تدفق مئات الجزائريين على المستشفيات بسبب الزكام الموسمي

[ناجي أبوشعيب]

تدفق مئات الجزائريين على المستشفيات بسبب الزكام الموسمي
مصدره أوروبا وهو من أكثر الفيروسات حدة وخطورة
اللقاح يقلل نسبة 80 بالمائة من الوفيات

أكد البروفيسور سليم نافتي، رئيس الجمعية الجزائرية لأمراض الرئة والحساسية، لـ''الخبر''، أن الزكام الموسمي الذي تميز بحدّته هذه السنة، يتعلق بفيروس حاد قدم من آسيا نحو أوروبا وانتقل إلينا
عن طريق الجزائريين المترددين على الضفة الأخرى من المتوسط.
تسببت موجة الزكام الحاد التي ميّزت هذا الموسم، في تدفق كبير للجزائريين على المستشفيات والمصالح الطبية، مع تسجيل عدة حالات دخل أصحابها مصلحة الإنعاش لتعقّد حالتهم الصحية.
''الخبر'' وقفت على الحالة وهي تزور مصالح استعجالات مستشفيات الجزائر العاصمة، على غرار استعجالات مستشفى محمد لمين دباغين بباب الوادي ومستشفى مصطفى باشا الجامعي ومستشفى بئر طرارية للأطفال، حيث وقفنا على التدفق الكبير لمرضى الزكام.
وفي هذا الصدد، أكد الفريق الطبي المشرف على متابعة الحالات الاستعجالية بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، أن حدة حالة الزكام التي انتابتهم هذه السنة والتي تسببت للكثير منهم في اختناق خاصة في الفترة الليلية، كانت وراء الهلع الذي انتاب هؤلاء الأشخاص، ما جعل استعجالات المستشفيات وحتى العيادات الخاصة وجهتهم الرئيسية.
كبار السن والأطفال أكثر المصابين
وعن عدد الحالات التي يسجلونها يوميا، أكدت لنا الطبيبة ''م. د''، مختصة في الطب العام من مصلحة استعجالات مصطفى باشا الجامعي، أنهم يستقبلون يوميا ما بين 20 إلى 30 حالة زكام حاد، مضيفة أن من تزيد أعمارهم على 65 سنة والمصابين بمختلف الأمراض المزمنة خاصة السكري وارتفاع الضغط الشرياني، ناهيك عن الأطفال ما دون 5 سنوات، يمثلون أكثر من 80 بالمائة من المترددين على مصلحة الاستعجالات.
وقد صادف تواجدنا باستعجالات مستشفى مصطفى باشا الجامعي، قدوم أطفال كانوا يعانون من زكام حاد، تم تحويلهم لمصلحة جراحة الأطفال التابعة لذات المستشفى.
ونفس الوضع وقفنا عليه بمستشفى محمد لمين دباغين بباب الوادي، حيث لاحظنا قوافل بشرية تقصد مصلحة الاستعجالات. وأكد لنا مراقب طبي بذات المصلحة، أنهم يشهدون تلك الحالة منذ أكثر من 10 أيام، بسبب انتشار الزكام بين الناس بصفة مخيفة، حيث سجلوا حالات دخل أصحابها مصلحة الإنعاش بسبب حدة الزكام.
وبمستشفى بئر طرارية، وقفنا على معاناة صغار لا تتجاوز أعمارهم الـ5 سنوات، من حدة الزكام الذي تسبب في نقلهم إلى المستشفى قصد التخفيف من مضاعفاته، حسب ما أكده لنا بعض الآباء، ومن بينهم السيد بشير الذي كان رفقة زوجته وثلاثة من أبنائه لا يتعدى عمر كبيرهم الـ10 سنوات، أصيبوا كلهم بالزكام الذي لم تنفع معه هذه السنة الوصفات التقليدية التي دأبت عليها أمهاتنا، يقول محدثنا، ''بل وصل الأمر إلى الاستعانة بالمضادات الحيوية التي وصفها الطبيب لاثنين من أبنائي بسبب حدة السعال الذي أصابهم''، ليؤكد لنا الأطباء المناوبون باستعجالات بئر طرارية، من جهتهم، أن حدة زكام هذا العام كانت وراء سيل المرضى الذي تسجله يوميا ذات المصلحة.
وعن هذه الحدة، أكد البروفيسور سليم نافتي أن الأمر يتعلق، هذه السنة، بفيروس من مجموعة ''أ''، وهي مجموعة تتميز بحدة فيروساتها ولها صلة قرابة مع مجموعة الفيروس الحاد ''أش1، أن ''1، مشيرا إلى أن السبب وراء وصول هذا الفيروس إلى الجزائر، راجع إلى عدة عوامل، منها هجرة الطيور من قارة آسيا نحو الشرق الأوسط ثم أوروبا فشمال إفريقيا، إلى جانب تسبب الحجيج في نقل الفيروس، موضّحا بأن التقاء حجيج خمس قارات في العالم في مكان واحد، يؤدي إلى انتشار عدوى الزكام بينهم، لينقلها حجيج كل بلد على حدة إلى بلدانهم عند رجوعهم.

الفيروس مصدره أوروبا

أما السبب الثالث في انتشار عدوى الزكام بحدة هذه السنة، فيرجعه محدثنا إلى الجزائريين المتنقلين بين الجزائر ودول أوروبا التي تعتبر بؤرة عدوى الزكام هذه السنة، خاصة أن حركة الطيران ما بين الجزائر وأوروبا جد منتعشة، بتعداد ما بين 15 إلى 20 طائرة تتنقّل يوميا بين الجزائر وعديد دول أوروبا وعلى متنها جزائريون عائدون من تلك الدول وناقلون طبعا للفيروس.
وشدّد المتحدّث، في السياق ذاته، على أهمية اللقاح المضاد للزكام الموسمي الذي ''نحتاج إلى مليونين و500 ألف جرعة منه لتغطية احتياجات أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن ـ أكثر من 65 سنة ـ وكذا الأطفال والمرأة الحامل، حيث تعطى لهم مجانا، ناهيك عن جرعات أخرى توزع على الصيدليات لمن يريد الاستفادة منها''، يقول نافتي، مشيرا إلى أنه من شأن ذات اللقاح أن يقلل بنسبة 80 بالمائة من الوفيات التي يتسبب فيها الزكام، خاصة أن المنظمة العالمية للصحة أكدت تسجيل 250 إلى 500 ألف وفاة سنويا جراء الإصابة بالزكام الموسمي الحاد، وهو ما يجهله الجزائريون الذين يتخوفون ربما من اللقاح، لاعتقادات خاطئة سرت بينهم.
أما عن فكرة كثرة انتشار الزكام بسبب بقاء الفيروس في الهواء، نظرا للجفاف الذي ميّز الجزائر هذه السنة وعدم نزول الأمطار، أشار نافتي إلى أنها فرضية خاطئة وأنه لو كانت هناك أمطار وبرودة طقس لكانت حدة الفيروس أكثر، نظرا لتجمّع الناس ضمن أماكن مغلقة، تؤدي إلى انتشاره أكثر.