غزيون يحنطون الحيوانات والطيور

[ابو فداء]

رفح / منقول عن وكالة صفا
دفع نفوق أعداد كبيرة من الحيوانات باهظة الثمن والطيور بمختلف أنواعها، والتي يتم تهريبها لغزة عبر الأنفاق، مالك إحدى حدائق الحيوانات جنوب قطاع غزة للتفكير بتحنيط تلك الحيوانات، بهدف جذب الزائرين لحديقته.

وحول فكرة تحنيط الحيوانات والطيور يقول محمد عويضة صاحب حديقة وغابة الجنوب لـ "صفا" "بعد نفوق أكثر من 20 نوع حيوانات ومئات الطيور داخل الحديقة، خصوصًا خلال الحرب على غزة عام 2008، كـ الأسد، والنمر، والقرد، والغزال، والنسناس، والنيص، ووعل الجبل، وطائر البشروش وغيره، والذي يتعدى ثمنها ألاف الدولارات، بدأنا نفكر بالأمر".

ويضيف "وجدت نفسي في ظل الموت المتزايد للحيوانات أمام خيارين، إما خسارة الحيوان وانقراضه من الحديقة، أو التفكير بطريقة ما تسد الفراغ وتعويض جزء من ثمنها، مما دفعنا لتحنيطها ووضعها هياكل داخل أقفاصها بالحديقة!".

ويتابع "سألنا العديد من المعارف والأقرباء عن مادة تُستخدم في التحنيط، حتى وصلنا لمادة تُسمى الفورمالين الكيميائية والتي تُستخدم في تحنيط جثث الحيوانات والطيور، وتم جلبها عبر الأنفاق، وثمن اللتر الواحد منها 10 شيقل".

الطريقة

ويوضح عويضة أن طريقة التحنيط تتم بوضع الحيوان أو الطير الميت بالثلاجة فور وفاته يومًا كاملاً، ثم إخراج أحشائه الداخلية بإحداث ثقب بالجلد الخارجي للجثة باليوم الثاني، ومن ثم إقفال الثقب بخيط، وسكب كمية من الفورمالين داخل فم الجثة عبر خرطوم مياه".

ويستطرد "بالإضافة لحقن المادة المذكورة بمختلف أنحاء الجسد، يوضع بعد ذلك داخل مكان بعيد عن الشمس والهواء لمدة شهرين حتى يجف ويتحلل اللحم ويُصبح هيكلا.. نقوم بعدها بإخراجه ووضعه داخل بيت زجاجي، أو قفص حديدي".

ويلفت عويضة إلى أن طريقة التحنيط سهلة ومُثمرة وبالإمكان تعميم الفكرة وتبينها من قبل الجهات المعنية، وعمل متاحف خاصة للحيوانات والطيور المُحنطة، وبالإمكان الاستعانة بخبراء.

قسم تحنيط

ولم يغب عن بال المواطن وليد العقاد الذي يُقيم متحفًا داخل منزله الواقع بمنطقة القرارة بمدينة خان يونس، أن يقوم بإنشاء قسم خاص للحيوانات والطيور المُحنطة، لكي تُضفي صبغة خاصة وفريدة تجذب انتباه الزائرين للمتحف.

ويشير العقاد إلى أنه قام مُنذ حوالي 20 عامًا بإنشاء متحف أثري داخل منزله، وتخصيص جانب منه لتحنيط الحيوانات والطيور، ومنها طائر الطاووس، والبجع، ورأس تمساح، وثعبان كوبرا، وسلحفاة..".

وللعقاد طريقة مختلفة في التحنيط، ويوضح لوكالة "صفا" أنها تتم من خلال مراحل، تبدأ بالقيام بتنظيف دقيق لأحشاء الطائر أو الحيوان الميت، ومن ثم رش مادة "الشيد" بداخله، وبعد حوالي ربع ساعة توضع توابل كـالفلفل الأسود والكمون..، ويليها وضع قطن أبيض مغموس بالتوابل، والذي يحول دون تعفن الجثة. وفق العقاد.

ويبين العقاد ضرورة وضع الكائن المُحنط بمنطقة جافة بعيدة عن أشعة الشمس والهواء مدة 15 يومًا، ومن ثم داخل بيت زجاجي مدى الحياة، لأنه يحتفظ بدرجة حرارة مُعينة، ويجنب الكائن تقلبات الطقس.

وينوه إلى أنه اكتسب خبرة التحنيط من خلال وفد مصري وفرنسي زاره قبل سنوات، بعدما نصحوه باستخدام المواد المذكورة للتحنيط، وكان يستخدم الملح ورماد الجمر الذي لا يحفظ الكائن المُحنط طويلاً.

نصائح

أستاذ العلوم البيئية المساعد بقسم الأحياء بالجامعة الإسلامية والمختص في بيئة الحياة البرية عبد الفتاح عبد ربه يعرِّف التحنيط، قائلاً: "هو حفظ العينات من الحيوانات أو الطيور بغرض منع تلفها وتعفنها، كما لو كانت بحالتها الطبيعية باستخدام مواد كيميائية مُعينة".

ويلفت عبد ربه لوكالة "صفا" إلى وجود نوعين من التحنيط، الأول: التحنيط بالتجفيف ويكون هذا لبعض الكائنات الحية الصغيرة، كالحشرات، وبعض الزواحف الصغيرة والطيور، والثاني: التحنيط الرطب أو السائل، للكائنات الحية الكبيرة والمتوسطة كـ الثعلب، ويستخدم به مادة الفورمالين أو مادة سيانيد الكيميائية السامة.

ويشير إلى وجود بعض المواد التي تستخدم في التحنيط، كمعجون الأسنان، والملح، موضحًا أن مادة الفورمالين هي المادة العلمية المعروفة للتحنيط، والتي بدورها تحفظ الجسم من التحليل والتعفن، ويتم وضعها داخل الجثة عبر حقن أو من خلال القطن الذي يوضع مكان الأحشاء للمحافظة على قوام الجثة، ومن ثم وضعها بمكان جاف.

وينوه إلى أنه الجامعة الإسلامية حنطت بعض الحيوانات بمادة الفورمالين وغيرها منذ ما يزيد عن 20 عامًا، مُهيبًا بالمحنطين أن يتوخوا الحيطة والحذر أثناء التحنيط لأن المادة المستخدمة سامة جدًا، كما نصح بأن يتم وضعها بعيدًا عن الأطفال حتى لا تؤذيهم المادة، وكي تحافظ على الجثة وشعرها الخارجي، لافتًا إلى أن فكرة إقامة متحف للحيوانات المُحنطة قابل للتحقيق وبسهولة.

الحصار يُعيق

من جانبه، يعدُّ رئيس قسم المتاحف بوزارة السياحة والآثار بغزة أسعد عاشور قيام البعض بتحنيط الحيوانات وبصورة علمية خطوة مميزة وفريدة من نوعها بالقطاع المحاصر، لكنها تحتاج لمكان خاص يحتضنها ويرعاها.

ويّبين عاشور لـ "صفا" أن غزة بحاجة لمتحف يحتضن الرخام والعملات القديمة وغيرها، وكان من المفترض أن يُقام متحف ضخم بمنطقة المحررات تم تجهيز خرائطه منذ عامين، لكنه بحاجة لحوالي2 مليون دولار أو أكثر، والحصار حال دون ذلك، مُشيرًا إلى إمكانية إضافة زاوية للكائنات المحنطة به، في حالة وجود كائنات بحرية أو برية مُحنطة بطريقة علمية.

ويلفت إلى أن وفدًا فرنسيًا كان يُنقب بمنطقة "تل السكن" جنوب غزة عام 2000، وعثر على رفاة حصان ميت مُتكامل، وقاموا بسكب مادة سائلة بحوزتهم كي لا يتحلل الهيكل العظمي المُتبقي منه، وحملوه على ثلاثة مراحل لفرنسا، وكان من المفترض أن يأتوا سنويًا للتنقيب، لكنهم لم يعودوا بسبب اندلاع الانتفاضة.

هذه الصورة مصغره ... اضغط هنا لعرضها بالمقاس الحقيقي ... المقاس الحقيقي 610x426 .






هذه الصورة مصغره ... اضغط هنا لعرضها بالمقاس الحقيقي ... المقاس الحقيقي 610x408 .