[يحيى الحميداوي]

حملة ضد رواتب البرلمانيين
الكاتب توفيق التميمي






من الأمور المفرحة ان يفتتح مجلس النواب الجديد أعماله بإعاة النظر في نظامه الداخلي كما نقلته الينا وكالات الأنباء ضمن نشاطات وفعاليات ومهام أخرى أعطت صورة مشرقة عن عمل الفريق البرلماني الجديد، لكن لم تتحدث الأخبار الواردة من أروقة مجلس النواب عن وجود نية جادة ومخلصة من قبل البرلمانيين الجدد في إعادة النظر بالرواتب الخيالية والامتيازات الفلكية التي يتمتع بها البرلمانيون الحاليون والتي تمتع بها السابقون من قبلهم، وعلى ضوء دراسة الشخصية العراقية التي تمتاز بالاستحواذ والازدواجية والغلبة البدوية (على ذمة علي الوردي) فمن الصعب ان يتخلى عراقي عن مصدر متاح ومريح للإثراء الفاحش هكذا دون ضغوطات او لمجرد دوافع إنسانية.

صحيح اننا سمعنا عن كثير من النواب السابقين والحاليين بانهم يدعون بحماسة وصوت عال النبرات عبر وسائل الاعلام لتخفيض رواتبهم، ولكن نقلت الينا الانباء نفسها ان هؤلاء البرلمانيين كانوا انفسهم في مقدمة المتسابقين على موظف الحسابات لاستلام رواتبهم الخيالية التي لاتستوعب فضاءاتها الرقمية مخيلة اي مواطن بسيط يعيش بالقدرة وسط حياة صاخبة وباهظة الثمن كحياتنا.

ولذلك فالأمر سيكون مناطا بالمنظمات المدنية ذات الشعور العالي بالمسؤولية كما هو مناط بالشرف المهني للاعلاميين الذين يدركون ان المهمة الرئيسية للاعلام الشريف تكمن في الاصطفاف جنبا الى جنب مع هموم وآلام الأغلبية الصامتة من المواطنين والتي تجد في هذا الإعلام صدى لوجعها وأنينها .

فالبرلمانيون الجدد يبدو انهم ماضون في سنة من سبقهم وهي سنة مخالفة للقاعدة النبوية القائلة (ليس منا من نام شبعانا وجاره جائع) وصحيح ان فقراء العراق الذين ينحدرون دون مستوى خط الفقر الذي حددته المنظمات العالمية يبتعدون عن المنطقة الخضراء المتنعمة بالخدمات، ولذا ربما لايعد هذا الجيش من الفقراء جيرانا للبرلمانيين حسب ذلك.

إعادة النظر في النظام الداخلي ستكون فرصة للضغط الجماهيري والمدني والاعلامي بهذا الاتجاه، حرصا على تخفيف الغضب والاحتجاج ازاء هذا التورم المالي غير المشروع والذي يسعى لتكريس طبقة سياسية غريبة مصدر ثرائها الوحيد لحظة الصدفة التي قادتها الى الفوز بمقعد برلماني!

ومادامت الفرصة متاحة دستوريا للاعلام والمجتمع المدني بكل فصائله للتعبير عن الاحتجاجات المدنية، فلنتعاهد كإعلاميين ومجتمع مدني على توحيد جهودنا في إطلاق حملة إعلامية لاتتوقف حتى يستجيب البرلمانيون الى نداءاتنا الملتاعة، وتصاغ فقرات هذا النظام في ما يتعلق بالامتيازات المالية كما هو معمول في أغلب بلدان العالم، علما ان الضرر العام المستقبلي الذي يترتب على هذا الملف بالغ الخطورة ان حسبنا رواتب البرلمانيين اثناء خدمتهم وبعد تقاعدهم لسنوات مقبلة وهي تستنزف من جسد المال العام الذي يفترض ان ينفق في مشاريع تنموية وإنسانية سيكون العراق بأمس الحاجة اليها ليرتقي الى مصاف الدول المنطقة التي سبقتنا كثيرا او محاولة اللحاق بها على الأقل.عن العالم[/color]