[صائد الأفكار]

تطور صناعة الصابون



كان سكان آسيا الصغرى يستعملون رماد النباتات في تنظيف أيديهم ، كما كان السومريون في
" أور" وكذلك المصريون القدماء يحضرون بعض المحاليل القلوية المستخلصة من النباتات ويستعملونها في أغراض مشابهة .

وكانت هذه المواد تقوم مقام الصابون فيما مضى ، ولكن الصابون الذي نعرفه اليوم لم يظهر إلا على يد الفينيقيين منذ 600 سنة قبل الميلاد ، وكانوا يصنعونه بتسخين دهن الماعز مع رماد بعض النباتات في وجود بعض الماء، وعندما يبرد هذا الخليط يتحول إلى كتلة شمعية الملمس تشبه الصابون الذي نعرفه اليوم إلى حد كبير .

وقد انتقلت هذه الطريقة بواسطة البحارة الفينيقيين غلى الاغريق والرومان ، ثم انتقلت بعد ذلك الى كثير من الاقطار الاخرى ، وازدهرت بصفة خاصة في فينيسيا . وقد توقفت صناعة الصابون مدة من الزمن في العصور الوسطى في أوروبا عندما قررت الكنيسة أن تعرية الجسم عمل محرم حتى ولو كان بغرض الاستحمام .

وقد تطورت صناعة الصابون بعد ذلك ، وأضيفت إليه اضافات اخرى لتجعله جامدا ومن المعتقد ان العرب هم اول من صنع هذا الصابون الجامد وكان ينتج في منطقة الشام في نابلس وحلب ودمشق ويصدر منها الى الاقطار الاخرى ثم انتشرت صناعته بعد ذلك في اوروبا واضيفت اليه مواد مالئة مثل الطلق ومسحوق الحجر الخفاف كما اضيفت اليه بعض المواد الملونة والعطور التي ترضي كل الاذواق ..

وقد وصف " داود الانطاكي " صناعة الصابون من زيت الزيتون والقلى ، وكذلك فعل " أبو بكر الرازي " الذي وصف ايضا فصل الجلسرين في هذه العملية التي سميت فيما بعد با سم
" التصبن " .

والصابون في ابسط صوره عبارة عن ملح الصوديوم او البوتاسيوم لبعض الاحماض العضوية طويلة السلسلة مثل حمض البلمتيك او حمض الاستياريك ولذلك نجد ان جزيئات الصابون بها جزء محب للماء وهو الجزء المحتوي على مجموعة الكربوكسيل وبها جزء كاره للماء وهو الجزء الذي يتكون من السلسلة الهدروكربونية للحمض .

والطريقة التي يعمل بها الصابون تعتمد بصفة عامة على هذه الصفات المحبة والكارهة للماء فالجزء الهدروكربوني الكاره للماء يمتص في غشاء الدهون والاوساخ التي تنتشر على سطح النسيج ، على حين يبقى الجزء المحب للماء مغمورا في الماء وعند امرار تيار من الماء في اثناء الغسل تحمل سلاسل الصابونهذه الاوساخ معها .

ويفقد الصابون قدرته على التنظيف في الماء العسر ، أي الماء الذي يحتوي على املاح الكالسيوم والمغنيسيوم
لانه يكون معها راسبا لا يذوب في الماء ...