[الامير الشهابي]

الاخ الفاضل أجراس المطر
د.يوسف هادي بور
تحية للناقل والكاتب على حد سواء
لقد إطلعت بعناية وإهتمام على دراسة خمريات أبو نواس في المضمون
وتوقفت عند مفاصل كثيره .
لايختلف إثنان أن خمريات أبي نواس قد جعلته فريدا في عصره
والعصور التي جاءت من بعده .ليس لأنها أقوى أشعاره بل لأنها أقوى
ماكتبه شاعر في الخمر .
وقف أبو نواس حياته على التغني بها والثناء عليها وإن كانت العامل التي
جعلت منه مدمنا للخمر قد توارت وقد خلع عليها من الصفات ماجعلها فتنته
التي من أجلها يحيا ولشربها يعيش .
لقد تأثر أبو نواس بعد أن إلتقى (بوالبه بن الحباب الأسدي )
الشاعر الماجن العربيد .وهذا ماورد في مارواه (إبن خلكان ) في وفيات الأعيان
حيث رحل أبو نواس إلى الكوفه ودأب على حضور مجالس الشعراء مع والبه
والتي كانت تعقد يوميا للشراب والمنادمه .وتداول أحاديث الشعر للقدامى والمحدثين
وكانوا يتحدثون في كل مايشغل الأذهان وقد كانت مشاركة أبو نواس في تلك
المجالس أثر عميق في نفسه وحياته فقد تعود على الأرتجال وتمرن على النقد
ووقف على مختلف الأساليب التي كانت سائدة في عصره وأعتنق مبادىء لم يعتنقها
لولالم تكن له الفرصة بهذه المجالس الأدبيه الأشبه بالمدرسة ليصبح شاعر ملما
بقدر من المعرفه حيث إرتحل أيضا إلى الباديه ليسمع أخبارها وشعرها وقصصها
وساهم والبه بصقل أبونواس حتى إستطاع الوقوف على قدميه .
ومما هو جدير ذكره هنا أن نشير أن أبو نواس قد وقع في أسر جارية تدعى (جِنان)
وأحبها حبا عميقا وكتب فيها أرق أشعاره وكان صادق العاطفه وحرارة الشعر
لديه أن يبتكر من المعاني مالم يسبقه سابق إليها بل ولا لاحق وكان يمتاح من
المعاني معانيه من الواقع المحسوس .
أن خمرة أبو نواس التي يشربها خمرة حسيه لاريب في ذلك ولكنه من
فرط شغفه بها وتقديسه لها قد نقلها من الحسيه إلى المعنويه (فجعلها فكرة )
شائعة تحس بها الروح ولا تدرك لها كنها وجعل لها معنى دقيقا أشبه مايكون
برجم الظنون وشيئا لايحس إلا بالغريزه فأخذه شعوره لشعور المتصوفين
بالآلهه فلخمرته آلاء وأسماء وصفات تجل عن الشبه والمثل .
هكذا بلغ أبو نواس في حبه للخمر حدا لانسميه عشقا فحسب بل
عبادة وتقديسا لروح تبحث عن سعادتها في فرح الحياه وتبتعد بجهد طاقتها
عن الألم والمعاناه والروح المعذبه القلقه والحزن الدفين وهذا من أهم أسرار
خمريات أبو نواس .
إنني بعد هذا الاستعراض الموجز للبيئة التي صنعت أبو نواس
شاعر العصور وميزته بالخمر وخمرياته أتوقف عند ما اورده د يوسف
وكان تحليلا للمضمون يفتقر للموضوعيه والدقه في تناول مضمون شعر
أبو نواس وربط بعض المضامين الشعريه بالصوفيه ومنهجها وجعل من
خمرياته صوفية أقرب إلى التعبد فربط بين المضامين وبعض الآيات القرءآنيه
وهذا أغرب ما أراه في قرآءة لمضامين خمريات ابو نواس من قبل د يوسف
والخلاصه حقا أن أبونواس كان فيه مجون صارخ وعمد البعض
لعدم إثباته في ديوانه حتى أن بعض الكتاب الذين دونوا ديوان
أبو نواس في الخمريات قد إبتعدوا ان يدونوا بعض شعره الذي كان واضحا
فيه الضعف والتفكك ولا يشفع له أنه نظمه في حالة سكر .
وهنا لايفوتنا أن أبو نواس كان في طليعة من إبتدعوا فن الغزل
بالمذكر ويعيب على الاعراب أنهم لم يعرفوا هذا النوع من العشق ..لنصصح
الصوره سعادة الدكتور يوسف أن غزل أبو نواس بالمذكر لم يكن غير
تعبير عن إيمانه بالاباحيه في عصره ناهيك عن شعره في غزل الجواري
والتي كان يكتبها لتكون شركا يصطاد به الجواري وهذه بنظري كانت لغة شعريه
هابطة المستوى الفني إذا كانت الاشعار في النهايه تطرح قيمة للجواري في
رواج سوقهن وذيوع بضاعتهن .فكيف نربط بعض الآيات بصور أبو نواس الشعريه وحاله مادون عنه
في تفسير المضمون الشعري . وهذا بنظري خروج عن المعتاد في دراسة لمضمون شعر لأي شاعر .
أخطأت د يوسف بكل توضيح لبعض أشعار أبونواس التي غلفتها
بالطابع الروحي والفلسفة الأيمانيه لتسحب تفسيرها على آيات من القرآن الكريم
لاصلة لها مطلقا بالنصو ص التي أوردتها نموذج (58) لازمه العوده (وجوه يومئذ ناضره إلى ربها ناظره )
صدق الله العظيم وكأنك تأتي بالآيات المحكمات لتثبت براءة أبو نواس من خمره
وخمرياته وهذه محاولة لتأويل بعض من النص القرءآني في غير محلها ولاتخدم
الموضوع ولا المضمون بل تنم عن تصورات غريبه مبهمه .
وهنا لايوجد مجال للتوضيح عن التباين فيما أورده الدكتور يوسف من مغالطات
بل سنتركها لأجراس المطر الذي نقل الموضوع .
تقبل مودتي
إستقراء وتوضيح حول مضمون خمريات أبو نواس / الامير الشهابي
مراجع للفائده / ديوان أبونواس - دار الكتاب العربي بيروت