|
المكتبة العامة شاملة لمختلف اصناف الكتب |
البحث في المنتدى |
بحث بالكلمة الدلالية |
البحث المتقدم |
الذهاب إلى الصفحة... |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | ||
|
كاتب الموضوع :
أرب جمـال
المنتدى :
المكتبة العامة
![]() وقوله البراءة من رؤية الملكة ولم يقل من الملكة لأن الإنسان قد يكون فقيرا لا ملكة له في الظاهر وهو عري عن التحقق بنعت الفقر الممدوح أهله الذين لا يرون ملكة إلا لمالكها الحق ذي الملك والملكوت وقد يكون العبد قد فوض إليه من ذلك شيء وجعل كالخازن فيه كما كان سليمان بن داود أوتي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده وكذلك الخليل وشعيب والأغنياء من الأنبياء وكذلك أعنياء الصحابة فهؤلاء لم يكونوا بريئين من الملكة في الظاهر وهم بريئون من رؤية الملكة لنفوسهم فلا يرون لها ملكا حقيقيا بل يرون ما في أيديهم لله عارية ووديعة في أيديهم ابتلاهم به لينظر هل يتصرفون فيه تصرف العبد أو تصرف الملاك الذين يعطون لهواهم ويمنعون لهواهم فوجود المال في يد الفقير لا يقدح في فقره إنما يقدح في فقره رؤيته لملكته فمن عوفي من رؤية الملكة لم يتلوث باطنه بأوساخ المال وتعبه وتدبيره واختياره وكان كالخازن لسيده الذي ينفذ أوامره في ماله فهذا لو كان بيده من المال أمثال جبال الدنيا لم يضره ومن لم يعاف من ذلك ادعت نفسه الملكة وتعلقت به النفس تعلقها بالشيء المحبوب المعشوق فهو أكبر همه ومبلغ علمه إن أعطي رضي وإن منع سخط فهو عبد الدينار والدرهم يصبح مهموما ويمسي كذلك يبيت مضاجعا له تفرح نفسه إذا ازداد وتحزن وتأسف إذا فات منه شيء بل يكاد يتلف إذا توهمت نفسه الفقر وقد يؤثر الموت على الفقر والأول مستغن بمولاه المالك الحق الذي بيده خزائن السموات والأرض وإذا أصاب المال الذي في يده نائبة رأى أن المالك الحق هو الذي أصاب مال نفسه فما للعبد وما للجزع والهلع وإنما تصرف مالك المال في ملكه الذي هو وديعة في يد مملوكه فله الحكم في ماله إن شاء أبقاه وإن شاء ذهب به وأفناه فلا يتهم مولاه في تصرفه في ملكه ويرى تدبيره هو موجب الحكمة فليس لقلبه بالمال تعلق ولا له به اكتراث لصعوده عنه وارتفاع همته إلى المالك الحق فهو غني به وبحبه ومعرفته وقربه منه عن كل ما سواه وهو فقير إليه دون ما سواه فهذا هو البريء عن رؤية الملكة الموجبة للطغيان كما قال تعالى كلا إن الإنسان ليطغى أن رءاه استغنى ولم يقل إن استغنى بل جعل الطغيان ناشئا عن رؤيته غنى نفسه ولم يذكر هذه الرؤية في سورة الليل بل قال وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وهذا والله أعلم لأنه ذكر موجب طغيانه وهو رؤية غنى نفسه وذكر في سورة الليل موجب هلاكه وعدم تيسيره لليسرى وهو استغناؤه عن ربه بترك طاعته وعبوديته فإنه لو افتقر إليه لتقرب إليه بما أمره من طاعته فعل المملوك الذي لا غنى له عن مولاه طرفة عين ولا يجد بدا من امتثال أوامره ولذلك ذكر معه بخله وهو تركه أعطاء ما وجب عليه من الأقوال والأعمال وأداء المال وجمع إلى ذلك تكذيبه بالحسنى وهي التي وعد بها أهل الإحسان بقوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ومن فسرها بشهادة أن لا إله إلا الله فلأنها أصل الإحسان وبها تنال الحسنى ومن فسرها بالخلف في الإنفاق فقد هضم المعنى حقه وهو أكبر من ذلك وإن كان الخلف جزءا من أجزاء الحسنى والمقصود أن الاستغناء عن الله سبب هلاك العبد وتيسيره لك عسرى ورؤيته غنى نفسه سبب طغيانه وكلاهما مناف للفقر والعبودية |
||
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|