قصة قصيرة: القرار الأخير.. بقلم: رشيد شرشاف

[rachid charchaf]

قصة قصيرة: القرار الأخير.. بقلم: رشيد شرشاف


المشهد الأول

كنا رجالا ثلاثة، لا نفترق إلا لماما . تجمعنا سلطتا الفقر و النثر، في كوخ يوجد على أحد أطراف البلدة.
لا يهم تحديد الجهة بالضبط،أهي الجهة الشرقية؟أم الغربية؟أم....؟!
المهم أننا كنا نسكن خارج البلدة:يعني كنا مهمشين فكرا وأحلاما وآمالا!
لم يكن لدينا الحق أن نطالب بأي حق،أو أن نقول ها نحن اسمعوا منا نبأ الجوع و التهميش ،
إننا عرفناهما و خبرناهما فأصبحنا علماأخبراأ،نزاول عملنا ليل نهار على الرغم منا ونستدر الألم جهارا.

كنا نجتمع أوقاتا عديدة،نستل الأقلام من جيوبنا الفارغة إلا منها ، ونبسط الأوراق البيضاء على الأرض،
ونتبارى أينا أقدر تعبيرا على تصوير شظف العيش و البؤس ،والبيوت القاتمة اللون،
واللحوم العارية المقشعرة من شدة البرد،الملتحفة بأنجم الليل ، المفترشة الأرض المتربة.
بصراحة كنا نفوز دائما ولا يكون فينا خاسر ،كيف لا ومصير أبطالنا مرآة لليلنا في كل آن؟

المشهد الثاني

لكن دوام الحال من المحال،و إذا شاء الله أن يرزق العباد، يرزقهم من حيث لا يعلمون.
تغيرت الأمور و أصبحنا رجالا ثلاثة لا نجتمع إلا لماما، تربطنا خيوط أوهى من خيوط العنكبوت.
أولنا استلم وظيفة مرموقة بإحدى الشركات الكبرى، و ثانينا هاجر عاملا إلى الخارج،
و ثالثنا تزوج من عجوز غنية ،تمتص منه رحيق الشباب ، و يستدر منها الأموال الطائلة.
نسينا في غمرة الأحداث ماضينا أو تناسيناه. لم نعد نذكر الأيام الباردة.
امتلأت الجيوب بالأموال، وصرنا رجالا ثلاثة، تلهينا الأيام كما تشاء.
عرفنا حلاوة العيش و خبرناها،فأصبحنا متوردي الخدود.
مستدفئين آناء الليل.منتعشين في الصباح..نسينا استلال القلم،و أصبحت عقولنا بيضاء كأوراقنا المهجورة .

المشهد الثالث

في أحد الأيام شاءت الأقدار و الصدف أن نلتقي.كلنا مرآة للآخر.عيوننا ميتة كزجاج أخرس.
قلت:المال يطفئ الحياة بالعيون
قالا بصوت واحد:نعم والقلب إن تشأ تعتريه شجون
قلت: ليس الأمر بيدنا كنا أناسا محرومين
قالا: كذلك نقول ولسنا بلائمين
قلت: يدي ترتعش لا أعرف لها سكونا
قالا: من البرد؟أم من رنين المال؟ أم من الحنين؟
قلت: لا أعرف..حقا لا أعرف
وٱفترقنا على أمل اللقاء.

المشهد الرابع

في ليلة مقمرة،ساقتني قدماي إلى الكوخ القديم.
توقفت عند الباب و الدموع تنهمر من عيني.كل شيء باق كما كان.
لون الجدران القاتم. الأرض المتربة. الرطوبة العفنة.دخلت.وجدت ثلاثتنا بالداخل.

[الحسن ناجين]

لست أدري كيف أنني لم أنتبه لهذه الخريدة..؟
وصفٌ دقيق للأحداث و سبك رائعٌ..
رشيد شرشاف
ممتازٌ و أكثر،
و لك محبتي الوارفة

[rachid charchaf]

السلام عليكم أ.الحسن ناجين و الله هذا من ذوقك الراقي .......
شكرا على مرورك الطيب بصفحتي
باقة ورد مكللة بندى الصباح

[جمال جرار]

من اجمل ما قرأت ،،ليتنا ما كبرنا وبقينا اطفال

ما اجمل رائحة الكوخ التي خبأت الطفوله بمسمات الطين واعادتها لنا حين عدنا


احييك اخي رشيد

[B-happy]

كنت واقعيا هنا في مشاهدك واسلوبك جميل

لا بد ان يقامر المرء في مرحله من مراحل حياته


ورغم ان خيطا كخيط العنكبوت كان يربطكم حين شق كل واح طريقه ،، لكن الماضي عاد يجمعكم وهو الكوخ الذي ما زال على حاله ولكن انتم من تغير ،، لا شك انكم ندمتم


تحية كبيرة لك

[rachid charchaf]

الأستاذ المحترم :B-happy
شكرا على قراءتك المتميزة للموضوع و تفاعلك الممتاز
يقول أحد الفلاسفة:لا تستطيع أن تستحم بماء النهر ذاته مرتين.
هكذا هي الحياة...غير ثابتة على حال
أشكرك مرة أخرى على تواجدك اللطيف بين كلماتي
أرجو أن تتقبل مني باقة ورد و فنجان قهوة

[rachid charchaf]

الأستاذ المحترم :جمال جرار
شكرا لك على مرورك العطر
لك مني باقة ورد مكللة بندى الصباح

[محمد عيسى موسى ابراهيم]

تدري انني خضت تجربة مشابهة !!

ما اروعك اخي الفاضل

تحية من العمق

[الغضنفر]

اشكرك على قلمك الذهبي الرائع
مشاهد مميزة والفكرة واضحة
يعطيك العافية

[روح.,]

جميلة اخي الفاضل

وكل جيل يكرر نفس المشاهد ......... وخاصة ابناء الحي الواحد تكون بينهم امور مشتركة وتتخيل من صداقتهم انهم لن يفترقوا طول العمر

رااااااائع