منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)
-   -   كل يوم حكاية ادبية (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=8017)

تهاني 4 - 7 - 2010 11:06 AM

كل يوم حكاية ادبية
 
كل يوم حكاية ادبية

حكايات ادبية
حاتم الأصم



كان حاتم الأصم رجلا كثير العيال قليل المال، ولكنه كان حسن التوكل شديد الاجتهاد في الطاعات.

جلس ذات ليلة يتحدث مع أصحابه فتعرضوا لذكر الحج، فداخل الشوق قلبه، فدخل على أولاده وجلس معهم يحدثهم، فقال لهم: "لو أذنتم لأبيكم أن يذهب إلى بيت ربه في هذا العام حاجا، ويدعو لكم، ماذا عليكم لو فعلتم؟".

فقالت زوجته وأولاده: "أنت على هذه الحالة لا تملك شيئا، ونحن على ما ترى من الفاقة، فكيف تريد ذلك ونحن بهذه الحالة؟".

وكان له ابنة صغيرة فقالت: "ماذا عليكم لو أذنتم له، ولا يهمكم ذلك، دعوه يذهب حيث شاء فإنه مناول الرزق، وليس برازق".

فقالوا: "صدقت والله هذه الصغيرة يا أبانا، انطلق حيث أحببت".

فقام من وقته وساعته وأحرم بالحج، وخرج مسافرا، فأصبح أهل بيته يدخل عليهم جيرانهم يوبخونهم، كيف أذنوا له بالحج، وتأسف على فراقه أصحابه وجيرانه، فجعل أولاده يلومون تلك الصغيرة، ويقولون: "لو سكت ما تكلمنا".

فرفعت الصغيرة طرفها إلى السماء وقالت: "إلهي وسيدي ومولاي عودت القوم بفضلك، وأنك لا تضيعهم، فلا تخيبهم ولا تخجلني معهم".

صدقت الصغيرة فصدقها الله

فبينما هم على هذه الحالة إذ خرج أمير البلدة متصيدا فانقطع عن عسكره وأصحابه وأصابه عطش شديد، فاجتاز بيت الرجل الصالح حاتم الأصم فاستسقى منهم ماء، وقرع الباب فقالوا: "من أنت؟".

قال: "الأمير ببابكم يستسقيكم".

فرفعت زوجة حاتم رأسها إلى السماء وقالت: "إلهي وسيدي سبحانك، البارحة بتنا جياعا، واليوم يقف الأمير على بابنا يستسقينا".

ثم إنها أخذت وعاءً جديدا وملأته ماء، وقالت للمتناول منها: "اعذرونا".

فأخذ الأمير الوعاء وشرب منه فاستطاب الشرب من ذلك الماء فقال: "هذه الدار لأمير".

فقيل: "لا والله، بل لعبد من عباد الله الصالحين عرف بحاتم الأصم".

فقال الأمير: "لقد سمعت به".

فقال الوزير: "يا سيدي لقد سمعت أنه البارحة أحرم بالحج وسافر ولم يخلف لعياله شيئا، وأخبرت أنهم باتوا جياعا".

فقال الأمير: "ونحن أيضا قد ثقلنا عليهم اليوم، وليس من المروءة أن يثقل مثلنا على مثلهم".

ثم حلّ الأمير منطقته (حزامه) من وسطه ورمى بها في الدار، ثم قال لأصحابه: "من أحبني فليلقِ منطقته".

فحل جميع أصحابه مناطقهم ورموا بها إليهم ثم انصرفوا.

فقال الوزير لأبناء حاتم: "السلام عليكم أهل البيت لآتينكم الساعة بثمن هذه المناطق".

فلما نزل الأمير رجع إليهم الوزير، ودفع إليهم ثمن المناطق مالا جزيلا، واستردها منهم. فلما رأت الصبية الصغيرة ذلك بكت بكاءً شديدا فقالوا لها: "ما هذا البكاء إنما يجب إن تفرحي، فإن الله وسع علينا".

فقالت: "يا أم، والله إنما بكائي كيف بتنا البارحة جياعا، فنظر إلينا مخلوق نظرة واحدة، فأغنانا بعد فقرنا، فالكريم الخالق إذا نظر إلينا لا يكلنا إلى أحد طرفة عين، اللهم انظر إلى أبينا ودبره بأحسن تدبير".

في معية الله

هذا ما كان من أمرهم، وأما ما كان من أمر حاتم أبيهم فإنه لما خرج محرما، ولحق بالقوم توجع أمير الركب، فطلبوا له طبيبا فلم يجدوا، فقال: "هل من عبد صالح؟".

فدلّ على حاتم، فلما دخل عليه وكلمه دعا له فعوفي الأمير من وقته، فأمر له بما يركب، وما يأكل، وما يشرب، فنام تلك الليلة مفكرا في أمر عياله.

فقيل له في منامه: "يا حاتم من أصلح معاملته أصلحنا معاملتنا معه"، ثم أخبر بما كان من أمر عياله، فأكثر الثناء على الله تعالى.

وبعد أن قضى حجه ورجع تلقاه أولاده فعانق الصبية الصغيرة وبكى ثم قال: "صغار قوم كبار قوم آخرين، وإن الله لا ينظر إلى أكبركم ولكن ينظر إلى أعرفكم به، فعليكم بمعرفته والاتكال عليه، فإنه من توكل على الله فهو حسبه".

كان هذا ثمرة اجتهاد حاتم الأصم ورغبته الأكيدة في الحج والتي لم يقف أمامها ضيق الحال وقصر المئونة.

نجد الكثير من تلك المواقف العجيبة في صفحات الماضي وطياته، كما نجدها كذلك في جنبات الحاضر.

فكم من أناس سعوا جاهدين مجتهدين لأداء تلك الفريضة وتغلبوا على جميع ما واجهوه من مشاق وصعاب.

تهاني 4 - 7 - 2010 11:06 AM

الأصمعي والبقّـال



عن الأصمعي قال: ‏ ‏ كنت بالبصرة أطلب العلم، وأنا فقير. وكان على باب زقاقنا بقّال، إذا خرجتُ باكرا يقول لي إلى أين؟ فأقول إلى فلان المحدّث. وإذا عدت مساء يقول لي: من أين؟ فأقول من عند فلان الإخباريّ أو اللغويّ. ‏ ‏ فيقول البقال: يا هذا، اقبل وصيّتي، أنت شاب فلا تضيّع نفسك في هذا الهراء، واطلب عملا يعود عليك نفعه وأعطني جميع ما عندك من الكتب فأحرقها. فوالله لو طلبت مني بجميع كتبك جزرة، ما أعطيتُك! ‏ ‏ فلما ضاق صدري بمداومته هذا الكلام، صرت أخرج من بيتي ليلا وأدخله ليلا، وحالي، في خلال ذلك، تزداد ضيقا، حتى اضطررت إلى بيع ثياب لي، وبقيت لا أهتدي إلى نفقة يومي، وطال شعري، وأخلق ثوبي، واتّسخ بدني.

‏ ‏ فأنا كذلك، متحيّرا في أمري، إذ جاءني خادم للأمير محمد بن سليمان الهاشمي فقال لي: ‏ ‏ أجب الأمير. ‏ ‏ فقلت: ما يصنع الأمير برجل بلغ به الفقر إلى ما ترى؟ ‏ ‏ فلما رأى سوء حالي وقبح منظري، رجع فأخبر محمد بن سليمان بخبري، ثم عاد إليّ ومعه تخوت ثياب، ودرج فيه بخور، وكيس فيه ألف دينار، وقال: ‏ ‏ قد أمرني الأمير أن أُدخلك الحمام، وأُلبِسك من هذه الثياب وأدع باقيها عندك، وأطعِمك من هذا الطعام، وأبخّرك، لترجع إليك نفسك، ثم أحملك إليه. ‏ ‏ فسررت سرورا شديدا، ودعوتُ له، وعملتُ ما قال، ومضيت معه حتى دخلت على محمد بن سليمان. فلما سلّمتُ عليه، قرّبني ورفعني ثم قال: ‏ ‏ يا عبد الملك، قد سمعت عنك، واخترتك لتأديب ابن أمير المؤمنين، فتجهّز للخروج إلى بغداد. ‏ ‏ فشكرته ودعوت له، وقلت: ‏ ‏ سمعا وطاعة. سآخذ شيئا من كتبي وأتوجّه إليه غدا. ‏

‏ وعدت إلى داري فأخذت ما احتجت إليه من الكتب، وجعلتُ باقيها في حجرة سددتُ بابها، وأقعدت في الدار عجوزا من أهلنا تحفظها. ‏ ‏ فلما وصلت إلى بغداد دخلت على أمير المؤمنين هارون الرشيد.

‏ ‏ قال: أنت عبد الملك الأصمعي؟ ‏ ‏ قلت: نعم، أنا عبد أمير المؤمنين الأصمعي. ‏ ‏ قال أعلم أن ولد الرجل مهجة قلبه. وها أنا أسلم إليك ابني محمدا بأمانة الله. فلا تعلمه ما يُفسد عليه دينه، فلعله أن يكون للمسلمين إماما. ‏ ‏ قلت: السمع والطاعة. ‏ ‏ فأخرجه إليّ، وحُوِّلْتُ معه إلى دار قد أُخليت لتأديبه، وأجرى عليّ في كل شهر عشرة آلاف درهم. فأقمت معه حتى قرأ القرآن، وتفقّه في الدين، وروي الشعر واللغة، وعلم أيام الناس وأخبارهم.

‏ ‏ واستعرضه الرشيد فأُعجب به وقال: ‏ ‏ أريد أن يصلي بالناس في يوم الجمعة، فاختر له خطبة فحفِّظْه إياها. ‏ ‏ فحفّظتُه عشرا، وخرج فصلى بالناس وأنا معه، فأعجب الرشيد به وأتتني الجوائز والصلات من كل ناحية، فجمعت مالا عظيما اشتريت به عقارا وضياعا وبنيت لنفسي دارا بالبصرة. ‏ ‏ فلما عمرت الدار وكثرت الضياع، استأذنتُ الرشيد في الانحدار إلى البصرة، فأذن لي. فلما جئتها أقبل عليّ أهلها للتحية وقد فَشَتْ فيهم أخبار نعمتي. وتأمّلت من جاءني، فإذا بينهما البقال وعليه عمامة وسخة، وجبّة قصيرة. فلما رآني صاح: ‏ ‏ عبد الملك! ‏ ‏ فضحكت من حماقته ومخاطبته إيّاي بما كان يخاطبني به الرشيد ثم قلت له: ‏ ‏ يا هذا! قد والله جاءتني كتبي بما هو خير من الجَزَرَة! ‏

من كتاب "الفرج بعد الشدة" للتنوخي.

تهاني 4 - 7 - 2010 11:08 AM

قصة مهمل المهادي



هذه الحكاية بفصولها وتفاصيلها من أروع الحكايات التي حصلت بتاريخ البادية كلها , ولا شك أن الغالبية قد سمعت عن المهادي , لأن القصة بالغة التأثير على السامع والراوي بنفس الوقت
يقول الراوي
مهمل المهادي من عبيدة من قحطان , وكان معروفاً في قبيلته , وذا رياسة فيها . . . شاعر وفارس نشأ ميسور الحال رفيع الجاه . . . خرج المهادي للغزو بالصحراء ومعه مجموعة من بني قومه , وفي هذه الرحلة تصادف أن مر على قبيلة ((سبيع)) القبيلة العربية الأصيلة . . . المهم أن المهادي صادف في مروره في مرابع قبيلة الدواسر التي نزل بها مرور فتاة بالغة الجمال لدرجة أن المهادي تأثر بها من أول نظرة . . . ولم يستطع أن يفارق مضارب قبيلتها
أخفى المهادي ما أصابه عن رفاقه , واختلق عذراً تخلص به من مرافقتهم , وأقنعهم بمواصلة المسير بدونه وبقائه هو في مضارب تلك القبيلة وحيداً . . . وبهذا العذر تخلص من رفاقه حيث رحلوا وتركوه , وبقي هو وحيداً . . . فبحث عن أكبر بيت في بيوت القبيلة لأنه عادة ما تكون البيوت الكبار لرؤساء العشائر أو فرسانها أو شخصياتها المعروفة , ونزل ضيفاً على صاحب هذا البيت فأكرمه الإكرام الذي يليق بهذا الضيف وبقي عنده فترة يفكر بالطريقة التي توصله لمعرفة تلك الفتاة التي أسرته من النظرة الأولى وملكت فؤاده . . . وهذا المهادي يصارع الأفكار وهو ضيف عند هذا الرجل الكريم . . . فلا يستطيع التكلم مع أحد . . . ولا هو بصائر حتى يعرفها , فقد رمته بسهم وابتعدت . . . فكان لا بد وأن يستعين بأحد من نفس هذه القبيلة , فأهل مكة أدرى بشعارها هكذا يقول المثل . . . ولكن كيف يهتدي إلى الشخص الثقة الذي إن أفضى إليه بسره حفظه وأعانه . . . خصوصاً وهو غريب عن هذه القبيلة ولا يعرف رجالها , والسجايا الحميدة بالرجال لا يستطيع أن يكتشفها الإنسان بالنظر , فكما يقولون الرجال مخابر وليست مناظر . . . فكر المهادي طويلاً واهتدى إلى رأي . . . هو بالأصح حيلة جهنمية يستكشف بها الرجال حتى يهتدي إلى أوثقهم فيحكي له . . . قرر أن يجرب صبرهم فالصبور بلا شك يملك صفات أخرى غير الصبر
فادعى أنه مصاب بمرض التشنج أو الصرع حيث يأتيه الصرع ويرتمي على من يجلس قربه . . . ولأنهم لا يعرفونه صدقوا روايته وهذا المهادي يتنقل من واحد إلى واحد ويرتمي عليه وكأنه مصروع , ويتكئ عليه بكوعيه حتى يؤلمه ليختبر صبره . . . فكان بعضهم يبتعد عنه من يجلس بجواره والبعض الآخر يصبر قليلاً ثم يغير مجلسه , وهكذا حتى جلس ذات مره بجوار شاب توسم به الخير وتحرى معالم الرجولة بوجهه فاصطنع الصرع وارتمى عليه واتكأ علية بكوعيه بشدة . . . وهذا الشاب صابر وساكن لا تصدر منه شكاة , وكلما حاول البعض إزاحته عنه نهرهم قائلاً . . . هذا ضيف والضيف مدلل فاتركوه
أما المهادي فقد عرف أنه وجد ضالته . . . وحينما أفاق المهادي من صرعه المصنع , وهذأ القوم . . . وقام الشاب متجهاً إلى بيته فتبعه المهادي واستوقفه بمكان خال من الناس واستحلفه بالله ثم أفضى إليه بسره . . . وشكا له ما جرى بالتفصيل وأعلمه من هو ووصف له الفتاة الوصف الدقيق الذي جعل الشاب يعرفها . . . ولما انتهى من حديثه قال له الشاب أتعرف تلك الفتاة لو رأيتها مرة ثانيه ؟ . . فأكد له المهادي معرفته لها وحفظه لتقاسيم وجهها
فقال له الشاب : هانت ! أي سهلت . . . واصطحبه معه إلى بيته ووقفا بوسط البيت . . . وصاح الشاب . . . فلانة احضري بالحال !!! فدخلت وإذا هي ضالة المهادي . . . فوقع من طوله لشدة تأثره . . . أما الفتاة فقد عادت لخدرها مسرعة بعد أن رأت أن هناك رجلاً غريباً كما هي عادة بنات البدو . . . أما صاحب المهادي فهدأ من روعه وأسقاه ماء . . . وسأله . . . أهي ضالتك . . . قال المهادي : نعم . . . قال الشاب هي أختي وقد زوجتك إياها . . . فكاد المهادي أن يجن لوقع الخبر عليه لأنه لم يتوقع أن يحصل عليها بتلك السهولة . . . ترك الشاب المهادي في بيته وذهب لوالده وأخبره بالقصة كاملة وكان من الرجال المعروفين بحكمتهم وإبائهم ورجولتهم . . . فلما فرغ الابن من سرد الحكاية . . . قال الأب لولده أسرع واعقد له عليها لا يفتك به الهيام . . . وبالفعل عقد له عليها . . . وبالليلة التالية كان زواجهما , والمهادي يكاد لا يصدق أن تتم العملية بهذه السهولة واليسر والسرعة وقد كانت شبه مستحيلة قبل أيام
المهم أنه دخل عليها وخلا البيت إلا من العروسين وأخذ يتقرب منها ويخبرها من هو ويعلمها بمكانته بقبيلته وأنه زعيمها ويعرفها بنفسه ويحاول أن يهدئ من روعها ليستميل قلبها . . . وأفضى لها بسره أنه رآها وأسرته . . . كل هذا والعروس تسمع ولا تجيب . . . والمهادي يتكلم ويتقرب وتزداد نفوراً منه . . . وكان المهادي فطناً شديد الذكاء , فقد لمس أن زوجته تضع حاجزاً بينها وبينه . . . وتأكد من صدق حدسه حينما لمح دموعها تنهمر من عينيها وهي لا تتكلم . . . عرف أن ورائها قصة . . . فتقرب منها واستحلفها بالله ألاَّ تخفي عنه شيئاً . . . ووعدها ألاَّ يمسوها بسوء . . . وأقنعها بأن تحكي له . . . فقالت . . . أنا فتاة يتيمة كفلني عمي وربيت مع ابن عمي وابن عمي معي . . . كنا صغيرين نلهو مع بعضنا وكبرنا وكبرت محبتنا معنا وقبل حضورك كنت مخطوبة لابن عمي الذي لا أستطيع البعد عنه لحظة ولا يستطيع البعد عني برهة . . . ولما حضرت انتهى كل شيء وزوجني إياك . . . طار صواب المهادي . . . فقال لها وأين ابن عمك قالت له هو ((مفرج السبيعي)) الذي عقد لي عليك وأفهمك أنني أخته وآثرك على نفسه لأنك التجأت له ولأنك ضيفنا
كاد المهادي أن يفقد عقله لحسن صنيع ذلك الشاب الذي اتكأ عليه وسكت لفترة طويلة وهو يستعرض ما حصل ولا يكاد يصدق أن تبلغ المروءة في شاب كما بلغت بمفرج . . . وبعد فترة صمت وقال لها : أنت من هذه اللحظة حرم علي كما تحرم أمي عليّ . . . ولكن أرجوك أن تخفي الأمر حتى أخبرك فيما بعد فصنيعهم لي لا ينسى لذا لا أريد الآن أن تقولي شيئاً
هدأ روع الفتاة ونامت ونام هو في مكان آخر . . . وبقي زوجاً لها أمام الناس لعدة أيام وبعدها استسمح أصهاره بالرحيل إلى قبيلته لتدبير شؤونه ومن ثم يعود ليأخذ زوجته . . . ورحل ولما وصل قبيلته أرسل رسولاً من قبيلته يخبر مفرج بطلاق زوجة المهادي وأنه لما عرف قصتهما آثر طلاقها وأن مروءته قد غسلت تأثير الغرام عليه وأنه سيبقى أسيراً للمعروف طالما هو حي
وتم زواج مفرج من ابنة عمه وعاشا برغد فترة طويلة من الزمن . . . ولكن الزمان لا يترك أحداً . . . فقد شح الدهر على مفرج وأصاب أراضي قبيلته القحط والجفاف فهلك الحلال وتبدلت الأحوال , ومسه الجوع . . . فلم يجد سبيلاً من اللجوء إلى صديقه المهادي خصوصاً وأنه ميسور الحال . . . وبالفعل ذهب هو وزوجته ابنة عمه وأولاده الثلاثة ونزل عليه ليلاً . . . وكان المهادي يتمنى هذه اللحظة وينتظرها بفارغ الصبر لكي يرد الجميل
فلما نظر حالته عرف فقره . . . وكان للمهادي زوجتان فأمر صاحبة البيت الكبير من زوجاته أن تخرج من البيت وتترك كل ما فيه لمفرج وزوجته وأولاده ولا تأخذ من البيت شيئاً أبداً . . . وبالفعل خرجت من البيت فقط بما عليها من ملابس وتركت كل شيء لزوجة مفرج وقبل خروجها أفهمت زوجة مفرج أن لها ولداً يلعب مع رفاقه وإذا غلبه النوم جاء قرب والدته ونام ورجتها أن تنتظره حتى يحضر وتخبره بخروج أمه من البيت ليذهب لها
وبالفعل انتظرت زوجة مفرج ولد المهادي ولكن انتظارها طال بعض الشيء خصوصاً وأنها متعبة مجهدة من طول السفر وعناء الجوع وقد وجدت المكان المريح فغفت بالنوم بعد أن طال انتظارها وحضر ولد المهادي كالعادة ورفع غطاء أمه ونام معها وتلحف معها بلحافها كعادته ظناً منه أنها والدته . . . في هذه الأثناء كان مفرج يتسامر مع صديقه القديم المهادي ولما غلب عليه النعاس استأذنه لينام فسمح له . . . وسار معه حتى دله على بيته الذي أصبح ملكاً له
دخل مفرج بيته وإذا بالفراش شخصان رفع الغطاء فإذا زوجته نائمة وبجانبها شاب يافع فلم يتمالك نفسه فضرب الفتى الضربة التي شهق بعدها وفارق الحياة . . . نهضت الزوجة مذعورة فإذا الشاب مصروع . . . فقالت لزوجها قتلت ولد المهادي . . . فقال وما الذي جاء به إليك . . . فأعلمته بالقصة فرجع إلى رشده . . . وأسقط في يديه فماذا يفعل ! ؟
كان لا بد أن يخبر المهادي . . . فهرول مسرعاً إلى حيث المهادي جالس وأخبره بالحكاية . . . وهو يكاد يموت حزناً . . . هذا والمهادي هادئ ممسك لأعصابه . . . ولما انتهى من كلامه قال له المهادي هو قضاء الله وقدره ولا مفر من ذلك كل ما أرجوه منك أن لا تخير أحداً وتوصي زوجتك بأن تكتم الخير حتى عن أم الولد . . . وحمل المهادي ولده ورماه في مكان اللعب حيث كان يلعب مع أقرانه . . . وفي الصباح انتشر خبر مصرع ابن الأمير فقد كان المهادي أمير قومه والكل لا يجرؤ أن يخبر الأمير خوفاً من اتهامه له بالقتل . . . ولما وصل الخبر للأمير اصطنع الغضب وشاط وتوعد وطالب القبيلة كلها بالبحث عن القاتل دون جدوى وبالمساء جمع القوم حوله وقال عليكم أن تدفعوا كلكم دية ولدي . . . من كل واحد بعير , وبالفعل جمع الدية حوالي سبعمائة بعير أدخلها المهادي ضمن حلاله وأعطى أم الولد منها مائة بعير وقال لمفرج البقية هي لك ولكن اتركها مع حلالي حتى ينسى الناس القصة . . . وبالفعل بعد مرور مدة عزل الإبل ووهبها لمفرج فنقلته النقلة الكبيرة في حياته من فقير لا يملك قوت يومه إلى أكبر أغنياء القبيلة . . . ومضت السنون والصديقان مع بعضهما لا يفترقان فإذا دخلت مجلس المهادي حسبت أن مفرج هو صاحب المجلس والمهادي ضيفه والعكس صحيح . . . مرت السنون على هذه الحال الكل منهم يؤثر صديقه على نفسه . . . ولكن لا بد أن يحصل ما يغير صفاء الحال , وكما يقال دوام الحال من المحال
كان للمهادي بنت بارعة الجمال أولع بها ولد مفرج وقد كان هناك سبب يحول بينهما فأخذ يحاولها ويتعرض لها بالغدو والرواح ويحرضها على مواقعته بالحرام . . . والفتاة نقية , فأخبرت والدتها التي أخبرت بدورها المهادي فأمر المهادي بالسكوت إكراماً لوالد الشاب مفرج وأمرها أن تجتنبه قدر استطاعتها فنفذت وصية والدها , وها هو يطاردها أربع سنوات متتالية وفي السنة الرابعة عيل صبرها فقالت لوالدها إن لم تجد لي حلاًّ , فقد يفترسني في أحد الأيام
هذا والمهادي لا يستطيع أن يعمل شيئاً إكراماً لصديقه مفرج . . . والشاب يزداد رعونة . . . فكان لا بد من فراق جاره وصديقه لكي يمنع جريمة ابنه ولكن كيف يصارحه . . . وهو الداهية كما عرفنا بالسابق . . . فاقترح على مفرج أن يلعبا لعبة بالحصى ما يسمى الآن ((الدامة)) وكان كلما نقل حجراً قال لمفرج ارحلوا وإلا رحلنا . . . حتى انتبه مفرج لمقولة جارة . . . فأسرها . . . ولما عاد لزوجته أخبرها بكلمة المهادي . . . ارحلوا وإلا رحلنا . . . فقالت له أن هناك أمراً خطيراً حصل لا بد لنا من الرحيل . . . فاذهب واستأذنه . . . فذهب واستأذنه ولم يمانع المهادي مع العلم أنه كان في كل سنه يطلب الرحيل ويرفض المهادي . . . إلا هذه المرة قبل بسرعة وكان يريدها . . . رحل مفرج وهو يبحث عن السر الخطير الذي من أجله قال المهادي كلمته
وبعد أن ابتعد عن منازل قبيلة المهادي نزل ليستريح ويفكر بالسبب . . . ولكنه لم يهتدي لشيء . . . لذا سرق نفسه ليلاً وامتطى فرسه وقصد المهادي ولما دخل مضارب القبيلة ربط فرسه وتلثم واندس في مكان قريب من مجلس المهادي لعله يعرف سبباً لرغبته برحيله . . . وجلس يرقب المهادي . . . فلما انفض المجلس من حوله وجلس وحيداً . . . هذا كله ومفرج يراه وهو لا يرى مفرج ومفرج ينتظره حتى يدخل عند زوجته ليسترق السمع لعله يسمع شيئاً من حديثه مع زوجته . . . إلا أن المهادي لما جلس في مجلسه وحيداً تناول ربابته وأخذ يغني ويقول

يقـول المـهادي والمـهادي مهمـل

بي علتـن كل العـرب ما درى بـها

أنـا وجعـي مـن علتـن بـاطنيـة

بأقصى الضمايـر ما درى وين بابـها

تقـد الحشـا قـد ولا تنثـر الدمــا

ولا يـدري الهلبـاج عمـا لجـا بـها

وإن أبديتـها بانـت لرماقـة العــدا

وإن أخفيتها ضـاق الحشـا بالتهابـها

أربـع سنيـن وجارنـا مجـرم بنـا

وهو مثل واطي جمرتين ما درى بـها

وطاهـا بفـرش الرجـل ليما تمكنـت

بقى حـرها ما يبـرد المـاء التهابـها

ترى جارنا الماضـي على كل طلبـه

لو كان مـا يلقـى شهـودن غدابـها

ويا مـا حضينـا جارنـا من كرامـه

بليلن ولو نبغـي الغبـا ما ذرى بـها

ويا مـا عطينـا جارنـا مـن سبيـة

لا قادهـا قـوادهـم مـا انثنـى بـها

ونرفى خمال الجـار ولـو داس زلـة

كما ترفـي البيـض العـذارى ثيابـها

ترى عندنا شـاة القصيـر بـها أربـع

يحلـف بهـا عقارهـا مـا درى بـها

تنـال يالمهـادي ثمانـن كـوامــل

تراقـى وتشـدي بالعـلا من أصابـها

لا قـال منـا خيّـرن فـرد كلمــة

بحضـرات خوفـن للرزايـا وفى بـها

الأجـواد وإن قـاربتـها مـا تملــها

والأنـذال وإن قاربتـها عفـت ما بـها

الأجـواد وإن قالـوا حديثـن وفوابـه

والأنـذال منطـوق الحكايـا كـذابـها

الأجـواد مثل العـد من ورده ارتـوى

والأنـذال لا تسقـى ولا ينسـقا بــها

الأجـواد تجعـل نيلـها دون عرضـها

والأنـذال تجعـل نيلـها فـي رقابـها

الأجـواد مثل الزمل للشيـل يرتكـي

والأنـذال مثل الحشور كثير الرغابـها

الأجـواد لو ضعفـو وراهم عراشـه

والأنـذال لو سمنـو معـايا صلابـها

الأجواد يطرد همهـم طـول عزمهـم

والأنـذال يصبـح همهـم في رقابـها

الأجـواد تشبـه قـارتـن مطلحبــة

لا دارهـا البـردان يلقـى الـذرابـها

الأجـواد تشبـه للجبـال الـذي بـها

شـرب وظـل والـذي ينهقـا بــها

الأجـواد صندوقيـن مسـك وعنبـر

لافتحـن أبـوابـها جـاك مـابــها

الأجـواد مثل البدر في ليلـة الدجـى

والأنـذال ظلمـا تايهـن من سرابـها

الأجـواد مثل الـدر في شامـخ الـذرا

والأنذال مثل الشـري مـرن شرابـها

الأجـواد وأن حايلتهـم مـا تحـايلـو

وأنـذال أدنـى حيلتــن ثـم جـابـها

الأنـذال لـو غسلـوا يديهـم تنجسـت

نجـاسـة قلوبـن مـا يسـر الدوابـها

يـا رب لا تجعـل الأجـواد نكبـــة

من حيث لا ضعف الضعيـف التجابـها

أنا أحب نفسي يرخـص الـزاد عندهـا

يقطعـك يـا نفـس جـزاها هبـابـها

يا عـل نفسـن مـا للأجـواد عنـدها

وقـارن عسـى ما تهتنـي في شبابـها

عليـك بعيـن الشيـح لا جــت وارد

خـل الخبـاري فـإن ماهـا هبـابـها

تـرى ظبـي رمـان برمـان راغـب

والأرزاق بالدنيـا وهـو ما درى بـها

سقـا الحيـا ما بيـن تيـما وغربـت

يمين عميـق الجـزع ملفـا هضابـها

سقـا الولـي مـن مزنتـن عقـربية

تنشـر أدقـاق وبلـها من سحـابـها

اليا أمطرت هذي ورعد ذي سـاق ذي

سنـاذي وذي بالوبـل غـرق ربابـها

نسف الغثا سيـبان ما ها اليا أصبحـت

يحيل الحول والما ناقعـن في شعابـها

دار لنـا مـا هـي بـدران لغيـرنـا

والأجنـاب لـو حنـا بعيـدن تهابـها

يذلـون مـن دهـما دهـوم نجـرهـا

نفجـي بـها غـزات من لا درى بـها

ترى الدار كالعـذرى إلى عاد ما بـها

حزن غيـورن كـل من جـاز نابـها

فيا ما وطت سمحات الأيدي من الوطـا

نصـد عنـها ما غـدا مـن هضابـها

تهـاميـة الرجليـن نجـديـة الحشـا

عذابـي مـن الخـلان وأنـا عذابـها

أريتـك إلى ما مسنا الجـوع والضمـا

واحتـرمـن الجـوزا علينـا التهابـها

وحمى علينا الرمل و استاقـد الحصـا

وحمى على روس المبـادي هضابـها

وطلن عـذرن من ورانـا و شارفـن

عماليـق مطـوي العبـايـا ثيـابـها

سقـانـي بكـأس الحـب دومنهـنه

عنـدل من البيض العـذارى أطنابـها

وإلى سـرت منا يا سعـود بن راشـد

على حرتن نسـل الجديعـي ضرابـها

سرهـا وتلفـي مـن سبيـع قبيلــة

كرام اللحـا في طوع الأيـدي لبابـها

فـلا بـد مـا نرمـي سبيـع بغـارة

على جرد الأيـدي دروعـها زهابـها

وأنـا زبـون الجـاذيـات مهمــل

إلى عزبـوا ذود المصاليـح جابـها

عليـها مـن أولاد المـهادي غلمـه

اليـا طعنـوا ما ثمنـوا في أعقابـها

محا الله عجوزن من سبيع بن عامـر

مـا علمـت قرانـها فـي شبابـها

لها ولـدن ما حـاش يومـن غنيمـة

سوى كلمتين عجفـة تمـزا وجابـها

يعنونها عسمان الأيـدي عن العضـا

محـا الله دنيا ما خـذينا القضـا بـها

عيـون العـدا كـم نوخـن من قبيلـة

لا قـام بـذاخ إلا جـاعـر يهـابـها

وأنـا أظـن دار شـد عنـها مفـرج

حقيـق يـا دار الخنـا فـي خرابـها

وأنا أظـن دار نـزل فيـها مفـرج

لا بـد ينبـت زعفـرانن تـرابـها

فتـى مـا يظـم المـال إلا وداعـة

و لو يملك الدنيـا جميعـن صخابـها

رحـل جارنـا ما جـاه منـا رزيـة

وإن جتنـا منـه ما جـاه منا عتابـها

وصلوا علـى سيـد البرايـا محمـد

ما لعلـع الجمـري بعالـي هضابـها

كان المهادي يغني على ربابته هذه القصيدة ومفرج يسترق السمع حتى فهم بالضبط ما الذي جعله يقول لجاره إما ارحلوا وإلا رحلنا . . . ولما أتم المهادي قصيدته توجه إلى أهله وعاد مفرج وركب فرسه باتجاه أهله خارج حدود القبيلة
تأكد مفرج أن السبب يكمن في أولاده ولكنهم ثلاثة فأي الثلاثة صاحب الخطيئة , وإلى أين وصلت . . . فلجأ إلى الحيلة وبدأهم واحداً تلو الواحد . . . يقول لهم لما كنا في جيرة المهادي كان لديه ابنه جميلة ولم تتعرضوا لها لو كنت مكانك وفي شبابك لما تركتها خصوصاً وهي بهذا الجمال وأنت بهذا الشباب . . . وأخذ يستدرجهم . . . أما اثنان منهم فلم يجد ورائهما شيئاً وخصوصاً وهما يعرفان ماذا عمل المهادي مع والدهما
أما الصغير منهم فأجابه . . . والله يا والدي لو لم نرحل في ذلك اليوم لأتيتك بخبرها , عرف أنه هو . . . فقال مفرج . . . وهل كان ذلك برضاها !!! فقال ولده لا بل غصباً عنها . . . فقال له وكيف كنت سوف تغتصبها !!! فقال كنت أنتظرها حتى تخرج وحيدة . . . وأتربص لها , ثم أهجم عليها , يد فيها خنجري ويد فيها حبل أربطها بالحبل وأهددها بالخنجر ولن تتكلم حتى أنتهي منها
وما إن انتهى الشاب من قصته حتى قام مفرج مسرعاً وسحب سيفه وقطع رأس ولده وفصله عن جثته التي تركها في مكانها . . . وعاد لأهله بالرأس ووضعه بخرج وأمر أحد أبنائه أن يحمله إلى المهادي ويسلم ويرمي الرأس بحجره ويعود دون كلام
وبالفعل دخل الولد مجلس المهادي وسلم ورمى الرأس في حجره وعاد دون كلام ولحق أهله . . . تعجب المهادي أيضاً لحسن صنيع مفرج فهذه المرة الثانية التي يغلبه فيها . . . فلحق به وأقسم عليه أن يعود وأعاده إلى مكانه السابق وبقيا متجاورين ومتحابين إلى النهاية


عذرا للاطالة ولكنها تستحق القراءة

تهاني 4 - 7 - 2010 11:08 AM

الجاحظ نادرة العرب



لم تعرف اللغة العربية كاتباً مرحاً خفيف الظل، محباً للدعابة والنكتة والنادرة، مع ما فيه من إتقان للأسلوب وإحكام نسجه مثل الجاحظ، فقد كانت الفكاهة مَلكة فطرية فيه، تستند إلى أمور كثيرة لعل من أهمها المعرفة الشديدة بالناس وطبائعهم، ونظرة إلى بعض مؤلفاته مثل: البخلاء والبيان والتبيين، والحيوان، وما ضمته من الفكاهات والنوادر، والملاحظ أن طبيعة الهزل والسخرية، والضحك والإضحاك قد لازمت الجاحظ حتى نهاية عمره.

ومن نوادر الجاحظ التي تدل على أنه كان في إيراد نوادره محباً للاستقصاء والتتبع لكل صغيرة وكبيرة في موضوع النادرة حتى تخرج متكاملة الجوانب متسقة الأداء، ما رواه عن أحد معلمي الكتاتيب، وكيف أنهم لطول معاشرتهم للصبية الصغار، تطيش عقولهم، ويفقدون صوابهم وينتهون إلى الجنون، ويقابل الجاحظ واحداً منهم، ولكنه يغير فكرته عنهم لِما رآه منه من سَمت ووقار وعلم ورجاحة عقل، فيصاحبه ويتقرب إليه، ولكن الحال ينقلب بعد ذلك على نحو هزلي.. يقول الجاحظ:

"كنت ألفتُ كتاباً في نوادر المعلمين وما هم عليه من الغفلة، ثم رجعت عن ذلك وعزمت على تقطيع الكتاب، فدخلت يوماً قرية فوجدت فيها معلماً في هيئة حسنة، فسلمت عليه فرد عليّ أحسن رد، ورحّب بي فجلست عنده، وباحثته في القرآن فإذا هو ماهر، ثم فاتحته في الفقه والنحو وعلم المعقول وأشعار العرب، فإذا هو كامل الأدوات، فقلت: هذا واللّه مما يُقـوي عزمي على تقطيع الكتاب.

وكنت أختلف إليه وأزوره، فجئت يوماً لزيارته، وطرقت الباب، فخرجتْ إليّ جارية وقالت: ما تريد؟ قلت: سيدك، فدخلت وخرجت وقالت: باسم اللّه، فدخلت إليه، وإذا به جالساً كئيباً، فقلت عظم اللّه أجرك، "لقد كان لكم في رسول اللّه أسوة حسنة".. "كل نفس ذائقة الموت" فعليك بالصبر! ثم قلت له: هذا الذي توفي ولدك؟ قال: لا، قلت: فوالدك؟، قال: لا، قلت: فأخوك؟ قال: لا، قلت: فزوجتك؟ قال: لا، فقلت: وما هو منك؟ قال: حبيبتي! فقلت: في نفسي هذه أول المناحس، فقلت: سبحان اللّه، النساء كثير، وستجد غيرها، فقال: أتظن أني رأيتها؟ قلت: هذه منحسة ثانية، ثم قلت: وكيف عشقت من لم تر؟ فقال: اعلم أني كنت جالساً في هذا المكان، وأنا أنظر من الطاقة (نافذة صغيرة) إذ رأيت رجـلاً عليه بُـرد وهو يقول:


يا أم عمرو جزاك اللّه مكرمة *** ردِّي عليّ فؤادي أينما كانا
لا تأخذين فؤادي تلعبين به *** وكيف يلعب بالإنسان إنسانا


فقلت في نفسي: لولا أنّ أم عمرو هذه ما في الدنيا أحسن منها ما قيل فيها هذا الشعر، فعشقتها، فلما كان منذ يومين مَرَ ذلك الرجل بعينه وهو يقول:


لقد ذهب الحمار بأمِّ عمرو *** فلا رجعت ولا رجع الحمار


فعلمت أنها ماتت! فحزنت عليها، وأغلقت المكتب، وجلست في الدار.

فقلت: يا هذا، إني ألفت كتاباً في نوادركم معشر المعلمين، وكنت حين صاحبتك عزمت على تقطيعه، والآن قد قويت عزمي على إبقائه، وأول ما أبدأ فيه بك إن شاء اللّه!.

تهاني 4 - 7 - 2010 11:10 AM

أبو زيد الهلالي سلامه



هذه الحكاية ينسبها الرواة إلى (( أبو زيد الهلالي سلامه )) الفارس والشاعر المعروف . . . مر على بني هلال حين من الدهر أصابهم فيه الجوع , فقد شحت المراعي وقل الكلأ والمرعى , فمات أكثر حلالهم وأصاب القبيلة كلها الجوع والعطش فاقترحوا إرسال شخص يستكشف لهم الأراضي ويبحث لهم عن الأرض الطيبة فترحل لها كل القبيلة , وبالفعل نال هذا الاقتراح إجماع كل القبيلة إلا أنهم حاروا فيمن يرسلون وكان بالقبيلة شخص مسنّ - وقيل إنها عجوز - هذا الشخص يؤخذ رأيه فاستشاروه فيمن يرسلون فاشترط عليهم شرطاً قبل أن يقترحون من يرسلون وكان شرطه أن ترحل القبيلة كلها مسيرة يوم كامل بدون توقف وبعدها يعلمهم من هو الشخص المناسب , وبالفعل رحلت القبيلة مسيرة يوم كامل بدون توقف وبعد أن نزلوا بالمكان المحدد رجعوا له وسألوه عن الشخص فقال لهم هو أبو زيد الهلالي سلامه . . . فسألوه عن سبب اختياره له فقال أثناء رحيلنا لاحظت كل أبناء القبيلة يراوحون بالركوب بين ورك وورك أثناء الركوب على المطية إلا أبا زيد فقد كان ركوبه على ورك واحد حتى نزل وهذا دليل صبره وجلادته . . . واختاروه فعلا وأرسلوه , وقد طلب أن يرافقه اثنان من أبناء القبيلة ورحل هو ورفاقه يبحثون عن المرعى للقبيلة كلها . . . وطال بهم المسير دون جدوى , وتقطعت مطاياهم , وأصابهم الجوع فكانوا قرب قرية فنزلوا بسوقها ولم يجدوا من يطعمهم , كما لم يوفقوا إلى عمل يرتزقون منه . . . فاحتاروا بأمرهم , وكان أبو زيد واسع الحيلة داهية فاقترح على رفاقه أن يبيعوه في سوق المدينة على أنه عبد لهم , فقد كان أسمر اللون . . . وأما إلحاحه وافقوه على أن يبيعوه ويشتروا بثمنه مطايا وزاداً لهم , ويواصلوا البحث . . . أما هو فقد قال لهم أنه سيستطيع تخليص نفسه , على شرط أن يواصلوا هم البحث عن المراعي للقبيلة
فاتفق الثلاثة ونزلوا سوق المدينة . . وباعوه . . وقبضوا الثمن كما تم الاتفاق واشتروا بثمنه المطايا والمتاع . . . وقد كان ينوي الهرب من سيده الذي استراه , إلا أن هذا السيد كان نبيلاً وطيباً , أولاه ثقته وجعله وكيلاً على أمواله فصعب على أبو زيد أن يخون الأمانة ويهرب . . . ومن هنا كانت معاناته واستمر في خدمته فتره . . . وذات مرة كانوا جالسين بمجلس هذا السيد وأبو زيد بالقرب من الدلال يصنع القهوة . . . فتمنى السيد من يجيد العزف على الربابة ليحلوا لهم السمر فعرف أبو زيد أنها فرصته فنهض مسرعاً وأخذ الربابة وأنشد يقول

يقـول الهـلالي والهـلالي سـلامـه

شـوف الفجـوج الخاليـات تــروع

يقـول الهـلالي والهـلالي سـلامـه

يبغـي الطمـع وهـو وراه طمــوع

لابد عقـب الوقـت من لايـح الحيـا

مـن بارقـن يوصـي سنـاه لمـوع

لابـرقـن إلا فـي حجـا مستهلــه

ولا طـرقـي إلا مـن وراه نجــوع

ولا ضحـك إلا البكـا مـردفـن لـه

ولا شبعــة إلا مقتفيهــا جـــوع

ولا يــدن إلا يــد الله فـوقهــا

ولا طـايــرات إلا وهـن وقــوع

ألا يا حمامتيـن فوق نبنـوب دوحـة

وراكـن فرقـن والحمــام ربــوع

حمـامتيـن جعـل تبلــن بنــادر

حـر قطـوع وجـاري لـه جــوع

وراكـن مـا تبكـن عليـا مظنتــي

لو كـان مـا يجـري لكـن دمـوع

أبكي عليهـا ليـن حفيـت نواظـري

ولانـي بمـن تدبيـر الإلـه جـزوع

حشى ما لاق غير الجـازي أم محمـد

عليهـا ثويـب الطيلســان لمــوع

تنفـق كمـا نفـق الوغيـد مـع أمـه

وتحـط الهـوى في قلـب كل ولـوع

قد يستغرب القارئ من تكرار اسم الشاعر بالبيت الأول والثاني ولكن ذلك لتأكيد أنه الهلالي وليس عبداً وقد بين للسيد أنه جاء يبغي الطمع فصار الطمع برأسه . . . عرفه السيد وأنَّبه على ما عمل وأطلق سراحه وأغدق عليه الهدايا وعاد أبو زيد لقبيلته

تهاني 4 - 7 - 2010 11:10 AM

اليوم وقفتنا مع بعض طرائف أشعب

فردة الحذاء و طرق الأحتيال



قام البواب في حفلة عرس بمنع أشعب من الدخول مع المدعوين فابتعد أشعب عن المكان ليبحث عن حيلة يدخل بها ثم عاد يحمل فردة حذاء في يده و يعلق الأخرى داخل كمه ، و قد أمسك بخلة طويلة ينظف بها أسنانه ، ثم اقترب من البواب علي عجل و قال له : لقد أكلت في الفوج السابق و خرجت مسرعاً فنسيت فردة حذائي بالداخل فهل يمكن أن تتفضل وتخرجها لي ؟
فقال البواب : إني مشغول الآن ، ادخل فأخرجها بنفسك فدخل أشعب ، و أكل ، و خرج



أشعب و الجري وراء الإشاعات


مر أشعب بمجموعة من الصبيان فأخذوا يلعبون به حتي تعرض للاسي و الضرر وحاول أشعب أن يهرب منهم بحيلة ذكية فقال : ويحكم ! إن سالم أبن عبد الله يوزع تمراً فصدقه الصبيان ، و تركوه و راحوا يجرون إلي بيت سالم ! ولكن أشعب لم يتركهم بل جري ورائهم قائلاً : ما يدريني و الله لعله حق



أشعب يتطلع الي المستقبل


اثناء سير أشعب في الطريق استرعي انتباهه رجل يصنع طبقا فوقف أشعب و تأمله ملياً ، ثم قال له : استحلفك بالله أن تزيد في سعة هذا الطبق طوقا أو طوقين فاندهش الرجل لهذا التدخل ، و قال لأشعب : و ما يهمك في هذا قال : إني لأتعشم أن يهدي إلي شئ في هذا الطبق مستقبلاً



انظروا ... ثأر أبيه عند هؤلاء


بينما قوم جلوس عند رجل من أهل المدينة يأكلون عنده حيتاناً إذ استأذن عليهم أشعب فقال أحدهم: إن من شأن أشعب البسط إلى أجل الطعام فاجعلوا كبار هذه الحيتان في قصعة بناحية ويأكل معنا الصغار ففعلوا . وأُذِنَ له فقالوا له : كيف رأيك في الحيتان فقال : والله إن لي عليها حنقاً لأن أبي مات في البحر وأكلته الحيتان . قالوا له : فدونك خذ بثأر أبيك . فجلس ومد يده إلى حوت منها صغير ثم وضعه عند أذنه وقد نظر إلى القصعة التي فيها كبار الحيتان في زاوية المجلس فقال : أتدرون ما يقول لي هذا الحوت؟ قالوا : لا ندري . قال : إنه يقول : إنه لم يحضر موت أبي ولم يدركه لأن سنه يصغر عن ذلك ولكن قال لي : عليك بتلك الكبار التي في زاوية البيت فهي أدركت أباك وأكلته

كان أشعب مشهوراً برمز الطمع عند العرب لدرجة انه كان يقول ما زفت عروس الا وظننت انها ستزف الى اشعب وما اقيمت مأدبه الا وظننت انى سأدعى اليها

دخل اشعب على امير المؤمنين ابو جعفر المنصور فوجد أميرالمؤمنين يأكل من طبق من اللوز والفسدق فألقى ابو جعفرالمنصور الى اشعب بواحدة من اللوز فقال اشعب يا امير المؤمنين ثانى اثنين اذهما فى الغار فالقى اليه ابو جعفر اللوزه الثانيه فقال اشعب فعززناهما بثالث فالقى اليه الثالثه فقال اشعب خذ اربعه من الطيرفصرهن اليك فالقى اليه الرابعه فقال اشعب ويقولون خمسه سادسهم كلبهم فالقى اليه الخامسه والسادسه فقال اشعب ويقولون سبعه وثامنهم كلبهم فالقى اليه السابعه والثامنه فقال اشعب وكان فى المدينه تسعه رهط فالقى اليه التاسعه فقال اشعب فصيام ثلاثه ايام فى الحج وسبعه اذا رجعتم تلك عشره كامله فالقى اليه العاشره فقال اشعب انى وجدت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين فالقى اليه الحاديه عشر فقال اشعب والله يا امير المؤمنين ان لم تعطنى الطبق كله لاقولن لك وأرسلناه الى مائه الف او يزيدون فاعطاه الطبق كله.

تهاني 4 - 7 - 2010 11:11 AM

نوادر العرب



ـ خرج المهدي يتصيّد ، فغار به فرسه حتى وقع فــــي خــباء أعرابي ، فقال: يا أعرابي هــل مـــن قرى ( أي طعام الضيف ) ، فأخرج له قرص شعير ، فأكله ثمّ أخرج له فضلة من لبن فسقاه ، ثـمّ أتاه بنبيذ في ركوة فسقاه ، فلما شرب قال : أتدري من أنا ؟ قال : لا ، قال : أنا من خدم أمير المؤمــنين الخاصة ، قال : بـارك الله لك فـي مـوضـعك ، ثمّ سقاه مرة أخرى ، فشرب فقال : يا أعرابي ، أتدري من أنا ؟ قال : زعـمـت أنـك مـن خـدم أمـيـر المـؤمنين الخاصة ، قال : لا ، أنا من قوّاد أمير المؤمنين ، قــــال : رحبت بلادك وطاب مرادك ، ثمّ سـقـاه الـثالثة ، فلما فرغ قال : يا أعرابي ، أتدري من أنا ؟ قال : زعمت انك من قوّاد أمير المؤمنين ، قال : لا ، ولـكـنـي أمـيـر الـمـؤمنين . قال : فأخذ الأعرابي الركوة فــوكــأها وقال : إليك عني ، فوالله لو شربت الرابعة لادعيت انّك رسول الله ، فضحك المهدي حتــى غــشـي عليه ، ثمّ أحاطت به الخيل ، ونزلت إليه الملوك والأشراف ، فطار قلب الأعــرابـــي فقال له : لا بأس عليك ولا خوف ، ثمّ أمر له بكسوة ومال جزيل

ـ وحكى الأصمعي قال : ضلت لي إبل فخرجت في طلبها ، وكان البرد شديداً ، فالتجأت إلى حي من أحياء العرب ، وإذا بجماعة يصلون وبقربهم شيخ ملتف بكساء وهو يرتعد من البرد الشديد وينشد :ـ

أيا ربِّ إن البرد أصبح كالحاً ***وأنـت بـحالي يـا إلـهي أعلم
فإن كنت يوماً في جهنم مدخلي*** ففي مثل هذا اليوم طابت جهنم


قال الأصمعي : فتعجبت من فصاحته ، وقلت له : يا شيخ أما تستحي تقطع الصلاة وأنت شيخ كبير ، فأنشد يقول :ـ

أيطمع ربي في أن أصلي عارياً *** ويكسو غيري كسوة البرد والحرّ
فوالله لا صليت ما عشت عارياً *** عشاء ولا وقت المغيب ولا الوتر
ولا الصبح إلا يوم شمس دفيئة *** وإن غمّمت فالويل للظهر والعصر
وأن يكسني ربي قميصا وجبة *** أصلي له مهما أعيش من العمر


قال : فأعجبني شعره وفصاحته ، فنزعت قميصي وجبة كانا عليّ ودفعتهما إليه ، وقلت له : البسهما وقم ، فاستقبل القبلة وصلى جالساً ويقول :ـ

إليك اعتذاري من صلاتي جالساً *** عـلى غـير ظـهر مـومـياً نحو قبلـتي
فمالـي بـبرد يـا رب طاقـة ***ورجلاي لا تقوى على ثــنــي ركبـتـي
ولـكـننـي أسـتغفر الله شاتياً ***وأقـضـيـها يـا رب فــي وجه صيفتي
وإن أنا لم أفـعـل فـأنـت محكم *** بما شئت من صفعي ومن نتف لحيتي

قال: فعجبت من فصاحته ، وضحكت عليه وانصرفت.

تهاني 4 - 7 - 2010 11:12 AM

(1) من طرائف أعراب العرب

قيل لأعرابي : أتحب أن تموت امرأتك ؟
قال : لا
قيل : ولم ؟
قال : أخاف أن أموت من الفرح ..


(2) بوس يد زوجتك ..!!

واحد يقول لمن حوله أوصيكم خيراً بزوجاتكم ولنتفق أن يقبل كل منا يد زوجته عندما يعود للمنزل ..!!

قال احدهم : ولكن انا لم اتزوج ..!!

قال له : إذاً قبل يدك وجه وظهر ...




(3) ارفق بنفسك

قال : ' الحجاج ' لأعرابي كان يأكل بسرعة على مائدته : ارفق بنفسك

فقال له الأعرابي : وأنت ... اخفض من بصرك



(4) كأن أمه أرضعتك ....

حضر أعرابي إلى مائدة بعض الخلفاء ، فقدم جدي مشوي، فجعل الأعرابي يسرع في أكله منه. فقال له الخليفة : أراك تأكله بتشفي كأن أمه نطحتك ! فقال : أراك تشفق عليه كأن أمه أرضعتك !

(5) خرق وترقيع ....

قيل لأعرابي : كيف أنت في دينك ؟ قال : أخرقه بالمعاصي

وأرقعه بالاستغفار

تهاني 4 - 7 - 2010 11:12 AM

الشاعر والوالي




وفد شاعر على أحد الولاة وألقى قصيدة مدح ضمنها كل المعاني التي تسر سامعها، وكان الوالي كلما سره الشاعر بمعنى جديد يزيد له جائزته حتى وصلت الجائزة إلى مئة ألف دينار.

وبات الشاعر ليلته يحلم بالجائزة.. ولما أصبح أسرع لخازن بيت مال الوالي طالباً جائزته لكن الخازن رفض إعطاءه شيئا وأحاله للوالي الذي برر موقف الخازن قائلا: أنا لم آمر الخازن بإعطائك أي مال..!!

فقال الشاعر: ولكنك أمرت لي بجائزة قدرها مئة ألف دينار بالأمس مكافأة لي على قصيدة المدح التي قلتها فيك.

فقال الوالي: لقد سررتنا بكلام فسررناك بكلام، فأما أن يكون الكلام بفعال فهذا هو الجنون الصريح..!! وصرفه.



من آداب مخاطبة الملوك



دخل الأصمعى يوماً على هارون الرشيد بعد غيبة كانت معه فقال له الرشيد: يا أصمعى، كيف كنت بعدي؟

فقال: ما لاقتنى بعدك أرض.

فتبسم الرشيد... فلما خرج الناس، قال للأصمعى: ما معنى قولك؟

قال: ما استقرت بي أرض، كما يُقال فلان لا يليق شيئاً أي لا يستقر معه شيء...

فقال الرشيد: هذا حسن، ولكن لا ينبغى أن تكلمني بين يدي الناس إلا بما أفهمه، فاذا خلوت فعلِّمني، فإنه يقبح بالسلطان أن لا يكون عالماً؛ إما أن أسكت فيعلم الناس أني لا أفهم إذا لم أجب، وإما أن أجيب بغير الجواب فيعلم من حولي أني لم أفهم ما قلت.

قال الأصمعى: فعلَّمني الرشيد يومها أكثر مما علمته.



النحو الحارق..!!




كان هناك شيخ يتحدث دائماً بالنحو فقال يوماً لابنه: إذا اردت أن تتكلم بشيء فاعرضه على عقلك و فكر فيه بجهدك حتى تقوّمه، ثم أخرج الكلمة مقوّمة.

فبينما هما جالسان في الشتاء والنار تتّقد، وقعت شرارة في جُبة خزّ كانت على الأب وهو غافل والابن يراه. فسكت الابن ساعة يفكر ثم قال: يا أبتِ أريد أن أقول شيئاً، فتأذن لي فيه..؟؟

قال الأب: إن كان حقاً فتكلم.

قال: أراه حقاً... فقال: قُل...

قال: إني أرى شيئاً أحمر...

قال: ما هو؟ قال: شرارة وقعت في جبتك...

فنظر الأب إلى جبته وقد احترقت منها قطعة...

فقال للابن: لِمَ لَم تعلمني سريعاً..؟!

قال: فكرت فيه كما أمرتني، ثم قومت الكلام و تكلمت فيه... فكاد أبوه يجن من الغضب..!!



الجنازة والميت



مرت جنازة بأحد البخلاء ومعه ابنه، وكان مع الجنازة امرأة تبكي الميت وتقول: يذهبون بك إلى بيت لا فرش فيه و لا متاع، ولا غطاء ولاخبز ولا ماء..!!

فقال الطفل ببراءة لأبيه: يا أبي، إلى بيتنا والله يذهبون بهذه الجنازة..!!

__________________

تهاني 4 - 7 - 2010 11:13 AM

قيل كان معن بن زائده رجلا حليما سخيا كريما جوادا كثير العقل سديد الراي فشاع بين جماعه من العرب انه لايقدر احد من خلق الله تعالى على اغضابه لكثرة عقله وحلمه . فقال اعرابي منهم انا اقدر على اغضابه فقالوا له ان فعلت ذلك كان لك علينا مائة ناقه حمراء ,فدخل عليه وقت جلوسه وامتنع بان يسلم عليه ثم انشده هذه الابيات

اتذكر اذ لباسك جلده شاة ٍ ... واذ نعلاك من جلد البعير

فقال معن اذكر ذلك ولا انساه,

فقال الاعرابي ثانيا

فسبحان الذي اعطاك ملكاً.... وعلمك الجلوس على السرير

فقال معن ذلك من فضل الله لا من فضلك يا اخا العرب

قال الاعرابي ثالثا
فلا والله ما عشت يوما .... على معن اسلم بالامير

فقال معن يا اخا العرب السلام سنة من سنن الاسلام فلو نطقت بها لاجرت وان تركتها اثمت

فقال الاعرابي رابعا
سارحل عن بلاد انت فيها .... ولو جزت الشام مع الثغور

فقال معن يا اخا العرب ان سكنت لم تلق منا الا خيرا وان رحلت فمصحوبا بالسلامة

فقال الاعرابي خامسا
فجد لي يابن ناقصة بشئٍ.... فاني قد عزمت على المسير

فقال معن يا غلام اعطه الف دينار يستعين بها على بعده منا ورحيله من ارضنا

فقال الاعرابي
قليل ما مننت به واني.... لاطمع منك بالشئ الكثير
فقال معن اعطه الف دينار اخرى

فقال الاعرابي
سالت الله ان يبقيك دهراً..... فمالك في البرية من نظير
فمنك الجود والاحسان حقاً..... وفضل نداك كالبحر الغزير

فقال معن ياغلام اعطه الف دينار اخرى فقال الاعرابي يا ايها الامير اني لمختبر لحلمك بما سمعته مني اما والله فقد جمع الله فيك من العلم والجود ما لو قسم على اهل الارض لكفاهم . قال معن يا غلام كم اعطيته على نظمه قال ثلاثة الاف دينار قال اعطه على نثره مثلها فاخذه الاعرابي ثم انصرف بالمال شاكرا وهو يبكي فقال له معن ما يبكيك يا اخا العرب فقال تذكرت ان مثلك يموت ثم قال

لعمرك مالرزية فقد مالٍ .... ولا فرس يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حرٍ.... يموت بموته خلق كثير

قصة فيها حكمة.....


الساعة الآن 07:21 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى