اللزوجة والغاز

أرب جمـال · 15 - 7 - 2013, 03:49 AM

اللزوجة والغاز

تعتمد لزوجة الصهارة (والحمم) على نسبة السليكا وهي أكثر المعادن شيوعًا على ظهر الأرض. فبينما تعمل الصهارة على صهر جدران الغرفة تصحب معها بعض السليكا مع المعادن الأخرى. سيؤدي الخليط المكون من 50 % سليكا و50% معادن أخرى إلى تكوين حمم أقل لزوجة مثل البازلت. إن أكثر الحمم لزوجة هي حمم الريوليت الشائعة في البراكين الطبقية وتحتوي على نسبة من السليكا تتراوح بين 70% إلى 75%. وتقع صخور أنديسايت وداسيت، الموجودة في براكين منطقة الطرح القاري، في مرتبة متوسطة بين هذين الاثنين.

إن بركان نجاوروهو الواقع في الجزيرة الشمالية أحد أكثر البراكين نشاطًا في نيوزيلندا. شهدت ثورة البركان في يناير عام 1974 سحابة بركانية متوهجة الموضحة في هذه الصورة.
تحتفظ الصهارة عالية اللزوجة بالغازات داخلها بسهولة أكبر من الحمم الأقل لزوجة. ويعزو هذا إلى أنه يصعب على الغازات أن تتمدد وتفلت من سائل سميك مُحمل بجزيئات السليكا المترابطة ارتباطًا وثيقًا. ولهذا تعد لزوجة الصهارة عاملاً مهمًا في تحديد قوة ثورة البركان.
تبدأ ثورة البركان عندما تمتلئ غرفة الصهارة تمامًا وتكون تحت ضغط هائل بحيث لم تعد الصخور التي تسد الفوهة قادرة على كبح الصخور المنصهرة. تقود الصهارة المشبعة بالغازات السباق نحو القمة عبر قصبة البركان وتنطلق سريعًا نحو فوهة البركان تعقبها الصهارة الأقل في المحتوى الغازي. وبينما يقل الضغط على الصهارة، تندفع فقاعات الغاز سريعًا.
إذا كانت الصهارة لزجة، ومن ثم مشبعة بالغازات، تنطلق الغازات فجأةً في انفجار هائل وبهذا تتفجر الحمم المتدفقة وتتحول إلى رماد وصخور. وقد يؤدي الانفجار أيضًا إلى تكون سحابة بركانية متوهجة تتكون من غازات شظايا شديدة السخونة تندفع نحو الجبل بسرعة هائلة. وتندفع الصهارة التابعة، التي تشتمل على نسبة غاز أقل، بقوة أقل. ولقد وقعت ثورة بركانية مشابهة على جبل بيليه في جزيرة مارتينيك الكاريبية عام 1902.

في 8 مايو عام 1902 أحدثت ثورة عنيفة لبركان جبل بيليه بمارتينيك سحابة بركانية متوهجة انطلقت سريعًا فوق مدينة سانت بير وأدت إلى وفاة ما يقرب من 30 ألف شخص. وتعرض الصورة التي التقطت بعد ثلاثة أسابيع من الكارثة أن البركان ما زال يُطلق سحبًا من الرماد.

تتشكل الحمم الكتلية الخشنة الحادة عندما تكون الصهارة ذات لزوجة أعلى.
إذا كانت الصهارة مكونة من البازلت ومن ثم تكون أقل لزوجة، فستنطلق الغازات تدريجيًا بشكل أكبر. نتيجة لذلك، تكون قوة ثورة البركان أقل وتظل الحمم سائلة. تقذف البراكين تحت الماء الحمم البازلتية عند الحيود. ويتم ضخ هذه الحمم مع الغازات ولكن ضغط الماء الهائل في أعماق المحيط يعمل على حصر الغاز في السائل.

بينما تتدفق الحمم من براكين هاواي وتصل إلى شاطئ البحر، فإنها تبرد سريعًا مُطلقة بخار الماء.

تتشكل تدفقات الحمم الجبلية المجدولة السميكة عندما تكون الصهارة ذات لزوجة أقل. ورغم أن الحمم الجبلية المجدولة أصلاً من جزيرة هاواي، فقد تم إطلاق هذا الاسم على كل أنواع التدفقات المشابهة مثل الأثر التاريخي لفوهات البراكين في ولاية أيداهو .
يحدد التوازن بين الغاز ودرجة اللزوجة ودرجة الحرارة والضغط وعوامل أخرى معدل النشاط البركاني. ففي بعض الأحيان ترتفع الصهارة ولكنها تبرد وتحتفظ بالغازات وتمنع ثورة البركان. وفي أحيان أخرى تنفجر غرفة الصهارة نفسها مدمرةً الجبل.

ثار فجأةً بركان جاليراس في كولومبيا عام 1993 وأخذ العلماء والسياح على الجبل بغتة وأذهلهم بالنتائج المأساوية.
كان عالم البراكين ستانلي ويليامز وفريقه يقومون بدراسة شيء ما حول بركان جاليراس في كولومبيا بأمريكا الجنوبية. وفي 14 من يناير عام 1993، أشارت بيانات قليلة حول الاهتزازات الأرضية إلى وجود نشاط حديث داخل البركان ولكن ما من شيء خطير على وجه التحديد. وفي الواقع لم يحدث انفجار عظيم في هذا اليوم. بل وعلى نحو غير متوقع، قال ويليام، "لفظ الجبل ما بداخله" بمجرد أن انتهى العلماء من جمع الغازات من داخل الفوهة ومن حولها.
لقد أدت نوبة الفواق هذه إلى دفع الصخور التي كان تسد الفوهة مطلقةً سيلاً من الصخور الضخمة، في حجم جهاز التليفزيون، وانطلقت هذه السيول حول هذا الموضع ولكنها كانت مميتة. مثل النمل الذي تهب عليه العواصف في تكساس، بدا ضعف العلماء واضحا ووقفوا عاجزين أمام هذا الانفجار الضئيل إلى حد ما. واستطاع ويليامز بالكاد أن ينجو من جروحه الحرجة لكن لقي ستة علماء وثلاثة سياح حتفهم.
لا يملك الإنسان أمام هذه القوى سوى وسيلة دفاع وحيدة: التنبؤ بالثورات البركانية.