارتفعوا بالمهنة والحرفة الى درجة الكمال .
والغيرة قد تكون معلنة من خلال واجبات يقوم بها الفرد بحثا عن ترقية أو سلوكيات يبتدعها وصولا الى غاية نبيلة وأفضل الغايات فعل الخير.. أو قد تكون الغيرة مبطنة في سبيل تحقيق كل هذه الأهداف تحت شعار( واستعينوا على قضاء حوائكم بالكتمان) ولكن عندما تتحول هذه الغيرة الى حسد تنهار كل دوافع الإبداع ، فالحسد يأكل الفرد من الداخل كما تأكل النار الهشيم فتتداعى نفسية الحاسد .. كما تتصدع شخصية العائن فاذا كان كل عائن حاسدا وليس كل حاسدا دعائنا فان كل حاسد غيور وليس كل غيور حاسد يجب الاستعاذة منه .



B-happy 12 - 5 - 2010 09:10 PM

اللهم جنبنا ان نحسد ونُحسد
اللهم آمين
موفقة بالطرح اختي ميارى
شكرا لك

بيسـان 12 - 5 - 2010 09:36 PM

يسلمووووووووو

تهاني 13 - 5 - 2010 06:05 PM

يسلمو على الموضوع يا ميارى وما ننحرم من بصماتك

عاشقة الوطن 13 - 5 - 2010 06:21 PM

مشكورة اخت ميارى على الموضوع القيم وطاب مساؤك وصباحك.

ميارى 15 - 5 - 2010 04:16 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة b-happy (المشاركة 46678)
اللهم جنبنا ان نحسد ونُحسد
اللهم آمين
موفقة بالطرح اختي ميارى
شكرا لك

اللهم آمين, شكرا على المرور العطر . نسأل الله أن يسعدك في الدارين

ميارى 15 - 5 - 2010 04:17 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بيسان (المشاركة 46697)
يسلمووووووووو

تسلمييييييييييييييييييي عزيزتي

ميارى 15 - 5 - 2010 04:19 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الملكة الصغيرة (المشاركة 46885)
يسلمو على الموضوع يا ميارى وما ننحرم من بصماتك


ما ننحرم من تشريفك لنا جلالة الملكة. شكرا لك

ميارى 15 - 5 - 2010 04:20 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشقة الوطن (المشاركة 46893)
مشكورة اخت ميارى على الموضوع القيم وطاب مساؤك وصباحك.

الله يطيب أنفاسك يا طيبة النفس والإحساس. منورة دائما وعلى الرحب والسعة


الساعة الآن 05:52 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى