![]() |
وعد بلفور ومدرسة الاستشراق "الإسرائيلي" (1) 03 - 11 - 2009 د. عمر محاميد في الثاني
وعد بلفور ومدرسة الاستشراق "الإسرائيلي" (1)
03 - 11 - 2009 د. عمر محاميد http://www.falestiny.com/image/200px/omarmahamid.jpg في الثاني من نوفمبر كتب بلفور وزير خارجية إنكلترا رسالته التي عرفت بوعد بلفور إلى بائع وتاجر الخمور أدموند روتشيلد الصهيوني اليهودي الذي حلم بإقامة دولة لليهود وتهجير الطوائف غير اليهودية من فلسطين أي تهجير الشعب الفلسطيني من وطنه. إن أخطر ما جاء في هذا الوعد هو قول بلفور للورد روتشيبلد إن صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي "للشعب اليهودي" بينما تعامل مع أبناء الشعب الفلسطيني في وطنه كمجرد طوائف حين كتب "على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين"! لقد صدر هذا الوعد بناء على رشوة قدمتها الحركة الصهيونية للساسة البريطانيين الذين كانوا في أوج نشاطهم الاستعماري الوحشي وحربهم المعلنة ضد خيرات وثروات الشعوب العربية والآسيوية حيث كانت آسيا تنقل للندن الذهب والماس والحجارة الكريمة والتوابل وكل أشكال العبودية. أما الشرق العربي فقد تم اكتشاف الذهب الأسود فيه كما كان هناك حاجة ماسة لتأمين طرق المواصلات للإمبراطورية شاسعة الأطراف بحيث تصل سفن صاحب الجلالة إلى شمال أفريقيا ومنطقة الشرق العربي دون أدنى مضايقة لذا فلم يكن من طريقة إلا إصدار هذا الوعد بهدف تقسيم المغرب والمشرق العربي ودفع اليهود للهجرة إلى فلسطين مرتكزاً إلى الأساطير الدينية ورغبة كبار المتمولين اليهود والمستثمرين أصحاب البنوك والرأسمال الاستعماري المتحالف مع الغرب القادم لاستعمار واستغلال ثروات الشرق ليدب في خزينة البنوك الفرنسية والإنكليزية في تحالف دنس مع الحركة الصهيونية التي ادعت أن هذا الوعد لإقامة وطن قومي فوق "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". لقد تعامل آباء الحركة الصهيونية منذ نشأتها في أوروبا وروسيا وتعاظم نشاطها "الاستيطاني" منذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وحلول الانتداب البريطاني والفرنسي على بلدان المشرق العربي. وبعد تأسيس "الدولة اليهودية" وإعلان بن غوريون عن تأسيس هذه الدولة قام بجمع الجغرافيين اليهود والمؤرخين وأصدر أوامره برسم خارطة جديدة لفلسطين تشطب منها جميع الأماكن الجغرافية التي تشير إلى وجود هذا البلد فلسطين، وإعادة جميع التسميات الجغرافية التوراتية. إن إسرائيل التوراتية التي تم وضعها بشكل أوامر عسكرية من قائد قوات الهاجناه ومؤسس "الدولة العبرية" قد جعلت من هذه الأوامر العسكرية قاعدة علمية تاريخية أدبية تسيطر بشكل عسكري وبقوانين عسكرية على مجمل التوجه الأكاديمي الاستشراقي "الإسرائيلي". فمن وحي وعد بلفور تعاملت الصهيونية مع أبناء الشعب الفلسطيني كطوائف مسيحية درزية بدوية حضرية سنية شيعية بهائية وما إلى ذلك من تقسيمات ترسخ المفهوم الاستعماري لفلسطين. متجاهلة أن الشعب الفلسطيني ينتمي إلى الأمة العربية وللشعوب الإسلامية وروابطه لا يمكن أن تنفصل عن جذوره العربية التي تؤكد وترسخ مفهوم القومية العربية ومفهوم الشعب الواحد والأمة الواحدة. لقد كان ولا زال هدف بلفور من صدور وعده تطبيق سياسة "فرق تسد" وزرع طائفة غير عربية وتحويل أبناء هذا الطائفة الدينية إلى شعب يهودي ودولة يهودية كان منذ الأساس لزرع بذور التفسخ والفساد وتقسيم العالم العربي والإسلامي إلى أجزاء يسهل السيطرة عليه مستقبلاً. لقد تلقف أعضاء المجمعات الاستشراقية والدراسات الشرقية هذا الوعد وأصبح مصدراً لتشريع فكرة الطوائف غير اليهودية أي الشعب الفلسطيني والتعامل مع هذا المصطلح كأساس للبحث التاريخي والأدبي والفكري والاجتماعي ففلسطين في كتب ساسون سوميخ رئيس كرسي الأدب العربي في جامعة "تل أبيب" في مذكراته "البغدادية" هي "البلاد". وجاء ساسون ومعه المهاجرون العراقيون من دجلة والفرات للمشاركة في معاركها (انظر بغداد بالأمس) ضد أبناء الطوائف غير اليهودية الذين عارضوا هذا الاستيطان الكولونيالي. وساسون سوميخ هو أحد أبرز المستشرقين "الإسرائيليين" الذين حاولوا اختراق العالم العربي أثناء عمله مستشاراً في سفارة (إسرائيل) في القاهرة واستعمال تلاميذه العرب للتطبيع مع الأدباء العرب وتحويل مجمع اللغة العربية الذي تأسس مؤخراً في (إسرائيل) وهو عضو فيه لتشريع المصطلح الصهيوني في الأدبيات العربية. إن مناحم ميلسون المستشرق من الجامعة العبرية في القدس وهو من أبرز رجال الأمن "الإسرائيليين" الذين شغلوا مناصب أمنية عديدة أثناء وجود شمعون بيريز وزيراً للدفاع وأثناء وجود أرئيل شارون وزيراً للدفاع الذي عينه الحاكم العسكري في الضفة الغربية المحتلة. من أبرز من يعمل على تشويه وتزييف التاريخ الأدبي للفلسطينيين والأمة العربية حيث يتناول في دراساته الاستشراقية التاريخ الجاهلي والمعاصر العربي وتقوم أجهزة المخابرات بترجمة مقالاته للغات الأجنبية. إن وعد بلفور الذي تعامل مع العرب الفلسطينيين كطوائف دينية يجد صداه في الأبحاث الاجتماعية والإنسانية في الأكاديمية "الإسرائيلية". فأستاذ البحث العلمي في جامعة حيفا بروفيسور ماجد الحاج يلجأ إلى إحصائيات المركز الصهيونية الذي يتعامل مع أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل كطوائف وملل ونحل. فهو يتناول في دراساته العديدة أوضاع التعليم العربي في "الدولة العبرية" بالاعتماد على نصوص وفكرة بلفور "الطوائف المقيمة غير اليهودية"، وعودة إلى الإحصاءات سنجد أن معظم لباحثين اليهود والعرب في الأكاديمية "الإسرائيلية" يعتمدون هذا المصطلح ويمكن التأكد من ذلك بالعودة إلى دراسة د . خالد أبو عصبة "تغريب العالم العربي وتهويده". وأوضحت الدكتورة سمية كمال محمد حسن، أن المدرسة الاستشراقية نشأت مع بداية القرن الماضي كنوع من إرهاصات قيام ما يسمى بدولة الكيان الصهيوني في فلسطين، لافتة إلى أن الساسة "الإسرائيليين" اهتموا كثيراً بتلك المدرسة واعتمدوا عليها في تكوين كوادر فكرية قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة من الوجود الصهيوني في فلسطين كما أن تلك المدرسة اهتمت باختلاق المبررات للممارسات الوحشية "الإسرائيلية" ولتحسين صورة اليهود أمام الرأي العام العالمي بنشر الشبهات حول العرب والمسلمين. وأضافت أن العديد من المستشرقين "الإسرائيليين" على علاقة وثيقة بالمخابرات "الإسرائيلية"، حيث تقوم المخابرات بطبع أعمال ودراسات المستشرقين وترجمتها ونشرها محلياً وعالمياً، كما يقوم هؤلاء المستشرقون بتدريس مؤلفاتهم عن الإسلام والعرب بصفة خاصة والعالم الإسلامي بصفة عامة لوحدات الجيش "الإسرائيلي". ووصفت تلك المدرسة بأخطر الأسلحة المشهرة في وجه العرب حيث ارتكزت جهودها على مقاومة الفكر الإسلامي في فلسطين أولاً ثم في بقية العالم العربي باعتباره فكر الأغلبية مع محاولة استقطاب الفكر المسيحي وتهويده ومحاولة كسب ولائه من خلال تضخيم بعض الممارسات السلبية التي قد تصدر من البعض تجاههم بغرض زرع بذور الفرقة والاختلاف بين الطوائف المختلفة في الوطن العربي وذلك عن طريق الدراسات المشوهة للحضارة العربية وللإسلام والمسلمين بالإضافة إلى محاولات غزو الفكر الإسلامي ذاته وإدخال مذاهب غربية معاصرة إلى العالم العربي والإسلامي. وأشارت إلى أن الاستشراق "الإسرائيلي" لم يتورع عن استخدام أي فرصة تتسنى له يمكنه من خلالها تحقيق مكسب من المكاسب لدولة الكيان الصهيوني، بل إنه عمد إلى توظيف الأحداث التاريخية والأفكار العقائدية التي يدين بها الآخر وتطويعها لخدمة القضايا المتشابكة بينهما، مؤكدة أن المستشرقين "الإسرائيليين" يساهمون في استكمال المشروع الصهيوني وأن المؤسسات الحاكمة في الكيان تلجأ إلى تكليف بعضهم بتأدية مهام مباشرة في مجال التعامل مع القضايا العربية والفلسطينية، حيث اختير بعضهم لشغل مناصب استشارية هامة، مشيرة إلى أن "يهو شفاط هركابي" و"شلومو أفنيري" شغلا منصب المدير العام لوزارة الخارجية و"مناحم ميلسون" رئيساً للإدارة المدنية في الضفة الغربية و"يوسف جينات" مستشاراً لوزير الزراعة، و"شيمون شامير" الذي تولى رئاسة المركز الأكاديمي "الإسرائيلي" في القاهرة ثم سفيراً للكيان الصهيوني في القاهرة، وأوضحت أن هؤلاء المستشرقين قدموا استشارات علمية للأجهزة الحاكمة في كافة القضايا وخاصة أثناء الأزمات والتطورات السريعة للأحداث، بالإضافة إلى التعاون الكامل بين مؤسسات الأبحاث الاستشراقية وبين أجهزة الجيش، حيث ساهموا في خدمة وتثقيف الوسط العسكري حسب رؤيتهم، من بينها المركز الأكاديمي "الإسرائيلي" بالقاهرة، ومركز "يافيه" للدراسات الإستراتيجية، ومعهد أبحاث الجولان والمؤسسة "الإسرائيلية" للتاريخ العسكري، ومعهد "ترومان" ومعهد "مارتين بوير". وقد اهتم المستشرق "الإسرائيلي" بمحاولات تغريب المجتمع العربي وتهويده. |
وعد بلفور ونظرية الطوائف
05 - 11 - 2009 د. عمر محاميد http://www.falestiny.com/image/200px/omarmahamid.jpg إن وعد بلفور الذي تعامل مع العرب الفلسطينيين كطوائف دينية يجد صداه في الأبحاث الاجتماعية والإنسانية في الأكاديمية "الإسرائيلية". فعميد البحث العلمي في جامعة حيفا وهو عربي بروفيسور ماجد الحاج يحلل وينظر برؤية فلسفية بلفورية لقبول وتسويق وترويج أبحاثه في مراكز القرار "الإسرائيلي"، التي تتعامل مع هذه الأبحاث في خدمة الأهداف الإستراتيجية للمؤسسة الحاكمة في (إسرائيل) وعبر البحار في أمريكا وأوروبا، التي تمول (إسرائيل) من الإبرة حتى أبحاث بروفيسور ماجد الحاج وزملائه في العمل من أبناء الطائفة الصهيونية اليهود، وعلى مختلف انتماءاتهم وأصولهم الشرقية والغربية والروسية، ومعظم أبحاثه تتناول العرب كطوائف دينية وعرقية، فمرجعية الأكاديمية "الإسرائيلية" الصهيونية تحتم على هؤلاء الالتزام بقواعد اللعبة الأكاديمية التي باتت محاصرة ومعزولة عن الأكاديمية العالمية بسبب مقاطعة الكثير من جامعات العالم بل حتى جامعات وطن بلفور إنكلترا لهذه الجامعات بسبب تفشي العنصرية في أبحاثها وتبريرها للأعمال الإجرامية التي تقوم بها المؤسسة "الإسرائيلية" ضد الفلسطينيين.وبمراجعة بسيطة سنرى أن الحاج ماجد بروفيسور جامعة حيفا يلجأ إلى إحصائيات المراكز الصهيونية التي تتعامل مع أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل وهم موضوع أبحاثه كطوائف وملل ونحل. فهو يتناول في دراساته العديدة أوضاع التعليم العربي في "الدولة العبرية" باعتماد نصوص وفكرة بلفور أن "الطوائف المقيمة غير اليهودية"، وعودة إلى الإحصاءات نجد أن معظم الباحثين اليهود والعرب في الأكاديمية "الإسرائيلية" يعتمدون هذا المصطلح ويمكن التأكد من ذلك بالعودة إلى دراسة د. خالد أبو عصبة خريج جامعة "بار إيلان" التي نعتها خريجها للدراسات الإسلامية بروفيسور لطفي منصور "بالعنصرية" فقد ورد صفحات 115- 116- 125 من كتابه (التربية العربية في "إسرائيل")، مشاكل أقلية قومية "لوائح إحصائية تتناول العرب في البلاد كطوائف درزية بدوية مسلمين ومسيحيين"، والكتاب منشور بالعبرية لصالح معهد فلورسهايمر لدراسة السياسات. وجاء في مقدمة الكتاب الصادر عام 2007 حول هذا المعهد: "إن ستيفن ها فلورسهايمر أسس هذا المركز ليبحث بشؤون القضايا ذات البعد الإستراتيجي وهدف المركز الأساسي هو البحث في مسائل أساسية تهم واضعي القرارات في الدولة وتحليل الوقائع والأحداث ذات البعد الطويل المدى لاقتراح بدائل وأطروحات إستراتيجية". http://www.falestiny.com/image/300px/1257424591.jpg إن قائمة المشرفين على هذا المركز يدل على تدخل المؤسسة "الإسرائيلية" في تمويل هذا المركز. فمن بين الشخصيات المبادرة لإقامة هذا المركز مدير مكتب وزارة الاقتصاد السابق دافيد بورديت وهيرش غودمان من مركز يافا للدراسات الإستراتيجية في جامعة "تل أبيب" وغيرهم من الجامعة العبرية شلومو حسون من قسم الجغرافية وبروفيسور عميرام غونين، وهؤلاء يرسمون السياسة "الإسرائيلية" الإستراتيجية مستعينين بتلاميذهم العرب من "أبناء الأقليات" الذين يجتهدون لتقديم "الأبحاث" والمعلومات وتصنيفها حسب رؤية بلفور القاعدة أو النظرية الطائفية العنصرية التي بنيت عليها ونشأت فكرة الدولة اليهودية في فلسطين. إن أخطر ما في هذه الدراسات العربية الممولة صهيونياً أنها تعمل في قطاعات ومجتمعات عربية تجهل لأية أهداف يتم جمع هذه المعلومات تحت غطاء أكاديمي. فسرعان ما يتحول خريج الجامعة "الإسرائيلية" من أبناء العرب إلى مخازن متحركة من المعلومات حول مجتمعاتهم يسوقونها ويبيعونها لكل من يرغب بتحطيم المجتمعات العربية وتقسيم العرب وترسيخ مقولة بلفور "الطوائف الغير يهودية" لتسهيل تفسيخ هذا الشعب الفلسطيني إلى فئات وأحزاب وطوائف نقطف نتائج وثمار هذا الانقسام الذي أصاب الحركة الوطنية الفلسطينية. فالمدرسة الأمريكية والإنكليزية الاستشراقية لا تختلف عن النظرة والرؤية "الإسرائيلية" بل هي أستاذة ومعلم هذه المدرسة وواضع أسسها وفكرتها. والكثير من خريجي هذه المدارس من العرب قد تتلمذوا وتبنوا هذه الأفكار والدراسات وأصبحت دستور حياتهم مع كل ما تحمل هذه الأفكار والرؤى من أخطار ومقولات مدمرة لتاريخنا العربي الإسلامي الناصع. فبلفور لم يأت من الفراغ؛ فقبله ادعى نابليون أنه جاء لتحرير مصر والعرب من الأتراك، (كما ادعى تحرير المسيحيين العرب من إخوتهم المسلمين العرب)، وجاءت إنكلترا في أواسط القرن التاسع عشر وناصرت الدروز ضد المسحيين الموارنة الذين تلقوا الدعم من فرنسا فيما عرف بالحرب بين الدروز والمسيحيين في جبل لبنان عام 1860. |
إن بلفور موظف الخارجية الإنكليزية لم يستطع فهم أن الديانة الإسلامية جاءت لتوحيد هذه الأقوام منذ آلاف السنين ونجح الإسلام بتوحيد أبناء الطوائف العربية في أمة وشعب واحد، تماماً كما جاءت المسيحية لتوحيد الشعوب الشرقية في كنعان ولتعبر الحضارة العربية الكنعانية إلى ثورة فكرية حضارية لم يستطع إلى الآن أن يستوعبها راسمو السياسية الغربية الذين يدينون بالمسيحية دون أن يستوعبوا أسرارها الفلسفية والعقائدية بل تبنوها تعصباً وحولوا هذه الديانة من عقيدة للتسامح إلى حرب على كل من يخالفهم الرأي وبدأت حروب طاحنة بين الطوائف المسحية الكثيرة في أدغال أوروبا ، هذه الحروب التي انتهت فيما يسمى ب"حضارة أوروبا " التي نشأت حديثا في غابات وغيوم انكلترا وفرنسا التي قطنتها شعوب متوحشة تصارعت فيما بينها عقوداً طويلة في حروب دامية كان آخرها الحرب العالمية الثانية، التي راح ضحيتها ملايين البشر لأسباب عديدة كان أحدها تبني فكرة مجنونة مفادها تطور وتفوق عنصر وعرق جرماني على أعراق وطوائف أخرى تسكن القارة الأوروبية التي استطاع سياسيوها تصدير هذه الأفكار الدموية إلى مناطق وشعوب أخرى، مستغلين الطائفة اليهودية وأبناء الدين اليهودي الذين تحت ذريعة وترويج تعرض هذه الطائفة لاضطهاد المجتمعات الأوروبية جاءت "لاستيطان" فلسطين روديسيا والأرجنتين ومناطق أخرى من العالم كانت ولا تزال هدفاً لأطماع استعمارية أوروبية.
إن الدراسات الاجتماعية والتربوية في المؤسسة الأكاديمية "الإسرائيلية" تنضح بنماذج كثيرة من الرؤية البلفورية للمجتمع العربي، أما في مجال التاريخ وتاريخ فلسطين فحدث بلا حرج عن تزييف هذه الأكاديمية بل شطب اسم فلسطين من القاموس العلمي والجغرافي "الإسرائيلي" الصهيوني الذي يمكن الحديث عنه مطولاً. فرؤية بلفور الطائفية لتاريخ الشعوب أو الطوائف - حسب بلفور- القاطنة فلسطين كان لا بد من تبريرها أكاديمياً وهذا ما تفعله الأكاديمية "الإسرائيلية"؛ حول هذا الموضوع كتبت الباحثة الدكتورة سمية كمال محمد حسن: (إن العديد من المستشرقين "الإسرائيليين" على علاقة وثيقة بالمخابرات "الإسرائيلية" حيث تقوم المخابرات بطبع أعمال ودراسات المستشرقين وترجمتها ونشرها محلياً وعالمياً، كما يقوم هؤلاء المستشرقون بتدريس مؤلفاتهم عن الإسلام والعرب بصفة خاصة والعالم الإسلامي بصفة عامة لوحدات الجيش "الإسرائيلي"). في الرابع من حزيران عام 2009 كان "الشاعر" الذي يشغل منصب العميد الأكاديمي للكلية العربية للتربية في حيفا ابن قرية المغار المطلة على بحيرة طبريا يلقي خطبته أمام الضيف "الكبير!" زيف بيني بيغن ابن مناحم بيغن "بطل" مجزرة دير ياسين عام 1948 وقصف المفاعل النووي في العراق عام 1982. كان الشاعر هذا نعيم عرايدي ابن المغار يلقي أمام الطلبة وأساتذة الكلية الذين تم حشرهم في قاعة الرياضة خطبته أمام الضيف "الكبير" مرحباً مشيداً شاكراً الضيف على قدومه، وفي الرابع من شهر حزيران عام 2009، لكنه لم يشر بكلمة واحدة إلى الأحداث التي شاهدتها قريته قبل سنوات حين تقاتل المسيحيون والدروز في قريته المختلطة وراح ضحية هذه المناوشات العديد من الجرحى وتخريب المحلات التجارية ورحيل بعض العائلات المسيحية عن القرية حينها كتبت الصحف عن "الحرب الطائفية" التي اشتعلت في قرية الشاعر عرايدي بروفيسور المؤسسة التعليمية "الإسرائيلية" دون أن تحرك قوى الأمن "الإسرائيلي" قواتها لصد هجومات الأطراف المتنازعة حقنا للدماء. كان الشاعر يقدم رئيس مجلس الأمناء لهذه الكلية المحامي زكي كمال الذي كتب في دورية نبيه القاسم ابن الطائفة الدرزية رئيس مركز التعددية الثقافية في الكلية العربية التي يرأسها د. سلمان عليان ابن الطائفة الدرزية وعضو هيئة تحرير الدورية الخضراء البيضاء (مدارات ص 221) من أجل كتابة هذه المقالة، تذكرت عندما كنت في حزيران عام 1967 في الجولان "كان هذا الجندي زكي كمال الذي جاء من قريته المختلطة أيضاً عسفيا مع قوات دافيد اليعازار قائد القوات "الإسرائيلية" التي غزت واحتلت الأراضي السورية ليلقي كلمته مرحباً بالضيف الكبير الذي وصل إلى حيفا رغم مشاغله الكبرى ليشارك في قاعة الرياضة في مؤتمر تدريس العلوم في الرابع من حزيران 2009. وما بين 1967 وعام 2009 العشرات من السنوات من احتلال (إسرائيل) لأرض الجولان التي شارك فيها المحامي زكي كمال. وحين تكلم زيف بيني بيغن تكلم كأنه "حمل وديع" وبصفته بروفيسوراً وعالماً ولا ينتمي إلى صقور السياسة، وليس ذئباً هاجم الجولان والضفة الغربية وكل فلسطين وسيناء عام67 ليفترس الدول العربية ويشعرها بالهزيمة والنكسة ويحطم كل منجزات حركة التحرر العربية وإذلال العرب والأمة الإسلامية بتآمر كل القوى الدولية وخيانة الضباط الذين وقفوا يتفرجون على القوات الغازية بحجة عدم وجود العتاد. ولم ينس بيغن الابن من تذكير الطلبة وأساتذة الكلية وحتى عمال النظافة الذين شاركوا هم أيضاً في أعمال "مؤتمر الكلية لتدريس العلوم" الذي افتتحه الجندي المسرح الشاعر نعيم عرايدي رئيس مركز أدب الأطفال ابن قرية المغار المسيحية الدرزية الإسلامية، لم ينس بيغن أن يذكرنا أننا أبناء طوائف مختلفة حين قال جئنا إلى "أريتس يسرائيل" ووجدنا مقاومة من "طوائف البلاد" وأثنى على أبناء الطائفة الدرزية التي هبت وتجندت وحاربت في صفوف جيوش (إسرائيل) داعياً أبناء وبنات بقية الطوائف التجنيد وحمل السلاح للدفاع عن "أرتسس يسرائيل" لنيل الحقوق مشدداً أن الطوائف غير اليهودية حين قامت دولة (إسرائيل) سكنوا هنا كغرباء ليس لهم أية حقوق تاريخية أو ثقافية أو ملكية. http://www.falestiny.com/image/300px/1257424509.jpg إن روح بلفور وتعاليمه الصهيونية يحفظها الأبناء والأحفاد من أبناء الطائفة اليهودية الذين لم يهاجروا ولم يغادروا البلاد كما غادرها أكثر من مليون يهودي نتيجة لازمات (إسرائيل) وحروبها التي لا تنتهي ولأن أحلامهم لم تتحقق في أرض "الحليب والعسل" التي وعدهم بها هرتسل وروتشيلد. لقد أدخل هؤلاء الأبناء الصهاينة واستمروا في طريق آبائهم يقسمون العرب في وطنهم كدروز ومسيحيين ومسلمين بدو وحضر إمعاناً في تفسيخهم والسيطرة عليهم وشرذمتهم، وإن حفلات الصلح في القرى المختلطة الدرزية المسيحية أصبحت موضة في القرى العربية بعد كل شجار قد يتطور إلى مذبحة طائفية. كل ذلك بتشجيع وتخطيط مسبق للإبقاء على هذه الأقلية تحت السيطرة. إن هجرة ومغادرة اليهود الذين خيبت آمالهم الصهيونية لم تجد صداها في مذكرات البروفيسور المستشرق اليهودي العراقي الأصل ساسون سوميخ، فالكثير من هؤلاء قد هربوا من جحيم حروب (إسرائيل) ومعاركها التي شارك حسب مذكرات سوميخ في معاركها بعد تجنده للخدمة العسكرية عام 1952 أي بعد هجرته إلى فلسطين مباشرة. كتب ساسون سوميخ رئيس كرسي الأدب العربي في جامعة "تل أبيب" في مذكراته "البغدادية": "ذقت طعم الحرية لأول مرة والاستقلال التام عندما وصلت البلاد"، "ص 156"، والبلاد هي فلسطين، وجاء ساسون ومعه المهاجرون العراقيون من دجلة والفرات للمشاركة في معاركها "انظر بغداد بالأمس" ضد أبناء الطوائف غير اليهودية الذين عارضوا هذا الاستيطان الكولونيالي. وكتب أيضاً: "في عام 1952 قبل أن أذهب للخدمة العسكرية" "ص 154" أي في الجيش الإسرائيلي، |
إن هجرة ومغادرة اليهود الذين خيبت آمالهم الصهيونية لم تجد صداها في مذكرات البروفيسور المستشرق اليهودي العراقي الأصل ساسون سوميخ، فالكثير من هؤلاء قد هربوا من جحيم حروب (إسرائيل) ومعاركها التي شارك حسب مذكرات سوميخ في معاركها بعد تجنده للخدمة العسكرية عام 1952 أي بعد هجرته إلى فلسطين مباشرة. كتب ساسون سوميخ رئيس كرسي الأدب العربي في جامعة "تل أبيب" في مذكراته "البغدادية": "ذقت طعم الحرية لأول مرة والاستقلال التام عندما وصلت البلاد"، "ص 156"، والبلاد هي فلسطين، وجاء ساسون ومعه المهاجرون العراقيون من دجلة والفرات للمشاركة في معاركها "انظر بغداد بالأمس" ضد أبناء الطوائف غير اليهودية الذين عارضوا هذا الاستيطان الكولونيالي. وكتب أيضاً: "في عام 1952 قبل أن أذهب للخدمة العسكرية" "ص 154" أي في الجيش الإسرائيلي،
ونحن لا نعلم في أية وحدة خدم ساسون وكم عملية نفذ ضد أبناء قريتي أو قرية أبناء باقة الغربية عندما كان على كل جندي يحارب في جيش (إسرائيل) وأن يشارك في معاركها كما يقول سوميخ: "أن ينفذ الأوامر كما نفذها شدمي في مجزرة كفر قاسم عام 1956"، ويؤكد سوميخ أن المهاجرين من العراق "معظمهم وصل إلى "البلاد" (فلسطين ع. م.) للمشاركة معها في معاركها "ص 11"! ومنذ تشريد أبناء الشعب الفلسطيني عام 1948 على أيدي جنود وقوات حرس وفرق العسكر "الإسرائيلية"، والمؤسسة "الإسرائيلية" تحاول اختراق العالم العربي كما حاول بروفيسور جامعة "تل أبيب" ساسون سوميخ أن يفعل. وساسون سوميخ هو أحد أبرز المستشرقين "الإسرائيليين" الذين حاول مع تلامذته العرب اختراق العالم العربي أثناء عمله مستشاراً في المركز الثقافي "الإسرائيلي" في القاهرة واستعمال تلاميذه العرب للتطبيع مع الأدباء العرب وتحويل مجمع اللغة العربية الذي تأسس مؤخراً في (إسرائيل) وهو عضو فيه لتشريع المصطلح الصهيوني في الأدبيات العربية؛ ففي كتاب رئيس مجمع اللغة العربية بروفيسور محمود غنايم وهو تلميذ بروفيسور ساسون سوميخ جاء في "المدار الصعب" ص 5: "مع قيام دولة "إسرائيل" تتغير الظروف الموضوعية للأقلية العربية التي بقيت في هذه الديار، بعد "هجرة" الغالبية العظمى إلى الضفة الغربية وغزة والدول المجاورة". إن البروفيسور ساسون سوميخ الذي يشرف على أعمال تلاميذه لن يسمح باستعمال كلمة "تهجير" الفلسطينيين العرب من ديارهم، فهؤلاء الطوائف المقيمة في فلسطين حسب بلفور لا ينتمون إلى شعب ما، وليست لهم أية حقوق في هذا الوطن وعليه فإنهم وحسب محمود غنايم لم يشردوا بل "بعد هجرة الغالبية العظمى" وليس بعد "تهجير وتشريد" على أثر مذابح ومجازر ارتكبت في القرى والمدن الفلسطينية ضد السكان العزل الفلسطينيين، كما يؤكد ذلك المؤرخ الذي ترك (إسرائيل) إلى لندن إيلان بابي ووثق أعمال التطهير العرقي ضد أبناء الشعب الفلسطيني عام 48في كتاب أثار غضب إدارة جامعة حيفا. أما الدراسات التاريخية الصهيونية التي تنفي مجرد وجود فلسطين فهي مكتوبة بروح وعد بلفور فبروفيسور يسرائيل غرشوني، والمؤرخ وبيني موريس، وتوم سيغف صاحب "أرض إسرائيل" في عهد الانتداب، وتسفي البيلغ الحاكم العسكري الذي ترجم له طالب جامعة "تل أبيب" وتلميذ يسرائيل غرشوني مصطفى كبها كتابه السيرة الذاتية للحاج أمين الحسيني الذي يتهم فيه الحاج أمين الحسيني بالتعاون مع النازية وكراهيته لليهود واتهامه بالإرهاب فهي بحاجة إلى وقفة ودراسة شاملة، لكن وفي أطروحة مصطفى كبها لنيل الدكتوراه من جامعة "تل أبيب" حول تاريخ الصحافة الفلسطينية "فإن الثورة الكبرى الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني عام 1936 تتحول في فصول الأطروحة إلى "عصيان" لكيلا يعارض ويرضى بها ويمررها أمام المجلس العلمي للجامعة بروفيسور غرشوني يسرائيل المشرف على هذه الأطروحة "التل أبيبية" التي تتحول أيضاً فلسطين فيها إلى "هارتس" أي "البلاد" كيلا يغضب رئيس المجلس العلمي في جامعة "تل أبيب" التي أقيمت على الأراضي العربية التي سلبت من الفلسطينيين عام 1948 بعد صدور وعد بلفور عام 1917. |
تفاصيل الوعود الغربية البلفورية 1799 - 1917 (1/ 4)
14 - 11 - 2009 أوس داوود يعقوب http://www.falestiny.com/image/200px/ausyakoub.jpg نحو مؤتمر دولي لبحث مسؤولية بريطانيا في ضياع البلادتفاصيل الوعود الغربية البلفورية منذ عام 1799 وحتى عام 1917 تاريخ صدور (وعد من لا يملك لمن لا يستحق) في الثاني من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري مرت الذكرى الـ92 ، على صدور (وعد بلفور) أهم الوثائق الصهيونية وقد أخذ الوعد الذي أعد بصيغته النهائية في 31 تشرين الأول/ أكتوبر عام (1917)، على شكل رسالة بعث بها اللورد آرثر جيمس بلفور في 2 كانون الثاني/ نوفمبر (1917) إلى اللورد إدموند دي روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية، ونشر في الصحف البريطانية صباح يوم (23 من المحرم 1336هـ / الموافق 8 من كانون الثاني/ نوفمبر من نفس العام)، وهو العدد نفسه الذي نُشرت فيه أنباء اندلاع الثورة البلشفية، وقامت طائرات الحلفاء بإلقاء آلاف النسخ من (وعد بلفور، وأنباء صدوره) على يهود روسيا القيصرية وبولندا وألمانيا والنمسا. ويعد صاحب الوثيقة اللورد آرثر جيمس بلفور، من (الصهاينة غير اليهود)، ومع أن الوعد صدر من بريطانيا، إلا أن صياغته وصدوره كان جهداً بريطانياً أمريكياً مشتركاً. أما الفائدة الكبرى من إصداره، فهي تأسيس دولة وظيفية في فلسطين تُوظَّف في إطارها المادة البشرية اليهودية في خدمة الاستعمار الغربي. وقد كان الدافع الحقيقي لهذا الوعد هو رغبة الإمبراطورية البريطانية في زرع دولة استيطانية في وسط العالم العربي في بقعة مهمة جغرافياً لحماية مصالحها الاستعمارية، وخصوصاً في قناة السويس ولحماية الطريق إلى الهند. وحينما صدر (وعد بلفور)، سماه الصهاينة (الميثاق أو البراءة). وقد كانوا، في ذلك، أكثر دقة من كثير من العرب ومؤرخي الصهيونية، فوعد بلفور كان الميثاق الذي يشبه البراءات التي أُعطيَت لبعض الشركات الغربية في أعقاب تقسيم أفريقيا في مؤتمر برلين. وقد أصدرت بريطانيا البراءة بعد التفاوض مع الحلفاء، ووافقت عليه مسبقاً كلٌّ من فرنسا وإيطاليا، ثم أيَّدته الولايات المتحدة الأمريكية، وعليه يعد هذا الوعد وعداً غربياً، وليس وعداً إنجليزياً، كما هو شائع، وقد سعت الدول الاستعمارية العظمى منذ تأسيس الكيان اليهودي الصهيوني، أن يتم توظيفه في خدمة المصالح الإمبريالية الغربية كافة. ومما يثير الاستغراب أن السواد الأعظم من الساسة والبحاثة والكتاب، لا يتعاطون مع هذا الوعد الاستعماري، إلا من باب الندب والتباكي والتظلم، والأجدر بنا جميعاً (فلسطينيين وعرباً) أن نعد العدة لمحاكمة هذا الوعد الكارثي، من حيث صياغة وتوقيت صدوره ونواياه ومراميه، وباعتبار ما شكله لاحقاً من خلق (أرضية أخلاقية- دولية) لإقامة الكيان العنصري اليهودي الصهيوني. وذلك من خلال الإعداد لمؤتمر دولي خاص بوعد بلفور، وتسليط الأضواء على ما أفرزه من آثار مدمرة على أرضنا وشعبنا في فلسطين، وفي المنطقة العربية بشكل عام. واعتبار بريطانيا مسؤولة، مسؤولية قانونية وأخلاقية عن ضياع البلاد وتشريد العباد، وتحميلها مسؤولية تجريد الشعب الفلسطيني من السلاح قبل النكبة عام (1948)، وتحميلها كذلك جزءاً من المسؤولية القانونية عن الجرائم الصهيونية التي ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني منذ بداية عشرينات القرن الماضي وحتى عام (1948). باعتبارها الجهة القائمة بالانتداب، وبالتالي فهي تتحمل مسؤولية كل ما جرى طيلة فترة الانتداب وحتى عام النكبة، وعليه وجب دعوة الحكومة البريطانية للاعتراف بمسؤوليتها عما حدث للشعب الفلسطيني، والتأكيد بعد تقديم اعتذار تاريخي للشعب الفلسطيني أن تعمل على تعويضه بالطرق التي يراها الفلسطينيون. فخلال 28 عاماً من الحكم البريطاني، سنت سلطة الانتداب سلسلة من القوانين، واتخذت العديد من الإجراءات التي سهلت إنشاء الكيان اليهودي الصهيوني. وهنا وجب التأكيد أن كثيراً من السياسيين والمؤرخين يدفعون ببطلان هذا الوعد، وبالتالي بطلان كل ما ترتب عليه من مغالطات وأكاذيب، لأن فلسطين لم تكن، عند صدور الوعد جزءاً من الممتلكات البريطانية. كما أن المؤامرة الدولية على فلسطين، كانت تحاك من قبل الدول الاستعمارية العظمى قبل توقيع اتفاقية سايكس - بيكو عام (1916)، ذلك أن صك الانتداب على غير فلسطين نص على تمكين الشعوب ذات العلاقة من الوصول إلى مرحلة الاستقلال الوطني، إلا أن صك الانتداب على فلسطين تضمن (في المادة الثالثة منه) على تهيئة الأوضاع في فلسطين لإقامة كيان يهودي فيه. وقد تجاهل صك الانتداب واقع فلسطين التاريخي والقومي، ووجود الأكثرية العربية الساحقة فيها، والتي لم يأت ذكرها إلا بشكل عرضي ومنقوص. رغم أن عدد الفلسطينيين كان يفوق، عندئذ، 90 %من مجموع السكان، بينما يمثل اليهود 10 % فقط ولا تتجاوز أملاكهم 2 % من عموم أراضي فلسطين. |
تفاصيل الوعود الغربية البلفورية 1799 - 1917 (1/ 4) 14 - 11 - 2009 أوس داوود يعقوب http://www.falestiny.com/image/200px/ausyakoub.jpg نحو مؤتمر دولي لبحث مسؤولية بريطانيا في ضياع البلادتفاصيل الوعود الغربية البلفورية منذ عام 1799 وحتى عام 1917 تاريخ صدور (وعد من لا يملك لمن لا يستحق) في الثاني من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري مرت الذكرى الـ92 ، على صدور (وعد بلفور) أهم الوثائق الصهيونية وقد أخذ الوعد الذي أعد بصيغته النهائية في 31 تشرين الأول/ أكتوبر عام (1917)، على شكل رسالة بعث بها اللورد آرثر جيمس بلفور في 2 كانون الثاني/ نوفمبر (1917) إلى اللورد إدموند دي روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية، ونشر في الصحف البريطانية صباح يوم (23 من المحرم 1336هـ / الموافق 8 من كانون الثاني/ نوفمبر من نفس العام)، وهو العدد نفسه الذي نُشرت فيه أنباء اندلاع الثورة البلشفية، وقامت طائرات الحلفاء بإلقاء آلاف النسخ من (وعد بلفور، وأنباء صدوره) على يهود روسيا القيصرية وبولندا وألمانيا والنمسا. ويعد صاحب الوثيقة اللورد آرثر جيمس بلفور، من (الصهاينة غير اليهود)، ومع أن الوعد صدر من بريطانيا، إلا أن صياغته وصدوره كان جهداً بريطانياً أمريكياً مشتركاً. أما الفائدة الكبرى من إصداره، فهي تأسيس دولة وظيفية في فلسطين تُوظَّف في إطارها المادة البشرية اليهودية في خدمة الاستعمار الغربي. وقد كان الدافع الحقيقي لهذا الوعد هو رغبة الإمبراطورية البريطانية في زرع دولة استيطانية في وسط العالم العربي في بقعة مهمة جغرافياً لحماية مصالحها الاستعمارية، وخصوصاً في قناة السويس ولحماية الطريق إلى الهند. وحينما صدر (وعد بلفور)، سماه الصهاينة (الميثاق أو البراءة). وقد كانوا، في ذلك، أكثر دقة من كثير من العرب ومؤرخي الصهيونية، فوعد بلفور كان الميثاق الذي يشبه البراءات التي أُعطيَت لبعض الشركات الغربية في أعقاب تقسيم أفريقيا في مؤتمر برلين. وقد أصدرت بريطانيا البراءة بعد التفاوض مع الحلفاء، ووافقت عليه مسبقاً كلٌّ من فرنسا وإيطاليا، ثم أيَّدته الولايات المتحدة الأمريكية، وعليه يعد هذا الوعد وعداً غربياً، وليس وعداً إنجليزياً، كما هو شائع، وقد سعت الدول الاستعمارية العظمى منذ تأسيس الكيان اليهودي الصهيوني، أن يتم توظيفه في خدمة المصالح الإمبريالية الغربية كافة. ومما يثير الاستغراب أن السواد الأعظم من الساسة والبحاثة والكتاب، لا يتعاطون مع هذا الوعد الاستعماري، إلا من باب الندب والتباكي والتظلم، والأجدر بنا جميعاً (فلسطينيين وعرباً) أن نعد العدة لمحاكمة هذا الوعد الكارثي، من حيث صياغة وتوقيت صدوره ونواياه ومراميه، وباعتبار ما شكله لاحقاً من خلق (أرضية أخلاقية- دولية) لإقامة الكيان العنصري اليهودي الصهيوني. وذلك من خلال الإعداد لمؤتمر دولي خاص بوعد بلفور، وتسليط الأضواء على ما أفرزه من آثار مدمرة على أرضنا وشعبنا في فلسطين، وفي المنطقة العربية بشكل عام. واعتبار بريطانيا مسؤولة، مسؤولية قانونية وأخلاقية عن ضياع البلاد وتشريد العباد، وتحميلها مسؤولية تجريد الشعب الفلسطيني من السلاح قبل النكبة عام (1948)، وتحميلها كذلك جزءاً من المسؤولية القانونية عن الجرائم الصهيونية التي ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني منذ بداية عشرينات القرن الماضي وحتى عام (1948). باعتبارها الجهة القائمة بالانتداب، وبالتالي فهي تتحمل مسؤولية كل ما جرى طيلة فترة الانتداب وحتى عام النكبة، وعليه وجب دعوة الحكومة البريطانية للاعتراف بمسؤوليتها عما حدث للشعب الفلسطيني، والتأكيد بعد تقديم اعتذار تاريخي للشعب الفلسطيني أن تعمل على تعويضه بالطرق التي يراها الفلسطينيون. فخلال 28 عاماً من الحكم البريطاني، سنت سلطة الانتداب سلسلة من القوانين، واتخذت العديد من الإجراءات التي سهلت إنشاء الكيان اليهودي الصهيوني. وهنا وجب التأكيد أن كثيراً من السياسيين والمؤرخين يدفعون ببطلان هذا الوعد، وبالتالي بطلان كل ما ترتب عليه من مغالطات وأكاذيب، لأن فلسطين لم تكن، عند صدور الوعد جزءاً من الممتلكات البريطانية. كما أن المؤامرة الدولية على فلسطين، كانت تحاك من قبل الدول الاستعمارية العظمى قبل توقيع اتفاقية سايكس - بيكو عام (1916)، ذلك أن صك الانتداب على غير فلسطين نص على تمكين الشعوب ذات العلاقة من الوصول إلى مرحلة الاستقلال الوطني، إلا أن صك الانتداب على فلسطين تضمن (في المادة الثالثة منه) على تهيئة الأوضاع في فلسطين لإقامة كيان يهودي فيه. وقد تجاهل صك الانتداب واقع فلسطين التاريخي والقومي، ووجود الأكثرية العربية الساحقة فيها، والتي لم يأت ذكرها إلا بشكل عرضي ومنقوص. رغم أن عدد الفلسطينيين كان يفوق، عندئذ، 90 %من مجموع السكان، بينما يمثل اليهود 10 % فقط ولا تتجاوز أملاكهم 2 % من عموم أراضي فلسطين. |
تفاصيل الوعود الغربية البلفورية 1799 - 1917 (1/ 4)
14 - 11 - 2009 أوس داوود يعقوب http://www.falestiny.com/image/200px/ausyakoub.jpg نحو مؤتمر دولي لبحث مسؤولية بريطانيا في ضياع البلادتفاصيل الوعود الغربية البلفورية منذ عام 1799 وحتى عام 1917 تاريخ صدور (وعد من لا يملك لمن لا يستحق) في الثاني من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري مرت الذكرى الـ92 ، على صدور (وعد بلفور) أهم الوثائق الصهيونية وقد أخذ الوعد الذي أعد بصيغته النهائية في 31 تشرين الأول/ أكتوبر عام (1917)، على شكل رسالة بعث بها اللورد آرثر جيمس بلفور في 2 كانون الثاني/ نوفمبر (1917) إلى اللورد إدموند دي روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية، ونشر في الصحف البريطانية صباح يوم (23 من المحرم 1336هـ / الموافق 8 من كانون الثاني/ نوفمبر من نفس العام)، وهو العدد نفسه الذي نُشرت فيه أنباء اندلاع الثورة البلشفية، وقامت طائرات الحلفاء بإلقاء آلاف النسخ من (وعد بلفور، وأنباء صدوره) على يهود روسيا القيصرية وبولندا وألمانيا والنمسا. ويعد صاحب الوثيقة اللورد آرثر جيمس بلفور، من (الصهاينة غير اليهود)، ومع أن الوعد صدر من بريطانيا، إلا أن صياغته وصدوره كان جهداً بريطانياً أمريكياً مشتركاً. أما الفائدة الكبرى من إصداره، فهي تأسيس دولة وظيفية في فلسطين تُوظَّف في إطارها المادة البشرية اليهودية في خدمة الاستعمار الغربي. وقد كان الدافع الحقيقي لهذا الوعد هو رغبة الإمبراطورية البريطانية في زرع دولة استيطانية في وسط العالم العربي في بقعة مهمة جغرافياً لحماية مصالحها الاستعمارية، وخصوصاً في قناة السويس ولحماية الطريق إلى الهند. وحينما صدر (وعد بلفور)، سماه الصهاينة (الميثاق أو البراءة). وقد كانوا، في ذلك، أكثر دقة من كثير من العرب ومؤرخي الصهيونية، فوعد بلفور كان الميثاق الذي يشبه البراءات التي أُعطيَت لبعض الشركات الغربية في أعقاب تقسيم أفريقيا في مؤتمر برلين. وقد أصدرت بريطانيا البراءة بعد التفاوض مع الحلفاء، ووافقت عليه مسبقاً كلٌّ من فرنسا وإيطاليا، ثم أيَّدته الولايات المتحدة الأمريكية، وعليه يعد هذا الوعد وعداً غربياً، وليس وعداً إنجليزياً، كما هو شائع، وقد سعت الدول الاستعمارية العظمى منذ تأسيس الكيان اليهودي الصهيوني، أن يتم توظيفه في خدمة المصالح الإمبريالية الغربية كافة. ومما يثير الاستغراب أن السواد الأعظم من الساسة والبحاثة والكتاب، لا يتعاطون مع هذا الوعد الاستعماري، إلا من باب الندب والتباكي والتظلم، والأجدر بنا جميعاً (فلسطينيين وعرباً) أن نعد العدة لمحاكمة هذا الوعد الكارثي، من حيث صياغة وتوقيت صدوره ونواياه ومراميه، وباعتبار ما شكله لاحقاً من خلق (أرضية أخلاقية- دولية) لإقامة الكيان العنصري اليهودي الصهيوني. وذلك من خلال الإعداد لمؤتمر دولي خاص بوعد بلفور، وتسليط الأضواء على ما أفرزه من آثار مدمرة على أرضنا وشعبنا في فلسطين، وفي المنطقة العربية بشكل عام. واعتبار بريطانيا مسؤولة، مسؤولية قانونية وأخلاقية عن ضياع البلاد وتشريد العباد، وتحميلها مسؤولية تجريد الشعب الفلسطيني من السلاح قبل النكبة عام (1948)، وتحميلها كذلك جزءاً من المسؤولية القانونية عن الجرائم الصهيونية التي ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني منذ بداية عشرينات القرن الماضي وحتى عام (1948). باعتبارها الجهة القائمة بالانتداب، وبالتالي فهي تتحمل مسؤولية كل ما جرى طيلة فترة الانتداب وحتى عام النكبة، وعليه وجب دعوة الحكومة البريطانية للاعتراف بمسؤوليتها عما حدث للشعب الفلسطيني، والتأكيد بعد تقديم اعتذار تاريخي للشعب الفلسطيني أن تعمل على تعويضه بالطرق التي يراها الفلسطينيون. فخلال 28 عاماً من الحكم البريطاني، سنت سلطة الانتداب سلسلة من القوانين، واتخذت العديد من الإجراءات التي سهلت إنشاء الكيان اليهودي الصهيوني. وهنا وجب التأكيد أن كثيراً من السياسيين والمؤرخين يدفعون ببطلان هذا الوعد، وبالتالي بطلان كل ما ترتب عليه من مغالطات وأكاذيب، لأن فلسطين لم تكن، عند صدور الوعد جزءاً من الممتلكات البريطانية. كما أن المؤامرة الدولية على فلسطين، كانت تحاك من قبل الدول الاستعمارية العظمى قبل توقيع اتفاقية سايكس - بيكو عام (1916)، ذلك أن صك الانتداب على غير فلسطين نص على تمكين الشعوب ذات العلاقة من الوصول إلى مرحلة الاستقلال الوطني، إلا أن صك الانتداب على فلسطين تضمن (في المادة الثالثة منه) على تهيئة الأوضاع في فلسطين لإقامة كيان يهودي فيه. وقد تجاهل صك الانتداب واقع فلسطين التاريخي والقومي، ووجود الأكثرية العربية الساحقة فيها، والتي لم يأت ذكرها إلا بشكل عرضي ومنقوص. رغم أن عدد الفلسطينيين كان يفوق، عندئذ، 90 %من مجموع السكان، بينما يمثل اليهود 10 % فقط ولا تتجاوز أملاكهم 2 % من عموم أراضي فلسطين. |
تفاصيل الوعود الغربية البلفورية 1799 - 1917 (2/ 4)
15 - 11 - 2009 أوس داوود يعقوب http://www.falestiny.com/image/200px/ausyakoub.jpg * السمات الأساسية للمشروع الصهيوني:ولفهم طبيعة (الوعد البلفوري)، وإدراك نواياه ومراميه، لا بد للقارئ من فهم السمات الأساسية للمشروع الصهيوني، والتي تتضح أساساً في عدة حقائق أهمها: أن الفكرة الصهيونية ظهرت في أوربا في القرن التاسع عشر، وهو عصر الاستعمار الأوربي القومي للقوميات الأخرى، وقد استمد كثيراً من مبرراته، من الأفكار القائمة على التمييز العنصري. كما أن فكرة قيام كيان يهودي، ثم تحوَّل إلى صهيوني، انطلقت من قبَل الزعامات الأوربية قبل أن تتحول إلى تنظيم لليهود والصهاينة، حيث كما بينا سابقاً كان نابليون بونابرت أول من أعلن عام (1799)، عن استعداده للسماح لليهود بإعادة بناء الهيكل في القدس إذا ساعدوه في حربه مع بريطانيا العظمى من أجل السيادة على الشرق الأدنى والطريق إلى الهند. كما أعلن بسمارك عن رغبته في إنشاء كيان يهودي، حول نهر الفرات لحماية مشروع خط الملاحة الألماني التجاري الذي فكرت ألمانيا، آنذاك، في إنشائه لتخرج من دائرة احتكار بريطانيا للطرق التجارية المؤدية إلى الشرق الأقصى. وفي عام (1837) طلب بالمرستون رئيس وزراء بريطانيا، من سفيره في إستانبول الاتصال بيهود الشرق الأدنى ليطلبوا حماية بريطانيا، لتتمكن من تحقيق وجود لها على غرار الوجود الذي حققته فرنسا في الشرق الأدنى، تحت شعار (حماية المسيحيين الكاثوليك)، وذاك الذي حققته روسيا القيصرية أيضاً تحت شعار (حماية المسيحيين الأرثوذكس). وبعد قيام الحركة الصهيونية بتشجيع ألماني بريطاني جرى صراع حول الاستقطاب إلى أن نجحت بريطانيا في احتواء الحركة الصهيونية وإبعاد النفوذ الألماني، بوصول حاييم وايزمان وديفيد بن جوريون إلى موقع القيادة الأول. وقد قامت (إسرائيل) كدولة صهيونية من خلال ما يُسمَّى بالشرعية الدولية المتمثلة في قرار الجمعية العمومية المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر عام (1947) بتقسيم فلسطين، مع أن هذا القرار يتناقض مع المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، لأنه صادر إرادة شعب فلسطين وحقه في تقرير مصيره، فضلاً عن أن تهجير تجمعات بشرية إلى وطن يسكنه شعبه رغم إرادة هذا الشعب، ثم إعطاء هؤلاء المهاجرين حق سلب جزء من الوطن، عمل يتناقض مع الحقوق الطبيعية للشعوب التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان. وتعد دولة (إسرائيل) الدولة الوحيدة في العالم التي قامت بفعل الغير، ووفق شروط تفصيلية تناولت حتى مبادئ الدستور، ونصت على عدم المساس بالحقوق السياسية والمدنية والثقافية والدينية والاقتصادية لغير اليهود في القسم المخصص لليهود في فلسطين. كما أنها الدولة الوحيدة التي وضع على قبول عضويتها في الأمم المتحدة شروط حددها (بروتوكول لوزان) الذي وقعته حكومة (إسرائيل). وأهم هذه الشروط قيام (إسرائيل) بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين، بما في ذلك شروط قرار التقسيم وقيام دولة (إسرائيل)، وقرار حق الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم وبيوتهم وممتلكاتهم، والتعويض لمن لا يرغب في العودة منهم. ولكن (إسرائيل) ترفض حتى الآن تنفيذ أي قرار من قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك ما يتصل بحدودها، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وهو ما يجعل عضويتها في الأمم المتحدة باطلة وغير شرعية. وجدير بالذكر أن القادة الصهاينة لم يعلنوا قبل قيام دولة (إسرائيل) موافقتهم على قرار التقسيم ورفضوه كما رفضه شعب فلسطين، ولكنهم في الاجتماع الذي عُقد في "تل أبيب" في كانون الأول/ ديسمبر عام (1947)، قرروا عدم إعلان رفضهم له أو موافقتهم عليه، والعمل على تنفيذه كمرحلة أولى من مراحل العمل من أجل تحقيق الاستيلاء على كل فلسطين كقاعدة انطلاق باتجاه تحقيق (إسرائيل الكبرى) كهدف نهائي جغرافياً. وترفض (إسرائيل) كذلك عملياً الالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان على غير اليهود، كما ترفض الالتزام بالمواثيق الدولية ومنها اتفاقيات جنيف في كيفية التعامل مع الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة. ولا توجد دولة في الأمم المتحدة، صدرت بحقها قرارات إدانة في هذا المجال ، ومجال رفضها الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، كما صدر بحق دولة (إسرائيل)، بما في ذلك ما يتصل بانتهاكاتها سيادة دول البلدان العربية (لبنان - السعودية - سوريا - مصر - تونس - العراق – الأردن)، وكذلك انتهاكاتها المستمرة لاتفاقيات الهدنة مع دول الطوق. * الإنجليز أصل الداء والبلاء.. وجه البريطانيون أنظارهم في بدايات القرن الماضي، بكونهم القوة الاستعمارية العظمى، نحو الشرق الأوسط، وسعوا لاعتبارات إستراتيجية واقتصادية إلى توطيد سيطرتهم ونفوذهم في المنطقة. طبقاً لقرار مؤتمر (سان ريمو) لدول الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، وفي سياق اقتسام مناطق النفوذ في العالم بين الدول الاستعمارية الكبرى، وُضعت فلسطين عام (1920) تحت الانتداب البريطاني، ورأت الحكومة البريطانية أن تحصل على تصديق دولي لهذا القرار، فعرضته على عصبة الأمم التي أصدرت (صك الانتداب) عام (1922)، وضمَّنته بريطانيا نص (وعد بلفور)، فأصبح الوعد بذلك وثيقة دولية. وقد اتبعت سلطات الانتداب البريطاني سياسة موالية للصهيونية، فعُيَّن الصهيوني السير هربرت صمويل مندوباً سامياً بريطانياً، وتم إفساح المجال لعمل المؤسسات الصهيونية المختلفة، مثل: (الصندوق التأسيسي الفلسطيني، الهستدروت، والمجلس القومي وغيرها من المنظمات والجمعيات والحركات العسكرية والاستيطانية). كما مُنحت عدة امتيازات "للمستوطنين" الصهاينة مكنتهم من السيطرة على كثير من المصالح الاقتصادية الحيوية في فلسطين، وجرى تعاون واسع بين سلطات الانتداب والوكالة اليهودية. وفي ظل هذه الأوضاع، تزايد النشاط الصهيوني واتجه إلى وسيلتين: الأولى: تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين على أوسع نطاق، والثانية: تشجيع انتقال الأراضي من العرب إلى اليهود بالطرق المختلفة؛ كشراء الأراضي، ومَنْح القروض لليهود، وتقديم المساعدات لتشييد "المستوطنات". |
ومن ناحية أخرى، شجعت سلطات الانتداب تأسيس المنظمات العسكرية الصهيونية، مثل: (الهاجاناه، إتسل، وليحي). وشاركت هذه السلطات في تدريب أفرادها وتطوير وسائلها، وتسترت على نشاطها الإرهابي ضد السكان العرب.
وأمام تَصاعُد الرفض العربي للسياسة البريطانية الجائرة في فلسطين، وللإرهاب الذي تمارسه المنظمات المتطرفة الصهيونية، ولمواجهة الانتفاضات العربية المتتالية، أوفدت بريطانيا عدة لجان لدراسة الأوضاع في فلسطين واقتراح حلول لمشكلتها، وهي: لجنة هيكرافت (1921)، لجنة شو (1930)، لجنة بيل (1936)، اللجنة الملكية للتحقيق (1936)، ولجنة وودهيد (1938). كما أوفدت عصبة الأمم لجنة البراق الدولية إلى فلسطين عام (1930) لدراسة الأوضاع إثر انتفاضة البراق عام (1929)، كما أوفدت بريطانيا أيضاً سير جون سمبسون إلى فلسطين لهذا الغرض، وشكلت مع الولايات المتحدة لجنة مشتركة لتقصي الحقائق هي اللجنة الأنجلو أمريكية عام (1946). ودرجت الحكومة البريطانية أيضاً، خلال فترة الانتداب، على إصدار الكتب البيضاء لمعالجة الأوضاع المتفجرة في فلسطين. وقد قوبلت هذه الإجراءات بالرفض من الجانب العربي الذي لم يأل جهداً في سبيل التخلص من الاحتلال البريطاني والتغلغل الصهيوني في فلسطين. أما الجانب الصهيوني، فقد اتسمت علاقته مع سلطات الانتداب بالتعاون والتنسيق التام، عدا بعض الفترات القليلة التي شهدت خلافات بينهما نظراً لرفض الصهاينة نصوص الكتب البيضاء، ولرغبتهم في الضغط على بريطانيا لدفعها إلى مواقف أكثر تأييداً للمشروع الصهيوني. وقد وصلت الخلافات إلى حد الصدام المسلح بين الطرفين في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وقد كان الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان يعرف جيداً، أن ما يحرك الإنجليز وغيرهم من القوى الغربية، هو دوافع المصالح الإمبريالية، وأن مهمته تتلخص في تقديم المادة البشرية حتى يمكنهم توظيفها، حيث صرح قائلاً: (إن وافقت إنجلترا على منحنا فلسطين، فإننا سنحصل على وطن وستحصل هي على سند فعَّال). وأضاف وايزمان أنه لم يحلم قط بوعد بلفور، وأنه جاء بكل صراحة بشكلٍّ مفاجئ. إذ كان قد أعد نفسه لأن يبدأ نشاطه بعد انتهاء الحرب، ولكن الإمبراطورية الإنجليزية كانت قد قررت أن تُوظِّف اليهود لمصلحتها. ومن ثم، لم يكن هناك مفر من إدخالهم في الصورة. ولذا، وعلى عكس المُتصوَّر، لم يبادر الصهاينة بالمفاوضات مع الحكومة الإنجليزية، وإنما نجد أن الحكومة البريطانية هي التي بادرت بالاتصال بهم. وقد تَقدَّم الصهاينة بمطالبهم، ولكن رئيس الوزراء إسكويث، آنذاك، كان ملتزماً بسياسة إحلال العرب محل الأتراك. ولكن قبل استقالة إسكويث، كانت الحكومة البريطانية قد درست مستقبل فلسطين وتوصلت إلى مخطط بشأن هذا المستقبل. وما يثبت هذا القول المذكرة التي تقدَّم بها السير هربرت صموئيل في شهر آذار/ مارس عام (1915) للحكومة البريطانية ووضَّح فيها الاحتمالات الممكنة لمستقبل فلسطين بعد انهيار الدولة العثمانية. وقد تضمنت المذكرة خمسة احتمالات كان أهمهما: الأول: هو (الإقامة المبكرة لدولة يهودية وإنشاء محمية بريطانية). لكن هذا الاحتمال تم رفضه لأن اليهود كانوا لا يشكلون، يومها، سوى أقلية صغيرة لا تُذكَر (الأمر الذي سيؤدي إلى تلاشي حلم الدولة الصهيونية). وتضيف المذكرة أن زعماء الحركة الصهيونية (كانوا على إدراك تام لهذه الاعتبارات). وأما الثاني: فهو الاحتمال الأوحد القابل للتحقيق حسبما جاء في المذكرة، ويتمثل في عدة نقاط هي: 1- يشكل إنشاء المحمية ضماناً لسلامة مصر [أي سلامة المصالح الإمبراطورية البريطانية التي كانت مصر تشكل إحدى ركائزها الأساسية]. 2- سوف يُقابَل إعلان الحماية البريطانية بالترحيب من السكان الحاليين [وسيتم بالتالي تحاشي الصدام مع اليهود]. 3- ستُعطَى المنظمات اليهودية تحت ظل الحكم البريطاني تسهيلات لابتياع الأراضي وإنشاء المستعمرات وإقامة المؤسسات التربوية والدينية، والتعاون في إنماء البلاد اقتصادياً، وستنال مسألة الهجرة اليهودية مركز الأفضلية بحيث يتحول السكان اليهود إلى أكثرية مستوطنة في البلاد [أي توطيد دعائم الاستيطان الصهيوني]. 4- ستؤدي هذه الخطوة إلى شعور يهود العالم بالامتنان تجاه بريطانيا وسوف يؤلف اليهود كتلة متحيزة للإمبراطورية البريطانية. وإذا كان هذا هو الإطار العام، فإن التحرك من خلاله كان يتطلب استقالة إسكويث عام (1916)، وقد حل محله لويد جورج كرئيس للوزراء وبلفور وزيراً للخارجية. وهنا ظهر السير مارك سايكس (1979- 1919)، المهندس الحقيقي لوعد بلفور، الذي عُيِّن مستشاراً لوزارة الخارجية البريطانية لشؤون الشرق الأوسط. ويكاد يكون هناك ما يشبه الإجماع بين المؤرخين على أن الإمبراطورية البريطانية كانت شديدة الاهتمام بفلسطين، وقد أبرمت معاهدة (سايكس- بيكو) لتحديد طريقة تقسيم الدولة العثمانية. ولم يشترك الصهاينة في المفاوضات المؤدية، ولم يُدعَوا إليها، ولم يعرفوا بها حتى بعد توقيعها، أي أن مصير فلسطين تقرَّر دون مشاركتهم. وتجدر الإشارة إلى أن (وعد بلفور) قد تأخر صدوره بعض الوقت بسبب معارضة يهود إنجلترا المعادين للصهيونية، إذ قاد لوسيان وولف وسير إدوين مونتاجو حملة ضد الوعد وإصداره لأنه يُسقط حق المواطنة عن اليهود ويجعلهم مواطنين في دولة أخرى. واستجابةً لهذه الضغوط، أُسقطت من صياغة الوعد الأولى، عبارة (الجنس اليهودي) وحل محلها عبارة (الشعب اليهودي)، كما أضيفت عبارة أن (الوعد لن يؤدي إلى الإخلال بالحقوق والأوضاع القانونية التي يتمتع بها اليهود في أية دولة أخرى). |
الدور البريطاني منذ منتصف القرن الثامن عشر:
في مقال له بعنوان (قرنان على وعد بلفور)، يسلط الناشط السياسي الفلسطيني الدكتور إبراهيم حمامي الضوء على خفايا الدور البريطاني، والمراحل المتلاحقة التي أدت إلى صدور الوعد المشؤوم، حيث تمثلت مصلحة الاستعمار الأوروبي والبريطاني بالذات، في فصل الجزء الآسيوي عن الجزء الأفريقي من الوطن العربي، وخلق ظروف لا تسمح بتحقيق الوحدة بين الجزأين في المستقبل. ووجدت بريطانيا في فلسطين مكاناً ملائماً لبسط نفوذها بسبب الموقع الجغرافي الذي تتمتع فيه وسط الوطن العربي، وباعتبارها البوابة التي تربط بين آسيا وأفريقيا. وقد بدأ الموقف البريطاني يتضح بعد حملة محمد علي باشا والي مصر إلى بلاد الشام، عندما أرسل ابنه إبراهيم باشا إلى المنطقة، مما أثار بريطانيا لأنها خشيت أن تتوحد مصر مع بلاد الشام في دولة واحدة، لهذا ساهمت الحكومة البريطانية مع الدولة العثمانية في إفشال حملة إبراهيم باشا. وبعد تدخل بريطانيا، أرسل بالمرستون رئيس وزراء بريطانيا مذكرة إلى سفيره في إستانبول في عام (1840)، شرح فيها الفوائد التي سوف يحصل عليها السلطان العثماني من تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين وقال: (إن عودة الشعب اليهودي إلى فلسطين بدعوة من السلطان وتحت حمايته يشكل سداً في وجه مخططات شريرة يعدها محمد علي أو من يخلفه). وفي آذار/ مارس عام (1840) وجه البارون اليهودي روتشيليد خطاباً إلى بالمرستون قال فيه: (إن هزيمة محمد علي وحصر نفوذه في مصر ليسا كافيين لأن هناك قوة جذب بين العرب، وهم يدركون أن عودة مجدهم القديم مرهون بإمكانيات اتصالهم واتحادهم، إننا لو نظرنا إلى خريطة هذه البقعة من الأرض، فسوف نجد أن فلسطين هي الجسر الذي يوصل بين مصر وبين العرب في آسيا. وكانت فلسطين دائماً بوابة على الشرق. والحل الوحيد هو زرع قوة مختلفة على هذا الجسر في هذه البوابة، لتكون هذه القوة بمثابة حاجز يمنع الخطر العربي ويحول دونه، وإن الهجرة اليهودية إلى فلسطين تستطيع أن تقوم بهذا الدور، وليست تلك خدمة لليهود يعودون بها إلى أرض الميعاد مصداقاً للعهد القديم، ولكنها أيضاً خدمة للإمبراطورية البريطانية ومخططاتها، فليس مما يخدم الإمبراطورية أن تتكرر تجربة محمد علي سواء بقيام دولة قوية في مصر أو بقيام الاتصال بين مصر والعرب الآخرين). وعلى الرغم من أن النجاح لم يكتب في هذه الفترة للمخططات الاستعمارية الأوربية، الفرنسية والبريطانية، إلا أن الفكرة لم تمت، ولم يستسلم خلفاء بالمرستون فعادوا للتمسك بمخططهم الداعي إلى توطين اليهود في فلسطين. حيث تبنى ديزرائيلي رئيس وزراء بريطانيا ووزير خارجيته اللورد سالزبري عام (1875)، مشروع بالمرستون فشجعا اللورد لورنس أوليفانت بالتفاوض مع الحكومة العثمانية حول أرض يمكن لليهود استيطانها، غير أن الأحداث تلاحقت ففي عام 1880 فاز حزب الأحرار في الانتخابات وتولى غلادستون خلفاً لديزرائيلي منصب رئاسة الحكومة البريطانية، ولم يكتب، إثر ذلك، النجاح للمشروع. ولم يتوقف دور المنظمة الصهيونية العالمية بعد موت هرتزل، بل استمر بنفس الوتيرة ولنفس الهدف، وبعد اتفاقية سايكس- بيكو (1916) التي حصلت فرنسا بموجبها على أجزاء من سوريا وجنوب الأناضول وعلى منطقة الموصل في العراق (لونت باللون الأزرق)، وحصلت بريطانيا على أراضي جنوب سوريا إلى العراق شاملة بغداد والبصرة والمناطق الواقعة بين الخليج العربي والأراضي الممنوحة لفرنسا وميناءي عكا وحيفا (لونت باللون الأحمر)، أما بقية مناطق فلسطين فقد لونت بـ(اللون البني)، واتفق على أن تكون دولية. في أعقاب تلك الاتفاقية عمد قادة الحركة الصهيونية وعلى رأسهم اللورد روتشيلد وحاييم وايزمان لإجراء اتصالات مع بريطانيا أدت إلى إصدار (وعد بلفور)، وكان من الأسباب التي دفعت بريطانيا للموافقة على الوعد هو أن تكون الدولة اليهودية خط الدفاع الأول عن قناة السويس واستمرار تجزئة الوطن العربي. واستمرت الضغوطات الصهيونية والمؤامرات الدولية دون توقف ومرت بعدة مراحل تمهيداً لصدور (وعد بلفور)، وقد كان الدور البريطاني في هذه المؤامرة حاسماً بدعم وتأييد من الدول الاستعمارية العظمى. وما إن وضعت الحرب تركة الإمبراطورية التركية على جدول الأعمال حتى تقدم هربرت صموئيل الذي اشترك في الوزارة البريطانية في هذه الفترة بمشروع يقوم على ضم فلسطين إلى الإمبراطورية البريطانية وزرع ثلاثة أو أربعة ملايين يهودي فيها وبذلك تحقق حلف بين الفريقين يخدم مصالح بريطانيا. وفي هذا الوقت بالذات، أي في نهاية عام (1914)، ومطلع عام (1915) كان حاييم وايزمن يكاتب محرر المانشستر غارديان س. ب. سكوت قائلاً: (في حالة وقوع فلسطين في دائرة النفوذ البريطاني وفي حالة تشجيع بريطانيا استيطان اليهود هناك.. فستستطيع خلال عشرين أو ثلاثين سنة من نقل مليون يهودي أو أكثر إليها فيطورون البلاد ويشكلون حارساً فعالاً يحمي قناة السويس). كما كتب رئيس وزراء بريطانيا هربت إسكويث في كتابه (شكريات وتأملات 1852- 1928)، تحت التاريخين ( 28 كانون الثاني/ يناير و13 آذار/ مارس 1915)، يصف بعض ملامح مشروع هربرت صموئيل، ولاحظ أن (الغريب في الأمر أن يكون نصير المشروع الوحيد الآخر في الوزارة لويد جورج ولا حاجة بي للقول إن لويد جورج لا يهتم بالمرة باليهود، لا بماهيتهم ولا بمستقبلهم ولكنه يعتقد أنه من انتهاك الحرمة السماح بانتقال الأماكن المقدسة في فلسطين إلى حوزة أو حماية [فرنسا اللا إدارية الملحدة]). وكتب كذلك لويد جورج في كتابه (الحقيقة حول معاهدات الصلح)، [ لندن 1938 المجلد الثاني] : (إن نوايا الدول الحليفة بشأن فلسطين حتى عام 1916 جسدها اتفاق سايكس- بيكو، بموجبه كانت البلاد ستشوه وتمزق إلى أقسام لا تبقى هناك فلسطين). وقد كان وزير الخارجية البريطانية آرثر جيمس بلفور عام (1917) من أكثر المتحمسين للفكرة الصهيونية وحاول إقناع أعضاء الحكومة في اجتماعهم، في 4 تشرين الأول/ أكتوبر (1917) بأن يهود روسيا وفرنسا يدعمون فكرته بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين معتمداً على تقارير من الصهاينة المقيمين في لندن ومتجاهلاً التقارير الرسمية من مندوبي وسفراء الحكومة في مواقع الحدث. وفي اجتماع الوزارة البريطانية في 31 تشرين الأول/ أكتوبر أوضح بلفور نفسه ما يفهمه من التعبير (وطن قومي يهودي). يعني شكلاً من أشكال الحماية البريطانية أو الأمريكية أو غيرهما ستتوفر لليهود في ظلها مرافق وتسهيلات كافية تتيح لهم بناء مقومات خلاصهم الذاتي فيرسون بالمؤسسات التربوية والصناعية قواعد مركز حقيقي للثقافة القومية وموئلاً للحياة القومية، وهو لا ينطوي بالضرورة على تأسيس دولة يهودية مستقلة في أمد قريب، إذ يتوقف هذا الأمر على التطور التدريجي وفقاً لسنة التطور السياسي المعهودة). (يتبع...). |
الساعة الآن 03:34 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |