[خالد بن سعد]

برقا والبرقاويون


المنطقة الشرقية من الاراضى الليبية








تسمية “برقة”، مشتقة من برنيق (Berenice) أو (Berenike) والتي تعني في اللغة المقدونية القديمة “حامل النصر”، ومن أشهر مدن برقة التاريخية برنيق، قورينا، أبولونيا، بطولوميسوباركي ومن مدن برقة أيضا بلدة: بلغراي الإغريقية، مدينة: البيضاء، حاليا، ومدينة: درنه، وطبرقواجدابياوالكفرةوالجغبوب. يطلق عليها في اللغة الإنجليزية (Cyrenaica) وقد أشتق من قورينا (Cyrene) شحات حاليا، وهي مدينة دولة أسسها الإغريق في الجبل الأخضر شرق ليبيا على بعد 10كم شرق مدينة البيضاء حالياً


جهة برقه في التاريخ المعاصر: هي المنطقة الشرقية من ليبيا والممتدة من مدينة: سرت، غربا، وحتى غرب عاصمة الساحل المصري: الاسكندرية، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً، حتى داخل الصحراء جنوبا عند واحات أوجله والكفرة. تنازل عنها الحكم العثماني لإيطاليا عقب معاهدة أوشي، التي تلت غزو إيطاليا لسواحل ليبيا عام 1911، ثم وخلال أطوار الحرب العالمية الثانية، قام الجيش الانكليزي، وأثناء سيطرته علي مصر، بالهجوم علي هذا الجزء من الأراضي الليبية، وضمه لمصر فتحرك السنوسيين، وكلفوا كل قبيلة من قبائل برقة بدور في مواجهة الانكليز وقواتهم المعتدية، إلا أنه ومع تلك المقاومة تمكنت القوات الانكليزية من الوصول إلي غاية مدينة: طبرق، فأصبحت بالتالي المنطقة الممتدة من: طبرق، غربا وحتى غرب: الاسكندريه، شرقا تحت الاحتلال البريطاني، وظلت علي ذلك الحال إلي غاية أواسط القرن العشرين، حيث أصبحت إحدى ولايات ليبيا الثلاث المكونة للمملكة الليبية المتحدة بعد استقلال ليبيا في 24 ديسمبر1951م.





البرقاويون


الأعراق التي تسكن برقا:


في البداية نحبذ أن نعرج علي ما هو معروف لكل مطلع على مراجع التاريخ وكتب الأنساب الرزينة والباحثة عن الصدق والأمانة، دون مآرب أو ميولات سياسية أو اجتماعية، والتي تقر بأن اغلب سكان أهل برقا هم من أصول امازيغية ”بربرية”، العرق والنسب، ناهيك عن المعالم التراثية الحضارية، كـا: العادات والتقاليد والأعراف والفنون والثقافة الشعبية الشفوية والمأكل والملبس والأزياء والمواسم والطقوس والأذواق، والمترسخة لدي أهالي تلك الجهات إلي غاية يومنا هذا.





شكلت برقة بعد الدخول العربي محطة للجيوش المشرقية الغازية وللمسافرين في الطريق إلى المغربوالأندلس، وقد ذكر اليعقوبي في القرن العاشر استقرار بعض أبناء القبائل العربية حول مدينة برقة في الجبلين المطلين عليها من الشرق والغرب، ولكن هذا التواجد لم يكن ذا أهمية على الصعيد الاجتماعي والسياسي، إذ بقي النفوذ في برقة لقبيلة لواتة من الأمازيغ، حتى دخول قبائل بني سليموبني هلال بداية من عام 443 هـ/1051 م وقد استقر منهم ببرقة بنو هيب وأحلافهم ناصرة وعميره ورواحة وفزارة، بينما واصلت بقية بطون بني سليم وبني هلال وأحلافهم تقدمهم نحو بلاد المغرب وأقطارها. أما ابن خلدون فقد ذهب في وصفه لأحوال برقة بعد زحف ونهب وسلب ودمار قبائل بنو هلال وسليم، حين يقول “وأما برقة فدرست معالمها وخربت أمصارها وانقرض أمرها‏،‏ وعادت مرتعاً للعرب بعد أن كانت دارا للواتة وهوارة وغيرهم من البربر‏.‏ وكانت بها الأمصار المستبحرة مثل لبدةوزويلةوبرقه وقصر حسان وأمثالها فعادت يباباً ومفاوز كأن لم تكن.





تنقسم حالياً قبائل برقا إلى قسمين وهما: (المرابطين) - (اسعادى) .


- المرابطين: ومنهم قبائل: المنفه – المسامير- القطعان – الفواخر – الموالك – العقائل – الحبون – الشهيبات – الشواعر – العوامه – الحوته – سعيط – التراكي – الصوانع – الحسانة – العلاونة – السراحنة – المشيطات – القبائل – الزوية – أولاد الشيخ.و لا يشك احد في امازيغية وبربرية عرقهم وأصولهم التاريخية، ويدعم هذا أيضا الراحل: التليسى، وهنريكو دى اغسطينى ( مؤلف كتاب سكان ليبيا )، وكذلك النسابة: البغدادى، بغض النظر إلي وجود عشرات الروايات وقصص الأنساب المختلقة إما جهلاً وتجاوزا، وإما طمعاً في جاه وحضوه اجتماعية أو سلطة ونفوذ. فمنهم من يدع نسبه من ولى من المغرب وهو في الغالب ادعاء يفتقر للحجج والأسانيد، فمثلا قبيلة العوامى، فيها من يدعى بأن أصولها تمتد لولى من المغرب وهذا غير دقيق، فبرجوعنا إلى جد العوامى الأكبر لوجدناه المسمى: الناسك النصراني ؟؟ فكيف يتفق أن الولى المغربى المفترض كجد أول لهذه القبيلة: نصرانى، أو لقبه نصراني ؟ فالحقيقة الدامغة أنهم ليبيون أصليون إختلطوا وبدرجات متفاوته مع الغزاة أو النازحين أو التجار والعابرين، ولكن أصولهم الحقيقة ليبية بربرية ضاربه في الجذور، اعتنقوا الإسلام في القرون الأخيرة، وتعرب لسانهم، ولقلة وعيهم والمستمر إلي يومنا هذا ، تراهم يتهافتون علي الانتساب إلي الأولياء وأنساب العرب ضناً منهم بأن ذلك يزيد من حظوتهم ومكانتهم الاجتماعية، فلوا صدقنا كل ما يروج عن انتساب كل القبائل وأهالي ليبيا للدوحة الشريفة أو الأولياء أو لأنساب بنو يعرب، فإننا حتماً لن نجد رداً عن السؤال المنطقي حينئذ: أين اندثر سكان البلاد الحقيقيين، خصوصاً وأن التاريخ لم يذكر بأنهم تعرضوا لإبادة عرقية شاملة كما حدث للهنود الحمر في أمريكا مثلاً.


- السعادى: وينقسمون وبحسب الشجرة الافتراضية إلى ثلاث فروع هي:أ- الجبارنة: ويتفرعون إلى عدة قبائل هم:
1. . قبيلة الجوازي،2. . قبيلة العواقير،3. . قبيلة المغاربة،4. . قبيلة العريبات، ويطلق على كل من العواقير والمغاربة والعريبات إسم العلايا،.5. قبيلة البرشة،6. . قبيلة المجابرة.ب- البراغيت: وهم ثلاثة فروعهي:
1. . الفوائد والرماح، .2.قبيلة العرفا،3 . قبيلة العبيد.ج- الحرابىوأولاد علي، وهم:
قبائل أولاد عليقبائل الحرابى، وهم خمسة قبائل هي:
أولاد أحمد – الحاسة – العبيدات – عائلة فائد -الدرساء


والمعلوم ان معظم قبائل السعادى قد جمعت مع مرور الزمن أناس وجماعات بشرية ليست من نسل سعادى، والذي تقول الأساطير المختلقة أنه نسبةً إلي سعدي أو الأم: سعده العروبي، وخير دليل علي هذا أن ما يسمي اليوم بقبيلة العواقير، في الأصل ليست بقبيلة ذات أصل عائلي واحد، وإنما عبارة عن تجمع بشرى ضم وشمل فئات مختلفة تناغمت وتعايشت فيما بينها، وإتخدت من العواقير اسم جامع لها، وكذلك البراعصة، فالبراعصة يعتبروا (سعايده) ولكنهم يجزمون اليوم بأنهم من الأشراف اى من نسل النبي: محمد، مع قول أخر يقال بأن البراعصة أصولهم من المغرب، وهذا يبطل ان السعادى هم من نسل سعدى أو الأم: سعده السليميه المفترض.


وعلي سبيل الطرافه نعرج علي أسطورة بني سعده: (( ينسب أبناء السعادي أنفسهم إلي أمهم: سعده، من قبيلة بني سليم العربية، وحين نستفسر عن نسب الأب، أي زوج سعده المفترضه، والذي من المنطقي أن يتم الانتساب إليه بحسب أعراف الأعراب، خلاف لأعراف الأمازيغ ما قبل الإسلام، واليهود اليوم ممن يورثون النسب عن طريق الام ؟ تقول الأسطورة بانه رجل يدعى: يانى، وهو اغريقى الأصل تزوجها، بعد أن يفترض أنه إعتنق الإسلام ؟ وأنجب منها كل أبنائها، بالتالي وطبقا لذات القصة، فقبائل: السعادى، إغريق، كريتليين، يونانيين، وليسوا بعرب؟


يظل الواقع خير دليل علي هويتنا وأصولنا، فبخلاف اللهجة الليبية الدارجة، فلا شئ يجمع اليوم كل سكان ليبيا من مشرقها إلي مغربها بالمجتمع العربي القح والمتواجد في شبه جزيرة العرب، لا أنساب ولا دماء ولا ثقافة ولا عادات ولا تقاليد ولا أذواق، بل وحتي أصول العائلة السنوسية الموثقة والموثوق فيها، ينحصر في شرق الجزائر، تلمسان علي وجه التحديد، أي وسط الحضور الأمازيغي العريق، وما انتسابهم المفترض إلي الدوحة النبوية إلا من باب التسييس في سبيل شرعنه السلطة والملكية والحكم.




والسؤال المنطقي دائماً يطرح نفسه: إذا كانت بضعة ألاف من قبائل بني هلال وبني سليم التي غزت ودمرت كل شمال أفريقيا، بعد أن تشتت في كل أرجائه، يتنسب إليها ملايين السكان اليوم، فأين هم أصحاب البلاد الأصليين ؟ ماذا حل بهم ؟ وهل توقفوا عن الإنجاب وصاموا عن التناسل، موكلين مهمة التكاثر والتوالد فقط لبني هلال وسليم ؟ الجواب قد نجده عند أصحاب الوعي مع قلتهم، فللحرابى مثلاً اليوم شيوخ وأكابر في السن تجزم بأصولهم البربرية الامازيغية، وهم سكان الجبل الأخضر، وكذلك بعض المطلعين والمثقفين من سكان الواحات والمدن الصحراوية المتاخمة.


منقول