[الشاعر ابراهيم الباوي]

((الجزء الرابع من رباعيات(انا والليل )أو (سوانح ليلية ))

أنني ياليلُ موجٌ لا يطيق الزبدا

عانقَ الاصداف عمقاً واذاب البردا

ارأيت الفذ َّ يوماً يستسيغ الحسدا؟

أنني ياليلُ برقٌ قد احب الرعدا

******
أنني ياليل نجم لاحَ من شأو بعيد

يحمل الحب ضياءً يبعثُ الشوقَ بريد

ارأيت الجسمَ يوماً ذاب في حوض الاسيد؟

أنني ياليل شعبٌ قام في بذل الشهيد

******

أنني ياليل شعب أخفت الأوباشُ قبره

قد قضى العمر حزيناً وشكى لله أمره

فانتضى صبراً جميلاً ما استطاع الوغدُ كسره

أنني ياليل شعب في الجهاد الحرّ فخره

******
أنني ياليل شعبٌ أسبلَ الأجفان جرحه

ما رأى الا الرزايا يُشبه الديجور صبحه

هل جنى ذنباً عظيماً فيبُاح اليوم ذبحه؟

أنني ياليل شعبٌ ما هوى للأرض صرحه

******

أنني ياليل شعب أوسعته الناسُ دفنا

ذنبه رأيا سديداً فأرتدى غَمّا وحزنا

سامه الوغد عذاباً ما رأى خيراً وامنا

أنني ياليل شعبٌ في سبيل الدين يُفنى

******
أنني ياليلُ شعبٌ قد اباحَ الوغدُ أرضه

قتل الأفذاذَ ظلماً فغدا يندب حظه

ارأيت الحرَّ يغضي لوْ يروم الكلبُ عرضه

أنني ياليل بعضٌ قد بكى بالقهر بعضه

******

أنني ياليل شعبٌ ما رأى غيرَ المآسي

لو تجلتْ لرواس ٍ لبكتْ منها الرواسي

ارأيت التبرَ يوماً صار في سعر النحاس؟

أنني ياليل شعب ملَّ من مكر السياسي

******
أنني ياليل شعبٌ صارَ صنواً للمآتمْ

حيث ما ترنو رفاة أين ما تخطوا جماجم

هل سمعتَ الذئب يوماً هام عشقاً بالحمائم؟

مزّقوا الاشلاء حقداً لوثوا حتى النسائم

******

أنني ياليل شعبٌ صارَ حقلاً للتجارب

سامه الإرهاب خسفا، أنشبتْ فيه المخالب

أسمعتَ الحرَّ يوماً يرتضي حكم الأجانب؟

أنني ياليل شعبٌ صار مآوى للنوائب

******
أنني ياليل آتٍ رغم أوجاع ِ النزيفْ

بين أضلاعي ضرام وعلى جَفني رفيف

أسمعت الزهر يوماً هام عشقاً بالخريف؟

أنني ياليل قلبٌ شاقه هجرُ الأليف

******

أنني ياليل صَلدٌ لا تُفتتني المطارقْ

لم يذبني الوقدُ حتى لوْ احاطتني الحرائق

هل رأيت الصيدَ تبكي عند اعوادِ المشانق؟

أنني ياليل خطوٌ لا تُحجمه العوائق

******

إنني ياليلُ صوتٌ بُحَّ من فرطِ الصياح

لا تلمني في بكائي حينما يبدو الصباح

قد يميط ُ الصبحُ عني كلَّ ما تُخفي الجراح

إنني ياليلُ زهرٌ جَذه عصفُ الرياح

******
إنني ياليلُ ثغرٌ لم يَذُقْ طعمَ القُبلْ

أوسعتهُ الغيدُ هجراً وهو يهفو للغزلْ

هل يرومُ الصبّ ُ عيشاً حين يجفوه الأمل؟

إنني ياليلُ سهلٌ ذاب حُبَّاً بالجبل

******

إنني ياليلُ جيدٌ لم تُلامِسْهُ العُقودْ

أنشبتْ فيه المخالبْ حوله تجري القيودْ

ضاع ياليلُ ابتهاجي هل ترى يوماً يعود؟

إنني ياليل دمع هامَ عِشقَاً بالخدود

******
إنني ياليلُ شيءٌ جاء من نار ٍ ونورْ

أضرم العمرَ احتراقاً ثمَّ أستافُ الزهور

أعْشَقُ الليلَ وأرنو باشتياق للبدور

إنني ياليلُ كأسٌ لم تلامسهُ الثغور

******

إنني ياليلُ قلبٌ لوصال ِ الغيدِ يهفو

أملأ الجوَ احتراقاً من صباباتي واغفو

أن اشواقاً بعيني ضمها الدمعُ ستطفو

إنني ياليلُ صبّ ُ ان براني الظلمُ اعفو

******
إنني ياليلُ طعمٌ بين انيابِ الضواري

فحبيب العمر أمسى ليس يعبأ باحتضاري

نابني خطبٌ جسيمُ وهو لاهٍ بجواري

إنني ياليلُ قبرٌ ضاعَ في عمق الصحاري

******

إنني ياليلُ جُرحُ لم يفارقهُ نزيفْ

أعشقُ السكينَ طعْنَاً حينما يجفو الاليف

سوف ابكي العمرَ غُبناً عندما يأتي الخريف

إنني ياليلُ غصنٌ هَزّهُ عَصفٌ عنيف

******
إنني ياليلُ كفٌ تبتغي صُنعَ الوئامْ

تنثرُ البسمة دوماً بين أحداق ِ الانامْ

كي ترى العالمَ يغفو بين أكنافِ السلامْ

إنني ياليلُ غيثٌ يبتغي مَحْقَ الضرامْ

******

إنني ياليلُ جُرحٌ هالهُ فرْط ُ الصبابة

أجدُ الوجدَ انطلاقاً وارى الدمعَ مثابه

ارأيتَ الغيثَ يوماً نثَ زهداً في سحابه؟

إنني ياليلُ قلبٌ لافحُ الوجدِ أذابه

******
إنني ياليلُ صوتٌ رَجْعُهُ هذا النواح

يملأ الافقَ أنيناً كترانيم ِ الرياح

حلوةٌ تلك المآقي حينما ترثي الجراح

إنني ياليلُ ليلٌ لم يزل يرجو الصباح

******

إنني ياليلُ عينٌ ما رأتْ لونَ السعاده

فتوسدتُ الرزايا حين الفيّتُ الوساده

ارأيت الجيدَ يوماً ضاقَ ذرعاً بالقلاده

إنني ياليلُ دمعٌ سَحَّ من قبل ِ الولاده

******
إنني ياليلُ لحنٌ ضاعَ في وسطِ الضجيجْ

مثلما الروضة تبكي عندما يجفو الاريجْ

قد لبستُ العزَّ ثوباُ بعدما عَزَّ النسيجْ

إنني ياليلُ دُرّ ٌ ضاع في عُمق ِ الخليجْ

******

إنني ياليلُ دِفقٌ من حنينٌ ولواعجُ

لستُ من يشحذ ُ سيفاً يبتغي قطع الوشائجْ

إن شخصي صارَ نهجاً عند تعميم المناهجْ

إنني ياليلُ قزٌ مات من لفَ النسائج

******
إنني ياليلُ أذنٌ سَمِعت شتى الشتائمْ

ومنحتُ الكلَّ عفواً مثل نفحات النسائمْ

لن ينالَ القلبُ نوراً قد حوى لونَ السخائمْ

إنني ياليلُ عشٌ صار مأوىً للحمائمْ

******

إنني ياليلُ عينٌ عَشِقتْ في الغيدِ خِصرا

يتلوى وَسْط َ قدً ّ يملأ ُ العشاق ِ سحرا

لا يلام الصبّ ُ يوماً ان اتى في العشق ِ وزرا

إنني ياليلُ صبّ ٌ قد حوى في القلبِ جمرا

******
إنني ياليلُ مرءٌ هَمّهُ نيل ِ الصروحْ

قد سَئِمتُ العيشَ سيراً بين أكناف السفوحْ

لا أرى ضيراً إذا ما صرت من حُزن ٍ انوحُ

إنني ياليلُ خطوٌ مَلَّ من فرطِ النزوحْ

******

إنني ياليلُ لبّ ٌ صار رمزاً للرجاحه

لن تثبطني الرزايا ليس تثنيني الوقاحة

ليس بيني حين امضي والوجاهات مساحه

إنني ياليلُ قلبٌ عَرفَ الكلّ ُ سماحه

******
إنني ياليلُ عمرٌ قامت الأحزان فوقه

كلما أبدي ابتساماً تأملُ الأيام خنقه

كيف يزهو الوردُ لما تبتغي الاقدامُ سَحْقه

إنني ياليلُ حقٌ قد اضاعَ الدهرُ حقه

******