منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)
-   -   من ديوان الخنساء (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=8042)

وردة المسااااء 5 - 7 - 2010 01:50 AM

من ديوان الخنساء
 
من ديوان الخنساء

شرح وتحقيق
عبد السلام الجوفي

- 1 -

نقلاً عن كتاب الاغاني للاصبهاني والكامل للمبرد وأمثال الميداني وزهر الآداب للقيرواني وشرح رسالة ابن زيدون وشرح المقامات للشريشي والمحاضرات لابن العربي وغيرهم..

هي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد بن رياح بن يقظة بن عصيةابن خفاف ابن امرئ القيس بن بهثة(وقيل نهية) بن سليم بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيلان بن مضر وتكنى أم عمرو .ومصداق ذلك قول أخيها صخر:

أرى أم عمرو لا تملّ عيادتي .. وملت سليمى مضجعي ومكاني

وإنما الخنساء لقب غلب عليها وهي الظبية . خطبها دريد بن الصمة إلى أبيها .فقال له أبوها : مرحبا بك أبا قرة انك للكريم لا يطعن في حسبه والسيد لا يرد عن حاجته والفحل لا يقرع أنفه . ولكن لهذه المرأة في نفسها ما ليس لغيرها وأنا ذاكرك لها وهي فاعلة.ثم دخل إليها وقال لها:يا خنساء أتاك فارس هوازن وسيد بني جشم دريد بن الصمة يخطبك وهو ممن تعلمين "ودريد يسمع قولهما" فقالت :يا أبت أتراني تاركة بني عمي مثل عوالي الرماج وناكحة شيخ بني جشم هامة اليوم أو غد.ثم أنشأت تقول :

اتخطبني هبلت على دريد..وقد طردت سيد آل بدر
معاذ الله ينكحني حبركي.يقال أبوه من جشم بن بكر
ولو أمسيت في جشم هديا..لقد أمسيت في دنس وفقر


فخرج إليه أبوها فقال: يا أبا قرة قد امتنعت ولعله أن تجيب فيما بعد .فقال دريد :قد سمعت قولكما .وانصرف غضبان ،وهو يهجو الخنساء:

لمن طلل بذات الخمس أمس..عفا العقيق فبطن ضرس
أشبّهها غمامة يوم دجن ..تلألأ برقها أو ضوء شمس
فاقسم ما سمعت كوجد عمرو..بذات الخال من جن وإنس
وقاكِ الله يا ابنة آل عمرو..من الفتيان أمثالي ونفسي
فلا تلدي ولا ينكحك مثلي ..إذا ما ليلة طرقت بنحس
وتزعم أنني شيخ كبير..وهل خبّرتها أنني ابن خمس
تريد شَرَنْبَثَ القدمين شثناً .. يقلع بالجديرة كل كرس
وما قصرت يدي عن عظم أمر ..أهمّ به ولا سهمي بنكس
وما أنا بالمزجى حين يسمو .. عظيم في الأمور ولا بوهس
وقد أجتاز عرض الحزن ليلا .. بأعبس من جمال الغيد حلس
كأن على تنائفه إذا ما .. أضاءت شمسه أثواب ورس
إذا عقب القدور عددن مالا .. تحب حلائل الأبرام عرسي
وقد علم المراضع في جمادي..إذا استعجلن عن حزّ بنهس
بأني لا أبيت بغير لحم .. وأبدأ بالأرامل حين أمسي
وأني لا يهرّ الضيف كلبي .. ولا جاري يبيت خبيث نفس
فإن أكدى فتامكة تؤدى .. وإن اربى فإني غير نكس
واصغر من قداح النبع فرع .. به علمان من حزّ وضرس


قيل للخنساء : ألا تجيبينه . فقالت :لا أجمع عليه أن أرده وأن أهجوه.


- 2 -

ولما ردت الخنساء دريدا خطبها رواحة بن عبد العزيز السّلمي فولدت له عبد الله ويكنى أبا شجرة.ثم خلف عليها مرداس بن أبي عامر السّلمي فولدت له يزيد ومعاوية وعمراً.
والخنساء من شواعر العرب المعترف لهن بالتقدم وهي تعد من الطبقة الثانية في الشعر . وأكثر شعرها في رثاء أخويها معاوية وصخر.وكان معاوية أخاها لأبيها وأمها وكان صخر أخاها لأبيها وكان أحبهما إليها. واستحق صخر ذلك لأمور منها أنه كان موصوفا بالحلم مشهودا بالجود معروفا بالتقدم والشجاعة محظوظا في العشيرة وأجمل رجل في العرب . فلما قتل جلست الخنساء على قبره زمانا طويلا تبكيه وترثيه وفيه جلّ مراثيها.وكانت أول أمرها تقول البيتين والثلاثة حتى قتل أخواها معاوية وصخر.وقد أجمع الشعراء على أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها .وقيل لجرير : من أشعر الناس . قال : أنا لولا هذه الخبيثة (يعني الخنساء).قال بشار :لم تقل امرأة قط شعراً إلا تبيّن الضعف فيه.فقيل له : أوَ كذلك الخنساء ؟ قال : تلك فوق الرجال.
وكان الأصمعي يقدم ليلى الأخيلية. قال المبرّد: كانت الخنساء وليلى بائنتين في أشعارهما متقدمتين لأكثر الفحول . وقلما رأيت امرأة تتقدم في صناعة وإن قلّ ذلك. وقال أبو زيد : ليلى أكثر تصرفا وأغزر بحرا وأقوى لفظا والخنساء أذهب عمودا في الرثاء.ومن أحسن المراثي ما خلط فيه مدح بتفجيع على المرثي فإذا وقع ذلك بكلام صحيح ولهجة معربة ونظم غير متفاوت فهو الغاية وكذلك رثاء الخنساء.
وكان النابغة الذبياني تضرب له قبة حمراء في سوق عكاظ فيجلس لشعراء العرب على كرسي وتأتيه الشعراء فتنشده أشعارها فيفضّل من يرى تفضيله. فأنشدته الخنساء في بعض المواسم قصيدتها الرائية التي في أخيها صخر فأعجبه شعرها وقال لها : اذهبي فأنت أشعر من كل ذات ثديين ,ولولا أن هذا الأعمى أنشدني قبلك (يعني الأعشى) لفضلتك على شعراء هذا الموسم فإنك أشعر الانس والجن .وكان ممن عرض شعره في ذلك الموسم حسان بن ثابت فغضب وقال :أنا أشعر منك ومنها.فقال :ليس الأمر كما ظننت . ثم التفت إلى الخنساء فقال: يا خناس خاطبيه. فالتفت إليه الخنساء فقالت ،ما أجود بيت في قصيدتك هذه التي عرضتها آنفا قال : قولي :


لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما

فقالت : ضعفت افتخارك وانزرته في ثمانية مواضع في بيتك هذا . قال : وكيف ؟ . قالت : قلت :(لنا الجفنات ) والجفنات ما دون العشر ولو قلت : الجفان - لكان أكثر . وقلت (الغرّ ) والغرّة بياض في الجبهة ،ولو قلت : البيض- لكان أكثر اتساعا . وقلت (يلمعن) واللمع شيء يأتي بعد شيء ولو قلت يشرقن - لكان أكثر لأن الاشراق أدوم من اللمعان . وقلت : (بالضحى) ولو قلت بالدجى - لكان أكثر طرّاقا . وقلت : ( أسياف) والأسياف ما دون العشرة ،ولو قلت سيوف - كان أكثر . وقلت ( يقطرن ) ولو قلت يسلن - كان أكثر . وقلت ( دما ) والدماء أكثر من الدم . فسكت حسان ولم يُحر جوابا .
- 3 -


وكان في أثناء ذلك ظهور الإسلام فقدمت الخنساء مع قومها بني سليم على رسول المسلمين فأسلمت معهم .فاستنشدها النبي عليه الصلاة والسلام فأنشدته فأعجب بشعرها وهو يقول : هيهِ يا خنساء . ثم انصرفت وهي لم تدع ما كانت عليه من تسلّبها . قيل أن عمر بن الخطاب سألها: ما أقرح مآقي عينيك . قالت : بكائي على السادات من مضر. قال : يا خنساء انهم في النار . قالت : ذاك أطول بعويلي عليهم . اني كنت أبكي لهم من الثار وأنا اليوم أبكي لهم من النار.
وقيل أنها أقبلت في خلافته حاجة فنزلت بالمدينة بزي الجاهلية .فقام إليها عمر رضي الله عنه في أناس من أصحابه فدخل عليها فإذا هي على ما وصف له .فعذلها ووعظها وقال لها: إن الذي تصفين ليس صنع الاسلام وأن الذين تبكين هلكوا في الجاهلية وهم أعضاء اللهب وحشو جهنم.فقالت :اسمع مني ما أقول في عذلك إياي ولومك لي . فقال: هاتِ. فأنشدته من شعرها في أخويها فتعجب من بلاغتها وقال : دعوها لا تزال حزينة .
وكانت الخنساء تلبس الصدار من الشعر فحدثها معن السّلمي في طرحه فقالت: يا أحمق أنا أحسن منك غرسا،وأطيب نفسا ،وأوسع منك فضلا.
قيل أنها أتت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فنظرت إليها وعليها الصدار وهي حليقة الرأس تدّب من الكبر على عصا .فقالت لها عائشة : أخناس . فقالت : لبيك يا أماه . قالت : أتلبسين الصدار وقد نهي عنه في الإسلام . فقالت : لم أعلم بنهيه . قالت : مالذي بلغ بك ما أرى. قالت : موت أخي صخر . قالت عائشة :ما دعاك إلى هذا إلا صنائع منه جميلة فصفيها لي. قالت : نعم إن لشعاري سبب وذلك ان زوجي كان رجلا متلافا للأموال يقامر بالقداح فاتلف فيها ماله حتى بقينا على غير شيء.فأراد أن يسافر فقلت له : اقِم وأنا آتي أخي صخراً فأسأله.فأتيته وشكوت إليه حالنا وقلة ذات اليد بنا فشاطرني ماله.فانطلق وزجي فقامر به فقُمر حتى لم يبق لنا شيء.فعدت إليه في العام المقبل أشكو إليه حالنا فعاد لي بمثل ذلك فأتلفه زوجي .فلما كان في السنة الثالثة والرابعة خلت بصخر امرأته فعذلته ، ثم قالت : إن زوجها مقامر وهذا ما لا يقوم له شيء فإن كان لا بد من صلتها لإاعطها أخسّ مالك فإنما هو متلف والخيار فيه والشرار سيان
فأنشأ يقول لامرأته :


والله لا أمنحها شرارها .. وهي حصان قد كفتني عارها
ولو هلكت خرّقت خمارها .. واتخذت من شعر صدارها


ثم شطر ماله فأعطاني أفضل شطريه . فلما هلك اتخذت هذا الصدار .والله لا أخلف ظنه ولا أكذب قوله ما حييت.



يتبعــــ ..

وردة المسااااء 5 - 7 - 2010 01:51 AM

- 4 -
وكان للخنساء أربعة بنين فلما ضرب البعث على المسلمين لفتح فارس سارت معهم وهم رجال وحضرت وقعة القادسية سنة 16 هـ (638 م) وأوصتهم من أول الليل : يا بنيّ إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين . والله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة ما هجنتُ حسبكم ولا غيّرت نسبكم واعلموا أن الدار الآخرة خير من الفانية اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون فإذا رأيتم الحرب قد شمّرت عن ساقها وجلّلت نارا على أوراقها فتيمموا وطيسها وجالدوا رسيسها تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة .فلما أضاء لهم الصبح باكروا مراكزهم فتقدموا واحدا بعد واحد ينشدون أراجيز يذكرون فيها وصية العجوز لهم حتى قتلوا عن آخرهم .فبلغها الخبر فقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر الرحمة . وكان عمر بن الخطاب يعطيها أرزاق بنيها الأربعة (وكان لكل منهم مائتا درهم) حتى قبض.
حدّث علقمة بن جرير قال:أقبلت يوماا أسوق شارفة لي من الإبل أريد نحرها عند الحي فأدركني الليل بين أبيات بني الشريد.فإذا عمرة بنت مرداس عروس وأمها الخنساء عندها .فقلت لهم : انحروا هذه الجزور واستعينوا بها وجلست معهم . ثم أذن لنا فدخلنا فإذا هي جارية وضيّة يعني عمرة وأمها الخنساء جالسة ملتفة بكساء أحمر وقد هرمت وكانت تلحظ الجارية لحظاً شديداً . فقال القوم : بالله يا عمرة ألا تحرشتِ بها فإنها الآن تعرف بعض ما أنت فيه .فقامت الجارية تريد حاجة فوطئت على قدمها وطأة أوجعتها. فقالت مغيظة : أوفٍّ لك يا حمقاء إنني كنت أحسن منك عرساً ،وأطيب ورساً ، وأبسط منك عرفاً، وأرقّ منك نعلاً وأكرم منك بعلاً . وذلك إذ كنت فتاة أعجب الفتيان لا أذيب الشحم ولا أرعى البهم كالمهرة الصنيع لا مضاعة ولا مُضيع .فتعجب القوم من غيظها من ابنتها.
وكانت وفاة الخنساء في أول خلافة عثمان رضي الله عنه سنة 24 هـ (646 م) وكان موتها في البادية .

خبر قتل معاوية أخي الخنساء

(يوم حَوْرة * الأول نحو 612 للمسيح )

قد مر نسب معاوية ونسب أخيه صخر في نسب الخنساء وكانا من سراة بني سُليم . قيل : أن عمر بن الشريد أباهما كان يأخذ بيد ابنيه معاوية وصخر في الموسم ويقول : أنا أبو خيري مُضَر فمن أنكر فليُغِر .فلا يغير ذلك عليه أحداً.
وكان يقول من أتى بمثلهما أخوين من قبله فله حُكمه .فتقرّ العرب له بذلك .وكان قتل معاوية يوم حورة الأول وهو من أيام العرب لسُليم على غطفان .قال أبوعبيدة : كان بين معاوية وهاشم بن حرملة أحد بني مرّة غطفان كلامٌ بعكاظ .فقال له معاوية :لوددت والله اني قد سمعت بظعائن يندبنك.فقال هاشم: والله لوددت اني قد بريت الرطبة ( وهي جمّة معاوية وكانت الدّهر تنطف دهنا وان لم تدهن ).فلما كان بعد ذلك بأيام تهيأ معاوية ليغزو هاشما فنهاه أخوه صخر . فقال : كأني بك ان غزوتهم علق بجمتك حسَك العرفط. (قال): فأبى معاوية وخرج غازيا يريد بني مرة وبني فزارة في فرسان اصحابه من بني سليم حتى اذا كان بمكان يدعى الحورة في ديار بني مرّة دوّمت عليه طير وسنح ظبي فتطيّر منهما ورجع في اصحابه . وبلغ ذلك هاشم بن حرملة فقال: ما منعه من الاقدام الا الجُبن .(قال ):فلما كانت السنة المقبلة غزاهم حتى اذا كان في ذلك المكان سنح له ظبي وغراب فتطيّر ورجع ومضى اصحابه وتخلّف في تسعة عشر فارسا منهم لا يريدون قتالا. فوردوا ماء واذا عليه بيت شعر فصاحوا بأهله فخرجت إليهم امرأة فقالوا : ممن أنت . قالت : امرأة من جهينة أحلاف لبني سهم بن مرّة بن غطفان . فوردوا الماء يسقون فانسلّت المرأة فأتت هاشم بن حرملة فأخبرته أنهم غير بعيد وعرّفته عدتهم وقالت : لا أرى إلا معاوية في القوم .فقال : أمعاوية في تسعة عشر رجلا شبّهتِ وأبطلت .قالت : بلى قلت الحق وإن شئت لأصفنّهم لك رجلا رجلا . قال : هاتي . قالت : رأيت فيهم شابّا عظيم الجمّة جبهته قد خرجت من تحت مِغفره صبيح الوجه عظيم البطن على فرس غراء. قال : نعم هذه صفة معاوية وفرسه الشمّاء. قالت ورأيت رجلا شديد الأُذمة شاعرا ينشدهم . قال: ذلك خُفاف بن عمير . قالت : رأيت رجلا ليس يبرح وسطهم إذا نادوه رفعوا أصواتهم . قال : ذاك عباس الأصم . قالت: ورأيت رجلا طويلا يكنونه أبا حبيب ورأيتهم أشدّ شيء له توقيرا. قال : ذاك نبيثة بن حبيب. قالت : ورأيت شيخا له ضفيرتان يقول لمعاوية : بأبي أنت أطلت الوقوف . قال : ذاك عبد العزى زوج الخنساء أخت معاوية .(قال)فنادى هاشم في قومه وخرج وزعم أن المُرّيَّ لم يخرج إليهم إلا في مثل عدتهم من بني مرّة . (قال): فلم يشعر السّليميّون حتى طلعوا عليهم فثاروا إليهم فلقوهم .فقال لهم خُفاف: لا تنازلوهم رجلا رجلا فإن خيلهم تثبت للطراد وتحمل ثقل السلاح وخيلكم قد أنهكها الغزو وأصابها الحفا . (قال) فاقتتلوا ساعة وانفرد هاشم ودريد ابنا حرملة المرّيّان لمعاوية فرآه هاشم بن حرملة قبل أن يراه معاوية وكان هاشم ناقهاً من مرض أصابه ،فقال لأخيه دريد : إنّ هذا إن رآني لم آمن أن يشدّ عليّ وأنا حديث عهد بشكيّة فاستطرد له دوني حتى نجعله بيني وبينك. ففعل فحمل عليه معاوية ورادفه هاشم .فاختلفا في طعنتين فأردى معاوية هاشماً عن فرسه الشماء وانفذ هاشم سنانه من بطن معاوية .(قال) وكرّ عليه دريد فظنه قد أردى هاشما فضرب معاوية بالسيف فقتله .ودفن معاوية بليّة قرب حورة .ولما قتل قال خفاف بن ندبة: قتلني الله ان برحت مكاني حتى أثأر به فشدّ على مالك بن الحرث سيّد بني فزارة وشيخهم فقتله .فقال في ذلك :


أقول له والرمح يأطر متنه..تأمل خفافا انني أنا ذلكا
نصبت له علوا وقد حام صحبتي..لأبني مجدا أو لأثأر هالكا
فإن تكن خيلي قد أصيب صميمها..فعمداً على عيني تيمّمت مالكا
تيمّمت كبش القوم حتى عرفته .. وجانبت شبّان الرجال الصعالكا
فجادت له يمنى يدي بطعنة..كست متنه من أسود اللون حالكا
فإن ينج منها هاشم فبطعنة..كسته نجيعا من دم الجوف صائكا
أنا الفارس الحامي الحقيقة والذي ..به أدرك الأبطال قدما كذلكا



(قال) وعادت الشماء فرس هاشم حتى دخلت في جيش بني سُليم فأخذوها وظنّوها فرس الفزاري الذي قتله خفاف . ورجع الجيش حتى دنوا من صخر أخي معاوية فقالوا : أنعم صباحاً أبا حسّان . قال حيّيتُم بذلك ما صنع معاوية ؟ قالوا : قتل. قال : فما هذه الفرس . قالوا: قتلنا صاحبها . إذا قد أدركتم ثأركم هذه فرس هاشم بن حرملة .وقال صخر يرثي معاوية وكان قال له قومه اهج بنا بني مرّة فقال : ما بيننا أجلّ من القذع ولو لم أكفف نفسي رغبة عن الخنا لفعلت .

يتبعــ

</i>

وردة المسااااء 5 - 7 - 2010 01:52 AM

(يوم حورة الثاني نحو 613 م)

قال: فلما دخل رجب ركب صخر بن عمرو الشماء صبيحة يوم حرام، فأتى بني مرة، فلما رأوه قال لهم هاشم: هذا صخر فحيوه وقولوا له خيراً، وهاشم مريض من الطعنة التي طعنه معاوية، فقال: من قتل أخي؟ فسكتوا ، فقال: لمن هذه الفرس التي تحتي؟ فسكتوا. فقال هاشم: هلم أبا حسان إلى من يخبرك! قال: من قتل أخي؟ فقال هاشم: إذا أصبتني أو دريداً فقد أصبت ثأرك! فقال: هل كفنتموه؟ قال: نعم، في بردين: أحدهما بخمس وعشرين بكرة وأروه قبره، فلما رأى القبر جزع عنده ثم قال: كأنكم ما رأيتم من جزعي، فوالله ما بت منذ عقلت إلا واتراً أو موتوراً، وطالباً أو مطلوباً حتى قتل معاوية، فما ذقت طعم نوم بعده.
قال أبو عبيدة فلما كان العام المقبل غزاهم
على فرسه الشماء فقال :إني أخاف أن يعرفوني ويعرفوا غرّة الشمّاء فيتأهبوا.قال فحمم غرّتها وسوّد تحجيلها . ولما أشرفت على أدنى الحيّ
فرأته بنت لهاشم، فقالت لعمها دريد: أين الشماء؟ قال: هي في بني سليم، قالت: ما أشبهها بهذه الفرس. فاستوى جالسا، فقال: هذه فرس بهيم والشماء غراء محجلة، وعاد فاضطجع. فلم يشعر إلا والخيل دوائس فاقتتلوا فقتل صخر دريدا وأصاب بني مرة وقال في ذلك :

ولقد دفعت إلى دريد طعنة .. نجلاء توغر مثل غطّ المنخر
ولقد قتلتكم ثناء وموحدا.. وتركت مرّة مثل أمس المدبر


وقال صخر أيضا في من قتل من بني مرّة :

قتلت الخالدين به وبـشـرا.. وعمرا يوم حوزة وابن بشر
ومن سمح قتلت رجال صدق.. ومن بدر فقد أوفيت نـذري
ومرة قد صبحناها المـنـايا..فروّينا الأسنة غير فخـر
ومن أفناء ثعلبة بن سعد..قتلت وما أبيّته بوتر
ولكنّا نريد هلاك .. قوم فنقتلهم ونشريهم بكسر


قال: فثاروا وتناذروا، وولى صخر، وطلبته غطفان عامة يومها، وعارض دونه أبو شجرة بن عبد العزى، وكانت أمه خنساء أخت صخر وصخر خاله، فرد الخيل عنه حتى أراح فرسه ونجا إلى قومه.
قال أبو عبيدة: وأما هاشم بن حرملة فإنه خرج منتجعا، فلقيه عمرو بن قيس الجشمي فتبعه، وقال هذا قاتل معاوية، لا وألت نفسي إن وأل فلما نزل هاشم كمن له عمرو بن قيس بين الشجر، حتى إذا دنا منه أرسل عليه معبلة ففلق قحفه فقتله، وقال في ذلك:

إني قتلت هاشم بن حرمله ...احيا أباه هاشم بن حرملة
إذ الملوك حوله مغربله...يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له


فقالت الخنساء في ذلك :

فداً للفارس الجشمي نفسي .. وأفديه بما لي من حميم


يوم عدنية ويقال له يوم ملحان وهو جبل


قال أبو عبيدة هذا اليوم قبل يوم ذات الاثل.وذلك أن صخرا غزا بقومه وترك الحي خلوا فأغارت عليهم غطفان فثارت إليهم غلمانهم ومن تخلف فقتل من غطفان نفر وانهزم الباقون فقال في ذلك صخر :

جزى الله خيراً قومنا إذ دعاهم .. بعدنية الحـي الـخلوف المـصبـح
وغلمـانـنا كانـوا أســود خفيــة..وحق علينا أن يـثابوا ويــمدحــوا
هـم نفروا أقـرانـهـم بمـضـرس ..وسعر وذادوا الجيش حتى تزحزوا
كـأنـهـم اذ يـطــردون عـيـشــة .. بــقــنـة مــلحـان نـعـــام مــــروح


خبر قتل صخر أخي الخنساء

(
يوم كلاب أو يوم ذات الأثل نحو سنة 615 م )



كان قتله في يوم كلاب ويقال له : يوم ذي أثل . وكان يومئذ بنو خفاف متساندين وعلى بني خفاف صخر بن عمرو بن الشريد وعلى بني عوف أنس بن عباس.قال فأصابوا في بني أسد بن خزيمة غنائم وسبيا وأصابت صخرا يومئذ طعنة طعنه رجل يقال له ربيعة بن ثور ويكنى أبا ثور فادخل جوفه حلقا من الدرع فاندمل عنه حتى شق عليه بعد سنين وكان ذلك سبب موته. وقيل : أن طبيبا مرّ بصخر بعدما طال مرضه فأراه ما به .فقال:اشق عنك فتفيق .قال : فعمد الى شفار فجعل يحميها ثم يشق بها عنه فلم ينشب ان مات.قال ابو عبيدة واما بلال بن سهم فإنه قال:اكتسح صخر اموال بني اسد وسبى نساءهم فاتاهم الصريخ فتبعوه فتلاحقوا بذات الاثل فاقتتلوا قتالا شديدا فطعن ربيعة بن ثور الأسدي صخرا في جنبه وفات القوم فلم يقعص وجوى منها ومرض قريبا من حول حتى ملّه أهله .



يتبع


</i>

وردة المسااااء 5 - 7 - 2010 01:54 AM

فبينما هو ذات يوم اذ أقبل عائد يعوده وامرأته سلمى على باب الخباء فقال لها: كيف أصبح صخر الغداة وكيف بات البارحة.فقالت : بشرّ حال لا حيّ فيرجى ولا ميت فينعى ولقد لقينا منه الأمرين. فسمعها صخر فاشتد ذلك عليه وكان يجد فيها وجدا شديدا فلما دخلت عليه قال لها : كيف قلت للعائد.قالت:أو ليس قد صدقت.

فازداد عليها غضبا وقال في نفسه:لئن سلمت لأفعلنّ ولأفعلنّ. ثم أتى عائدا يوما آخر يعوده وأم صخر على باب الخباء فقال لها العائد: كيف أصبح صخر الغداة وكيف بات البارحة.قالت : بأحسن حال أرجي له منّا من يومنا ولا نزال بخير ما رأينا سواده فينا . فسمعها صخر فأنشأ يقول :

أرى أم صخر ما تجف دموعها ,,, وملت سليمى مضجعي ومكاني
وما كنت أخشى أن أكون جنارة ,,, عليك، ومن يغتر بالحـدثـان!
أهم بأمر الحزم لو أستطـيعـه ,,, وقد حيل بين العير والنـزوان
لعمري لقد أنبهت من كان نائماً ,,, وأسمعت من كانت لـه أذنـان
فأي امرئ ساوى بأم حليلة ,,, فلا عاش إلا في شقي وهوان


فلما طال عليه البلاء وقد نتأت قطعة مثل الكبد في جنبه في موضع الطعنة قالوا له : لو قطعتها لرجوت أن تبرأ . فقال : شأنكم فأشفق عليه بعضهم فنهاهم فأبى.وقال : الموت أهون علي مما أنا فيه. فأحموا له شفرة ثم قطعوها من نفسه.

قال وسمع صخر أخته الخنساء تقول : كيف كان صبره .فقال في ذلك :


أجارتنا إن الخطـوب تنوب ... على الناس، كل المخطئين تصيب
فإن تسأليني هل صبرت فإنني ... صبور على ريب الزمان صليب

كأني وقد أدنوا إليّ شفارهم ... من الصفحتين ركوب
أجارتنا لست الغداة بظاعن ... ولكن مقيم ما أقام عسيب.


وعسيب جبل بأرض أم سليم إلى جنب المدينة به مات صخر فدفن هناك وقبره معلَم قريب من عسيب.وكان موت صخر نحو سنة 615 م.
شعر الخنساء

* لم يذكر للخنساء شعر من قافية الهمزة

قالت الخنساء بنت عمرو بن الحارث بن الشريد ترثي أخاها صخرا ( من بحر البسيط )


يا عين مالك لا تبكين تسكابا إذ راب دهر وكان الدهر ريَّابا

فابكي أخاك لأيتام وأرملة وابكي أخاك إذا جاورت أجنابا

وابكي أخاك لخيل كالقطا عصبا فقدن لما ثوى سيبا وأنهابا

يعدو به سابح نهد مراكله مجلبب بسواد الليل جلبابا

حتى يصبح أقواما يحاربهم أو يسلبوا دون صف القوم أسلابا

هو الفتى الكامل الحامي حقيقته مأوى الضريح إذا ما جاء منتابا

يهدي الرعيل إذا ضاق السبيل بهم نهد التليل لصعب الأمر ركّابا

المجد حلته والجود علته والصدق حوزته إنْ قِرْنُهُ هابا

خَطَّابُ مَحْفِلةٍ فّرّاٌج مَظْلِمَةٍ إن هاب معضلة سَنّيِ لها بابا

حمّال ألويةٍ قطّاع أودية شهاد أنجية للوتر طلّابا

ســم العداة وفكاك العناة إذا لاقى الوغى لم يكن للموت هيَابا


وقالت أيضا ( من الطويل ) :

وَخَرْقٍ، كأنْضاءِ القميصِ دَوِيّة ٍ، مخوفٍ رداهُ ما يقيمُ بهِ ركبُ

قطعتَ بمجذامِ الرَّواحِ كانَّها اذا حطَّ عنها كورُهَا جملٌ صعبُ

يُعاتِبُها في بَعضِ ما أذنَبَتْ لهُ، فيَضرِبُها، حيناً، وليسَ لها ذَنْبُ

وَ قدْ جعلتْ في نفسهَا انْ تخافهُ وليسَ لها منهُ سَلامٌ ولا حَرْبُ

فَطِرْتَ بها، حتى إذا اشتَدّ ظِمْؤها، وحُبَّ إلى القَوْمِ الإناخَة ُ والشُّرْبُ

انختَ اِلَى مظلومة ٍ غيرِ مسكنٍ حَوامِلُها عُوجٌ، وَأفْنانُها رَطْبُ

فناطَا ليهَا سيفهُ ورداءهُ وَجاءَ إلى أفْياءِ ما عَلّقَ الرَّكْبُ

فأغْفَى قَليلاً، ثمّ طارَ برَحْلِها، ليَكسبَ مجداً، أوْ يَحورَ لها نَهْبُ

فثارَتْ تُباري أعوَجيّاً مُصَدِّراً، طَويلَ عِذارِ الخدّ، جؤجؤه رَحْبُ


ولها أيضا ( من الكامل ) :

يا ابنَ الشّريد، على تَنائي بَيْنِنا، حُيّيتَ، غَيرَ مُقَبَّحٍ، مِكبابِ

فكهٌ عَلَى خيرِ الغذاءِ اذَاغدتْ شهباءُ تقطعُ باليَ الاطنابِ

أرِجُ العِطافِ، مُهفهفٌ، نِعمَ الفتى مُتَسَهِّلٌ في الأهْلِ والأجْنابِ

حامي الحَقيقِ تَخالُهُ عندَ الوَغَى اسداً بيشة َ كاشِرَ الأنيابِ

اسداً تناذرهُ الرّفاقُ ضُبارماً شَثْنَ البَراثِنِ لاحِقَ الأقرابِ

فَلَئِنْ هَلَكْتَ لقد غَنيتَ سَمَيذَعاً مَحْضَ الضّريبَة ِ طَيّبَ الأثوابِ


ضَخْمَ الدّسيعة ِ بالنّدى مُتَدَفّقاً مَأوَى اليَتيمِ وغايَة َ المُنْتابِ


وقالت ترثيه ( من البسيط ):

ما بال عينك منها دمع سرب .. أراعها حزن أم عادها طرب
أم ذكر صخر بُعيد النوم هيّجها .. فالدمع منها عليه الدهر ينسكب
يا لهف نفسي على صخر إذا ركبت .. خيل لخيل تنادي ثم تضطرب
فقد كان حصنا شديد الرّكن ممتنعا .. ليثا إذا نزل الفتيان أو ركبوا
أغرّ أزهر مثل البدر صورته .. صاف عتيق فما في وجهه ندب
يا فارس الخيل إذا شُدّت رحائلها .. ومطعم الجوّع الهلكى إذا سغبوا
كم من ضرائك هلاّك وأرملة .. حلّوا لديك فزالت عنهم الكرب


وقالت أيضا ( من البسيط ):

يا عين جودي بدمع منك مسكوب .. كلؤلؤ جال في الأسماط مثقوب
إنّي تذكرته والليل معتكر .. ففي فؤادي صدع غير مشغوب
نعم الفتى كان للأضياف إذ نزلوا .. وسائل حلّ بعد النوم محروب
كم من مناد دعا والليل مكتنع .. نفّست عنه حبال الموت مكروب
ومن أسير بلا شكر جزاك به .. بساعديه كلوم غير تجليب
فككته ومقال قلته حسن .. بعد المقالة لم يؤبن بتكذيب


وقالت أيضا ( من الطويل ):

تقول نساءٌ شبتِ من غير كبرة .. وأيسر مما قد لقيت يشيب
أقول أبا حسّان لا العيش طيب .. وكيف وقد أفردت منك يطيب
فتيّ السّنّ كهل الحلم لا متسّرع .. ولا جامد جعد اليدين جديب
أخو الفضل لا باغ عليه لفضله .. ولا هو خرقٌ في الوجوه قطوب
إذا ذكر الناس السماح من امرئ .. وأكرم أو قال الصّواب خطيب
ذكرتك فاستعبرت والصدر كاظم .. على غصّة منها الفؤاد يذوب
لعمري لقد أوهيت قلبي عن العزا .. وطاطأت رأسي والفؤاد كئيب
لقد قصمت مني قناة صليبية .. ويقصم عود النبع وهو صليب

وقد أنشد ابن الأعرابي للخنساء بيتا مفردا لم نجده في ديوانها وهو قولها :

تطير حوالَيَّ البلاد براقشا .. بأورع طلاّب التِّرات مطلّبِ


قيل إن البلاد البراقش هي المجدبة . وقيل بل هي الممتلئة زهرا مختلفة من كل لون . فتكون براقش من الأضداد . ويروى هذا البيت لعمرة بنت الخنساء .



أزهار 5 - 7 - 2010 02:53 AM

http://www.3rbe.com/vb/image.php?u=6...ine=1174437843شـكــ ويعطيك العافية ـــرا لك ...
لك مني أجمل تحية . http://www.3rbe.com/vb/image.php?u=6...ine=1174437843

زمان البوح 5 - 7 - 2010 11:27 PM

العزيزة وردة المساء ....شكرا لك لأثراء المنتدى بروائع الخنساء ...
ننتظر المزيد من عطائك ....شكرا بحجم المطر

عبدالرحمن حموده 5 - 7 - 2010 11:34 PM

http://www.dohaup.com/album/18/dohaup_814172438.gif
مجهود رائع وموضوع قيّم
بانتظار المزيد من هذا العطاء
ارقّ تحية وأعذبها اتركها هنا في ردي لك
http://www.dohaup.com/album/18/dohaup_814172438.gif

أبو جمال 12 - 7 - 2010 03:58 PM

شـكــ ويعطيك العافية ـــرا لك ...
لك مني أجمل تحية .

http://www.dohaup.com/thumbnails/891_700x2147483647.jpg

أبو يقين الكعبي 24 - 7 - 2010 11:17 PM

العزيزة وردة المساء..
شكرا لمجهودك الكبير في هذا الموضوع المتكامل
كل التقدير والاحترام لك وننتظر المزيد من هذا الابداع..
ابو يقين...

فسحة أمل 27 - 7 - 2010 01:00 AM

موضوع متكامل غاليتي..
شكراً لجهودك الكبيرة..
دمت متألقة
تقديري ومحبتي


الساعة الآن 03:46 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى